منظمة العفو الدولية: منظمة إنسانية أو سلاح للترهيب وزعزعة الاستقرار ؟

الكاتب : الجريدة24

31 يوليو 2020 - 05:00
الخط :

منذ إنشاء الشركة المحدودة المسؤولية (SARL) المعروفة تحت مسمى منظمة العفو الدولية، يكتنف مزيج من التعتيم والسرية جميع المعلومات المتعلقة بهذه المؤسسة/ الشركة ذات المسؤولية المحدودة التي تلجأ إلى كل الحيل المتاحة والعصية حتى تظل خارج مجال الخضوع لقواعد الحكامة الرشيدة والتدبير الجيد، والشفافية المالية والمساءلة التي يمليها قانون الشركات في الدول التي تتوفر على تمثيليات فوق أراضيها.

ووفق مقال موثق إلى أبعد مدى، نشر في 13 أكتوبر 2017 من قبل Agora Vox، يقدم الموقع تساؤلات حول من يمسك بخيوط اللعبة في هذه المنظمة، التي تجاوز رقم معاملاتها، عام 2015، مجموعا يفوق 278 مليون أورو.

وكانت الصحفية Christelle Néant محررة المقال ختمته بالقول "يمكننا الجزم وبكل الثقة الممكنة أن منظمة العفو الدولية ليست غير مرتزق دولي تستأجره منظمات حكومية ومقاولات من أجل الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية".

واللافت، ها هنا أن منظمة العفو الدولية، تؤكد لنفسها بنفسها نظامها الأساسي، كما تكشف ذلك البيانات التالية التي تم استيفاؤها من موقعها الرسمي
منظمة العفو الدولية الخيرية هي شركة مسجلة في إنجلترا وبلاد الغال (الويلز)، محدودة بضمانة (رقم 02007475) ومؤسسة خيرية مسجلة (رقم 294230)، يتواجد مقرها الاجتماعي بـ1 Easton Street، لندن WC1X 0DW.

ينتظم العمل المباشر من خلال الأمانة الدولية لمنظمة العفو الدولية عبر كيانين قانونيين، وفقا للتشريعات المعمول بها في المملكة المتحدة، ويتعلق الأمر بمنظمة العفو الدولية المحدودة (AIL)، ومنظمة العفو الدولية الخيرية المحدودة (AICL).

منظمة العفو الدولية المحدودة هي شركة مسجلة في إنجلترا وبلاد الغال (الويلز)، محدودة بضمانة (رقم 01606776) ، يتواجد مقرها الاجتماعي بـ1 Easton Street، لندن WC1X 0DW.

منظمة العفو الدولية الخيرية المحدودة هي شركة مسجلة في إنجلترا بلاد الغال (ويلز)، محدودة بضمان (رقم 02007475) ومؤسسة خيرية مسجلة (رقم 294230) ، يتواجد مقرها الاجتماعي بـ1 Easton Street، لندن WC1X 0DW.

ورغم ذلك، تستمر منظمة العفو الدولية في الاستفادة من صفتها كمؤسسة إنسانية، دون وجل أو قلق فيما يتعلق بمراجعة أنظمتها الأساسية، انسجاما والقوانين المؤطرة للجمعيات في البلدان حيث تستوطن، وكذا الاتفاقات التي تحدد بوضوح طبيعة مهامها وأهدافها الحقيقية، مع الالتزام بالتواصل والتداول القبلي مع الحكومات المعنية قبل نشر أي من تقاريرها وليس بعد ذلك، مع إعطاء الأولوية لإجراء التحقيق من لدن جميع الهيئات الدولية للعدل وحقوق الإنسان.

وانسجاما مع ذلك، يتضح جليا أن منظمة العفو الدولية تفتقر، فعلا، إلى الإرادة الصادقة لتحمل مسؤوليتها في كشف الأسباب التي تحول دون إيجاد حلول نهائية في الدول التي تتدخل فيها، إذ ينكشف أن العناية بصورة المنظمة يظل هاجسا يستبد بالقائمين عليها أكثر من إيجاد الحلول المرجوة، مما يسهل بشكل ملحوظ لملمة الأموال مع عدم إيلاء اهتمام لتضارب المصالح والعزف على الوتر العاطفي أكثر من التركيز على الجانب العملي وعلى إنجازات ذات عواقب وخيمة، مثل ما سجل بشأن المبادرة المؤسفة التي عمدت إليها "آمنستي" لفائدة الإرهابي البلجيكي "أسامة العطار"، الذي حررته منظمة العفو الدولية من العراق والذي نشط فيما بعد في التحضير لهجمات 2016 في كل من باريس بفرنسا وبروكسيل في بلجيكا.

