هل تحذف كتابات الدولة في التعديل الحكومي المقبل؟

الكاتب : الجريدة24

04 يونيو 2019 - 07:00
الخط :

قبل حوالي سنة أصدر الديوان الملكي بلاغا أعلن فيه أن الملك "تفضل بالموافقة على اقتراح رئيس الحكومة، بحذف كتابة الدولة المكلفة بالماء لدى وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء"، وهو المنصب الذي كانت تشغله شرفات أفيلال المنتمية لحزب "التقدم والاشتراكية".

وأثار القرار حينها -ومازال- جدلا كبيرا داخل الأغلبية الحكومية بين حزبي العدالة والتنمية من جهة ورفاق نبيل بنعبد الله، لوح على إثره حزب "الكتاب" بالانسحاب من الحكومة، محملا رئيس الحكومة والوزير الوصي على القطاع عبد القادر عمارة مسؤولية قرار إعفاء شرفات أفيلال.

وبعيدا عن هذا الجدل المرتبط بالتجانس داخل الأغلبية الحكومية، فإن هناك من ذهب أبعد من ذلك وطرح التساؤل حول الجدوى من كتاب للدولة يكلفون حزينة الدولة أزيد من 70 مليون سنتيم، لاسيما وأن الصراع بين شرفات أفيلال وعبد القادر عمارة كان يتمحور أساسا حول المرسوم المنظم لصلاحيات كاتبة الدولة السابقة، وعدم رغبته في تفويض مهام محددة لها. حينها اتضح أن هذا الوضع يسود جل الوزارات التي ألحقت بها كتابات دولة والبالغ عددها في حكومة العثماني 12 كتابة دولة.

والواقع أن المهام التي يشغلها أغلبية هؤلاء لا تعدو أن تكون شكلية أو شرفية، في حين أن الصلاحيات والمهام الكبيرة تكون في حوزة الوزير الوصي على القطاع ككل، بل إن هناك من لم يسبق لهم تسجيل خروج إعلامي واحد، كما أن أغلبهم ليس له حضور على الساحة السياسية، ولا يظهرون أمام الرأي العام إلا نادرا، وهو ما يطرح سؤال جدوى وجودهم في الحكومة.

وهذا راجع بشكل أساسي إلى أن خلق كتابات الدولة -في الغالب الأعم- لا يكون نتاج حاجة موضوعية لها وإنما من أجل تيسير عملية إرضاء الخواطر الحزبية خلال مفاوضات تشكيل الحكومة. صحيح أن الدستور ترك مجالا لإمكانية وجود هذا المنصب داخل الحكومة، لكنه نص عليه في صيغة يفهم منه ضرورة الحاجة إليه وليس باعتباره أمرا ضروريا داخل الحكومة، إذ أن الفصل 87 من دستور 2011 ينص على أن الحكومة تتألف "من رئيس الحكومة والوزراء، ويمكن أن تضم كتابا للدولة".

لكن ومن أجل إرضاء الطموحات الشخصية داخل الأحزاب يتم خلق كتابات دولة لا حاجة في الواقع لها، بحيث تم منح مجموعة من الأحزاب كتابات للدولة من أجل ترضية الخواطر لا غير. زيادة على أن عددا من الوزراء يحجمون عن نقل الاختصاصات لكتاب الدولة في قطاعاتهم الحكومية كما هو الشأن في قضية عمارة وأفيلال.

وفي هذا الإطار، يذكر أن الوزراء يمكن أن يمنحوا كتاب الدولة تفويضا بالاختصاص أو الإمضاء. الأول يكون بناء على مرسوم وله طابع الاستمرارية إلى أن يصدر قرار بإلغائه، أما فيما يتعلق بتفويض الإمضاء فيكون للوزير المشرف على القطاع إمكانية التراجع عليه.

إن هذا الوضع مع الأسف يؤثر بشكل سلبي على نجاعة العمل الحكومي ككل، نظرا لأنه يؤدي إلى تعدد الاختصاصات وتضاربها بين الوزراء وكتاب الدولة ولاسيما في القطاعات التي يكون بها أكثر من كاتب دولة، ويجعل كتاب الدولة في وضعية عطالة -دون تعميم- في بعض الأحيان ولا يتم الاستفادة منهم ومن خبراتهم، لاسيما وأن بعضهم هم خريجو مدارس ومؤسسات جامعية كبرى ولهم مسار مهني متميز.

إن هذا الوضع بالنظر إلى كلفته يجب إصلاحه خلال التعديل الحكومي المقبل، من خلال الأخذ بعين الاعتبار لعدد من الحقائق، أبرزها أن وجود كتاب الدولة ليس أمرا سلبيا وإنما عملية تطبيقه في المغرب هي السلبية، فالوزير مثلا في بعض الدول الديمقراطية يكون مشرفا على قطاعات متعددة، ما يستدعي تعيين كاتب أو كتاب دولة تسند لهم عدد من الاختصاصات الواضحة بموجب القانون والتي يخضعون للمحاسبة، في حين أن الوضع في المغرب حول هذا المنصب إلى مجرد آلية لإرضاء الأحزاب خلال عملية تدبير مفاوضات تشكيل الحكومة.

وبناء على المؤشرات المتوفرة إلى حدود الساعة، فإن تقليص عدد كتابات الدولة إلى أقصى عدد ممكن بمناسبة التعديل الحكومي القادم أمر ضروري ولم إلغاؤها بشكل نهائي، لأن هذا سوف يؤدي إلى المساهمة في تجويد العمل الحكومي، وعدم تعثره بفعل الصراعات بين الوزراء وكتاب الدولة.

وهذا يتطلب من رئيس الحكومة والأحزاب المشاركة في الأغلبية العمل على تجاوز منطق الترضيات والاعتماد على كتابات الدولة بالفعل في ظل الحاجة إليها بما يفيد تجويد عمل الوزارة وليس عرقلته. كما أنه يجب أن يتم الاعتماد في التعديل الحكومي على منطق التدبير الرشيد للإمكانيات والموارد المغربية والعمل على تجميع القطاعات الوزارية ضمن أقطاب واضحة المعالم.

آخر الأخبار