قصة سبعة رجال.."مول القصور" الذي برع في هندسة "العقول"

الكاتب : الجريدة24

27 نوفمبر 2023 - 11:00
الخط :

 أمينة المستاري

 يعد عبد الله الغزواني الملقب ب"مول القصور" ، من تلاميذ عبد العزيز التباع، ينتمي لقبيلة غزوان وهي قبيلة من عرب تامسنا، قدم من شمال المغرب واستقر بمراكش لتلقي العلم على يد التباع، وترتيبه في لائحة السبعة رجال هو السادس.

وكلمة القصور هي الرياضات وكانت مستقرا للأعيان ورجال الدولة والأسر العريقة والشرفاء كالبوكيليين المصلوحيين والوزانيين...وسمي الغزواني بمول القصور لاعتباره حاميا لهذه القصور.

كان الغزواني مهندس سواقي، قام بتصميم مجموعة منها في المغرب، كما كان يعتني بالجانب الفلاحي واستصلاح الأراضي الزراعية، فكان يقول لأتباعه :" من حفر ساقية صنع للناس طعاما"، فقد كان له حس كبير بضرورة توفير الأمن الغذائي، والترفيه عن الناس، وتفنن في علم الفلاحة بإحداث البساتين والمشاتل، وإدماج التربية الصوفية والالتزام المبدئي.

فقد عرف مول القصور بإطعامه الناس أيام القحط و المجاعة، يقدم لهم المساعدات ويحثهم على مقاومة الخوف من أصحاب السلطة ومن الكوارث الطبيعية، ويحثهم على الزراعة واستصلاح الأراضي فكان يحارب الخلاء ويدعو أتباعه ومريديه لجلب الخضرة والماء والنماء، فالجانب الاجتماعي والاقتصادي كان حاضرا لدى الغزواني، خاصة وأنه عاش في مرحلة حكم السعديين، ناصرهم ضد الوطاسيين.

من بين تلاميذ الغزواني "سيدي عبد الله بن احساين الأمغاري" صاحب زاوية تامصلوحت التي دفن بها، فقد طلب منه مول القصور التوجه إلى منطقة خلاء "تامنصورت" والبقاء بها، دون أن يدري المريد أن هدف معلمه ليس فقط الجانب التعليمي والروحي والصوفي بل أيضا الجانب الاقتصادي والسياسي جانب الاقتصا دفعه إلى استصلاح أرض قاحلة أصبحت اليوم من أخصب المناطق المعروفة بالغرس و الزرع و التشجير و المياه بضواحي مراكش، وبها أقام الأمغاري زاويته التي كان لها بالإضافة إلى دورها الديني دور المقاومة حيث كانت الزوايا تقوم بمواجهة المستعمر سواء تلك المقامة على البحر أو في المدن الداخلية.

فقد كان بعض مريدي الغزواني  كعبد الله بن ساسي مؤسس زاوية جازولية على ضفاف تانسيفت و التي دفن بها، و عبد الله الكوش حسب رواية مجموعة من الكتب، قد ذهبا إلى الجديدة و آزمور من أجل الدفاع حوزة المغرب وتم اعتقالهما وسجنا عند امرأة ولما أطلق سراحهما أعطتهما تلك المرأة مجموعة من الكتب و المخطوطات التي أدخلاها للمدينة.

فالشيوخ كانت لهم مجموعة من الأدوار إلى جانب الدور الديني، فقد كانوا بمثابة قضاة يعقدون مجالس الصلح في أضرحتهم، وكانوا مقاومين للاستعمار، يقومون بأعمال اقتصادية كالفلاحة ....

وعرف الغزواني بقوة شخصيته الروحية ومتانة ثقافته الدينية، ذو فلسفة باطنية، وتميزت طريقة التعبير عنده بالغموض لا يفهمه إلى من فتح عليه كما جاء في كتاب السلوة للكتاني:" لا كلام في الطريق نظما ونثرا، إلا أنه غامض لا يفهمه إلا من فتح عليه".

توفي عبد الله الغزواني سنة 935 هـ، بعد أزمة قلبية أصابته وهو على ظهر حصانه، ودفن بزاويته بسبع تلاوي بحومة "القصور".

آخر الأخبار