"هيئة الرشوة" تقرر تشريح أعطاب الفساد في "الصحة"

الكاتب : الجريدة24

19 يونيو 2025 - 11:15
الخط :

احاول بعض المؤسسات الدستورية فتح ورش تشريح أعطاب الفساد في القطاع الصحي الخاص من جديد، بعدما استفحلت الانتقادات وتراكمت ملفات الفساد ذات الصلة بهذا القطاع.

وأطلقت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة دراسة وطنية شاملة تهدف إلى إعداد خريطة مفصلة لمخاطر الفساد داخل هذا القطاع، وذلك في سياق ما وصفته الهيئة بـ"تحرك جماعي لتأمين الحق في الصحة ومحاصرة جيوب الريع والعبث".

وتستهدف الدراسة، التي تم الإعلان عنها عقب ورشة عمل وطنية نظمت يومي 17 و18 يونيو الجاري بالرباط، تتبع مسار سلسلة توريد الأدوية من التصنيع حتى وصولها للمريض، وكذا رصد الاختلالات البنيوية في ولوج المرضى لخدمات المصحات والعيادات الخاصة، وسط تنامي شكاوى المواطنين من الفواتير الباهظة والتفاوتات في جودة الخدمات.

كبح الفساد
وقال محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة، إن هذه الخطوة تدخل ضمن مقاربة تشاركية مفتوحة، تضم وزارة الصحة والفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني، موضحا أن محاربة الفساد لم تعد مسؤولية حصرية للدولة، بل معركة جماعية تستوجب تعبئة مجتمعية شاملة.

وأكد بنعليلو أن الهيئة ستعمل على إعداد دفتر تحملات صارم، يرسم مداخل الاشتغال على خريطة المخاطر، داعيا إلى تفعيل القوانين وتجريم كل أشكال الفساد، و"التحلي بالشجاعة اللازمة لفضح من يحولون صحة المغاربة إلى مجال للابتزاز والاستغلال".

من جهته، شدد أحمد العمومري، الأمين العام للهيئة، على أن الورش جزء من إصلاح أوسع يهدف إلى ترسيخ العدالة الصحية وتحقيق التغطية الشاملة، مشيرًا إلى أن تنزيل مضامين الدراسة لن ينجح دون انخراط جدي من جميع المتدخلين.

تحذير من الفجوة
وشهدت الورشة مشاركة 24 هيئة ومؤسسة وطنية ودولية، من بينها وزارات وهيئات دستورية وسفارات أجنبية وخبراء دوليون، إلى جانب مهنيي الصحة بالقطاعين العام والخاص، في مؤشر على الطابع الاستراتيجي والهيكلي للملف.

وخلال الورشة، حذر مزيان بلفقيه، الكاتب العام لوزارة الصحة، من كون "الفساد يقوض كل إصلاح، ويضعف ثقة المواطنين في الدولة ومؤسساتها"، مشددا على أن الحكامة الرشيدة لم تعد ترفا بل أصبحت شرطا أساسيا لبناء منظومة صحية متماسكة.

أما سفير مملكة النرويج، شور لارسن، فاعتبر أن الفساد تحدٍ عالمي لا يهدد فقط المال العام، بل يعمق الفوارق الاجتماعية ويمس جوهر العدالة، داعيا إلى تعزيز الدعم الدولي للمبادرات المغربية في هذا المجال.

أعين تترقب
ويأتي هذا التحرك في وقت تشهد فيه المصحات الخاصة موجة من الانتقادات، بسبب ما يعتبره المواطنون تجاوزات في التسعير، وغياب الشفافية في التعامل مع المرضى، واحتكار بعض الخدمات. وتنتظر نتائج هذه الدراسة الوطنية كبوصلة لإصلاحات طال انتظارها، وتحقيق ما تصفه الهيئة بـ"شفافية دوائية وعدالة علاجية".

ويرى مراقبون أن نجاح هذا المشروع سيشكل تحولا في طريقة إدارة ملفات الفساد القطاعي بالمغرب، ويعيد النقاش حول موقع "الحق في الصحة" في السياسات العمومية، خصوصا في ظل تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الإجبارية.

آخر الأخبار