وتناولت دراسة أنجزتها AEGE، في عام 2014، وهي جمعية للطلبة وقدماء طلبة مدرسة الحرب الاقتصادية، التي يشرف عليها Christian Harbulot، (تناولت) بالتحليل مصادر تمويل المنظمات غير الحكومية تحت ضغوطات لوبيات قوى عظمى غربية، كما تساءلت عن انحياز "آمنستي" الجلي في اختيار أهدافها وكذا الحملات التي تشنها فضلا عن مواقفها السياسية.

ولا يخفى أن اختيار القضايا التي "تدافع" عنها منظمة العفو الدولية وكذا البلدان التي تتدخل فيها يظل عشوائيا تماما كما أنه موجه ومقصود وغير مبرر، وعلى سبيل المثال، تدافع المنظمة عن شخص يتمتع بالحرية في بلد ديمقراطي، والذي لا يواجه أدنى خطر، كما قد تدافع عن قضية اجتماعية - سياسية واقتصادية تم حلها بالفعل، في الوقت الذي تصرف النظر وتغض الطرف وتصبح متواطئة من خلال صمتها السافر والمدان بشأن الاعتقالات وعمليات التعذيب الجماعي، وحالات الإعدام البارد للمئات من الأفراد، والتهجير القسري للسكان، وعمليات الإبادة الجماعية في حق آلاف الأشخاص المحتجزين رغما عنهم في وسط الصحراء، كما لا تولي اهتماما للشبكات الدولية للاتجار بالبشر، والعنف الممارس ضد النساء والأطفال والأقليات العرقية أو الدينية أو الجندرية، ولا لمافيا الهجرة الجماعية من قارة إلى أخرى التي تخلف مآسي لا تعد ولا تحصى، بحيث أن هذا كله لا يجعل منظمة العفو الدولية تحرك ساكنا، أو أن ما يجعل بعض قادتها يصمون آذانهم عن ذلك هي أجور وتعويضات نهاية الخدمة التي يلزم أن تشعرهم بالعار.

ولعل خير دليل على ذلك، الفضيحة التي دوت بشأن تعويضات نهاية الخدمة التي صرفت لفائدة "إيرين زبيدة خان"، الأمينة العامة السابعة لمنظمة العفو الدولية، والتي جرى شجبها والتنديد بها في مقال نشر في صحيفة Le Canard Enchaîné بتاريخ 23 مارس 2011.

وكانت "إيرين زبيدة خان" استفادت من 533 جنيه إسترليني، وهي القيمة التي تمت محاولة تبريرها عبر بلاغ عن طريق تحويل مكافأة نهاية الخدمة (191697 جنيه إسترليني)، مع نظير مجموع أجور آخر ثلاثة أشهر(168731جنيه إسترليني)، ثم متأخرات مدفوعات مختلفة (59014 جنيه إسترليني)، فضلا عن زيادة بأثر رجعي (58933 جنيه إسترليني)، تعويض الانتقال (34728 جنيه إسترليني)، ومكافأة غير مدفوعة (20000 جنيه إسترليني).

ن الحكامة السيئة لـ"المنظمة غير الحكومية"، وعلى غرار المشهود فيما يوصف بـ"جمهوريات الموز"، تتجسد وتتأكد بالنظر إلى التعويضات "السخية" المتعلقة بنهاية الخدمة في 2019، والتي صرفت لسبعة من أعضاء إدارتها العامة، والتي أثارت موجة غضب عارمة، بعدما بادرت المنظمة تحت ذريعة وجود أزمة مالية خانقة إلى التضحية بما يقرب من مائة آخرين من عمالها المخلصين بناء على قرار السيد "Kumi NAIDOO" الذي وكما أورد مقال في صحيفة "The Guardian"، نشر في 27 أبريل 2019 ، أن السيد NAIDOO كشف وجود فجوة غير مبررة في ميزانية المنظمة، تصل إلى 17 مليون جنيه استرليني من الأموال التي تقدمها الجهات المانحة.
كذلك، تسببت الحكامة السيئة التي تتصف بها منظمة العفو الدولية، في حدوث مآسي حتى وسط أطرها، وهنا من اللازم بما كان، إحاطة الرأي العام الدولي، علما بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى انتحار الراحل "Gaetan Mootoo"، 65 عاما، في باريس في ماي 2018، وكذا المتدربة الهالكة "Rosalind McGregor"، 28 عاما، في جنيف في يوليوز 2018؟

