بين أفعال المغرب واقوال فرنسا.. الفرق الكبير

الكاتب : الجريدة24

29 يناير 2023 - 11:17
الخط :

 

هشام رماح
دأبت المملكة المغربية على الوضوح، متى تعلق الأمر بالدفاع عن مصالحه في مواجهة الغموض الذي يكتنف المواقف الفرنسية في تعاطيها مع القضايا السيادية، وشتان بين الواضح والحربائي.
فرنسا نفت، ويم الخميس المنصرم، عبر "آن-كلير لوجاندر"، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، لكن هذا النفي لم يكن إلا محاولة لذر الرماد في عيون المغرب المتبصر، لتنبري الرباط إلى إلغاء اجتماعين هامين لمسؤولين فرنسيين، ليظهر إلى فرنسا كيف أنه صلد لا ينساق وراء المظاهر الخداعة.
لقد جاء الرد المغربي على فرنسا مفحما بالأفعال على أقوال الناطقين باسمها، الذين يجدون في ترديد الكلام المعسول مطية منهم لمحاولة تلطيف الأجواء المشحونة، من قبلهم وهم يتبنون سياسة "ماكرونية"، لا تخدم العلاقات الثنائية في شيء.
وتحرى المغرب كل الوضوح وهو يعيد ترتيب علاقاته مع فرنسا، بمنطق الند للند، وقد ألغى بعد يومين على النفي "الرسمي" لوجود أزمة بينهما، "أوليفييه لوكوانت"، نائب مدير شمال إفريقيا والشرق الأوسط في الدائرة العامة للتسليح في وزارة الدفاع الفرنسية.
المسؤول الفرنسي كان مقررا أن يزور المملكة بين 23 و 24 يناير الجاري، لكنه فوجيء بإلغاء الزيارة، لأن المغرب يطلب أكثر من مجرد الكلام من فرنسا ليبادير أيضا، إلى إلغاء انعقاد اللجنة الاستشارية المشتركة حول التعاون القضائي، التي كانت مقررة يومي 30 و31 من الشهر الجاري.
وبالعودة إلى الأزمة التي تعمر حاليا بين المغرب وفرنسا، فلا خلاف بأن الأخيرة هي التي وفرت ظروفها، عبر تبني مقاربة "نفعية واستفزازية"، تبدت جلية خلال الأشهر الأخيرة، إذ رمت فرنسا العديد من الأوراق على الطاولة لتحاول تركيع المغرب، دون جدوى.
ومؤخرا، ارتأت فرنسا أن تخرج مع المغرب عن الجادة التي كانت تجمعهما، بعدما لعبت بورقة حجب التأشيرة عن المغاربة، في محاولة منها الضغط على المغرب، الذي اختار تنويع شراكاته بعيد عنها، وبالتالي جعله تحت جناحها، ولما لم يلن ولم يخنع لها مثل جيرانه، فإنها اعتمدت طرقا جديدة لبلوغ هذا المرمى.
وإذ تتميز السياسة الفرنسية بالتحور مثل الفيروسات التي انتشرت في العالم مؤخرا، فإنها حاولت جاهدة إلى محاولة النيل منه عبر إذكاء خطابات معادية للمملكة المغربية في البرلمان الأوربي، فضلا عن إطلاقها أبواقها الإعلامية لتبخيس كل ما هو مغربي وفسح المجال لأعداء وحدته الترابية، ولو بالضرب تحت الحزام عبر تمكين الإرهابيين من حيز كبير في صحيفة "لوموند"، وهم يدعون لضرب مدنيين مغاربة عبر تنفيذ "كاميكاز" انفصاليين لعمليات انتحارية ضدهم.
ولا يطلب المغرب الكثير من فرنسا، فهو لا يرنو لغير الوضوح منها وخروجها من المنطقة المعتمة نحو الشمس، وهو أمر لم يكن مطلبا ملحا في السابق، حينما كانت المملكة تتعقل، وتنتصر للحكمة والتريث محافظة على شعرة معاوية، لكن الأمور لم تعد كالسابق، وقد عيل صبر الحكماء في مواجهة الصبيان الذين أصبحوا يجربون كل شيء، وكأنه يحل لهم أن ينتقصوا من الجميع مثلما يعاملون جيران المغرب.

آخر الأخبار