كما يتحتم على منظمة العفو الدولية إبداء رأيها حول التقارير الداخلية التي تعدها فرقها حول هذه الحوادث الدرامية التي تسببت فيها مناورات التخويف في مكان العمل، والمضايقات والتحرش، والتمييز على أساس الجنس والعنصرية، كأسباب تنتصب لتشكل بعضا من أسس قيم "آمنستي" ومبادئها وبشكل أساسي حماية حياة الإنسان؟
كما أن الاستقالة المفاجئة للسيد "KUMI NAIDOO" في 2019، بعدما تم تعيينه في عام 2018، تثير العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه الاستقالة المقنعة، بصرف النظر عن الأسلوب المعسول، الذي استخدمه محررو البلاغ الصحفي المتعلق بهذا الاستقالة.

وتظل أطروحة المرض غير مقنعة البتة، خاصة عندما تعتري الدهشة العالم بأكمله، حول كيف من يوصف جدلا بـ"الخصم الشرس" لنظام الفصل العنصري (الآبارتايد)، والذي طرد من الكلية في جنوب أفريقيا في سن الخامسة عشرة، وحرم من التعلم، قد وجد ملجأ بأذرع مفتوحة في المملكة المتحدة، حيث تلقى تعليما جامعيا "راقيا" مستفيدا من منحة "Rhodes" في جامعة "Oxford" ليحصل بدكتوراة في علم الاجتماع السياسي وشهادة محاماة؟

ومن الجلي أنه وعلى خلفية افتحاص حسابات منظمة العفو الدولية و/ أو نتائج الدراسة التي أنجزتها ونشرتها "آمنستي" في يناير 2019 تحت عنوان "دراسة حول رفاهية المستخدمين" المنجز من قبل " THE KONTERRA GROUP"، وهو مكتب استشاري غير ذي مرجعية قوية، بعد سلسلة الانتحارات الدرامية والغير مفسرة، لاثنين من أعضائها كانت أسبابا عجلت برحيل السيد "Kumi NAIDOO"، وكما هو معتاد فيما يتعلق بمنظمة العفو الدولية ، سيكون من المثير للاهتمام معرفة مبلغ تعويضات نهاية الخدمة التي صرفت لفائدته...

لا تنحصر الفضائح التي لا تعد ولا تحصى في سجل منظمة العفو الدولية، والأكثر إثارة للدهشة يتعلق بإقالة السيدة "Gita Sahgal" في عام 2010 ، لا لشيء سوى لأنها تجرأت على وصف قرار دعم "Moazzam Begg" الإرهابي المحسوب على حركة طالبان بكونه خطأ كبير، مع توفير منصة اختيارات لنظام طالبان في أفغانستان.

وتظل منظمة العفو الدولية مدعوة بشكل ملح لشرح هذه القضية الفاضحة التي نشرتها صحيفة "The Guardian" الرصينة في عددها المنشور في 25 أبريل 2010.
ولا جدال في أن الإرادة المشوبة بالكثير من الهواية، والتي دفعت منظمة العفو الدولية إلى إعادة تنظيم وكذا إعادة توجيه أنشطتها "المزعزعة للاستقرار الإنساني" قد تم فرضها وإملاؤها من قبل المتحكمين فيها المتخفين، حتى يطوي النسيان جملة من الفضائح والإخفاقات من قبيل:

علاقاتها المريبة مع عملاق في قطاع المحروقات (الهيدروكربورات)، والتي أكدتها "Jane Birkin" في لندن وفق موقع "Bakchich".
المناورات البائسة ثم ممارسات التخويف المباشرة من أجل الحصول على الأموال من "فايسبوك" و"غوغل" والتي تطلق عليها منظمة العفو الدولية: "عمالقة المراقبة"، لا لشيء سوى لأنهم رفضوا الانصياع لابتزازها وأداء الاموال المطلوبة... وهذه طريقة تحيل بالطبع على الطريقة المعتمدة من لدن عصابات الـ"مافيا".

استماتتها" غير المفهومة وغير المبررة من أجل عدم تجريم البغاء، بما يجعلها تحول النساء المفترض أنها تدافع عنهن إلى "أشياء جنسية".

الموقف الصادم من الإجهاض وعدم الاحترام المفترض للفاتيكان، وهو ما جعل الكاردينال "Renato Martino"، رئيس المجلس البابوي للعدالة والسلام، يحث جميع المسيحيين الكاثوليكيين وجميع المؤسسات الكاثوليكية على عدم تقديم أدنى دعم مالي لمنظمة العفو الدولية.

معاداة السامية المصرح بها علانية، تظل غير مفهومة، كما أن اتهاماتها لإسرائيل بالتجسس عليها غير مستند على أسس، فضلا عن تكريس ثقافة الترهيب كطريقة لطلب الحصول على أموال من لدن الشركات الكبيرة التي تستهدفها بممارساتها الـ"مافيوزية".

وفي إطار عملية إعادة التنظيم هذه، تحولت دفة منظمة العفو الدولية، نحو التركيز على المراقبة، التي تنتمي إلى أحلك ممارسات المصالح الاستخباراتية التي شهدتها العصور القديمة، والتي تمارسها باستمرار في البلدان حيث تتوفر على تمثيليات، عبر تملك مليارات المعدات حماية الأجهزة المعلوماتية الجد متطورة (في الواقع الأمر يتعلق بالمراقبة والاختراق) والشبكات المزيفة أو خبراء مزيفين، غالبيتهم لا يولون احتراما لمحيطهم ولا لأنفسهم على حد السواء، والذين يعملون بشكل خفي وبطرق غير شرعية بناء على توصيات "آمنستي" (ينتمي جزء كبير من أعضاء "آمنستي" إلى مجموعات محلية، أي المجموعات التي تم إنشاؤها في الحي أو المدينة أو المؤسسة التعليمية أو مكان العبادة ، أو في مكان العمل) والذين يفترض أنهم متطوعون بينما في حقيقة الأمر يتلقون مقابلا نظير كم المعلومات التي يرسلونها أو الخدمات التي يقدمونها، وهو ما يزيد من حماستهم ويثير الرغبة لديهم لإنتاج الإشاعات والمعلومات المضللة التي يتم تصنيفها أو تضخيمها دائما حسب متطلبات وظروف الظرفية: الضغط، والحملات الإعلامية الخبيثة، والتقارير الكاذبة، وحملة لدعم الضحايا الزائفين و/ أو القضايا الزائفة، بل وحتى زعزعة الاستقرار وخلق الاضطرابات وأعمال الشغب ...

ولقد حرصت منظمة العفو الدولية، كذلك، على إنتاج ووضع دلائل وكتيبات مختلفة رهن إشارة أعضائها، من أجل إتقان دور المخبر الهاوي أو المحرض.. كما أنه من المثير للاهتمام أن منظمة العفو الدولية، وفي إطار الشفافية نشرت كل هذه الوثائق المتعلقة بتعريق مهام وأهداف أعضائها وليس فقط دليل المحرض المنشور فقط من قبل منظمة العفو الدولية بلجيكا

وتسائل الغرابة المتعلقة بكون أن منظمة العفو الدولية تدار مؤقتا من قبل أمينة عامة ومديرة تنفيذية مؤقتة، الرأي العام، بما يؤكد مقولة "المؤقت الدائم" في حين أن مؤسسة من هذا "المعيار" لن تعدم الوسيلة لإيجاد "الطائر النادر" الذي من شأنه شغل مثل هذه المنصب رسميا.

لم يمنع هذا الوضع المؤقت منظمة العفو الدولية من اختيار أعضاء الإدارة العليا الناجم عن تحالف إدارة الأمانة الدولية، والهيئة العليا، التي تتألف حاليا من السيدة "Clare Algar" والسيد "Nigel Armitt" والسيد "Thomas Schultz- Jagow" دون إيلاء أدنى أهمية إلى التنوع الحقيقي الذي يفرضه التوجه الدولي للمنظمة والاختلاف في الأعراق والأديان.
وبذلك يتعين على منظمة العفو الدولية توضيح المعايير التي تستند عليها من أجل اختيار قادتها بناء على تحالف إدارة الامانة الدولية، في الوقت الذي تتحدث العديد من التقارير الداخلية عن العنصرية المتفشية بين فرقها؟

والأكيد، أن المعاينات تؤكد بما يدع مجالا للشك، أن المشاكل والمآسي تتفاقم حيثما ووقتما حشرت منظمة العفو الدولية أنفها، وحتى إذا كان مواطنو البلد حيث تعمل "المنظمة غير الحكومية / الشركة" يقتربون من عقد اتفاق معتمد محليا وبالاتفاق مع حكوماتهم، فإن منظمة العفو الدولية لا تدخر جهدا لنسفه، بما يدفع إلى الجزم بأن هذه الشركة "الإنسانية" تسعى حثيثا وراء المشاكل بدل الحلول وليس العكس.

ختاما، تظل منظمة العفو الدولية مطالبة، بالرد على التساؤلات المشروعة أعلاه، وبناء عليه تجدر الإشارة إلى أن "آمنستي" لا تستحق من تسمية تصدق عليها غير "منظمة فقدان الذاكرة الدولية".

آخر الأخبار