المسجد الكبير بالقلعة البرتغالية...معلمة متفردة

الكاتب : الجريدة24

14 أغسطس 2022 - 10:15
الخط :

 

أمينة المستاري

 

تحبل المدن المغربية بمجموعة من المآثر التاريخية التي تتحدث عن فترات من تاريخ المغرب، حيث تشتهر بعضها ببنايات خلفها الإسبان وفرنسا والبرتغال أثناء تواجدهم بالمغرب، لاسيما بمدينة الجديدة التي عرفت قديما باسم "مازكان".
ويعتبر الحي البرتغالي التاريخي من أقدم المستوطنات للمستكشفين البرتغاليين في إفريقيا الغربية، الذين يعبرون المغرب أثناء توجههم إلى الهند، لذلك يظهر أثرهم في الهندسة والتكنولوجية والتخطيط العمراني للمدينة، التي اعتبرت مثالا استثنائيا وشاهدا على تطبيق المثل العليا للنهضة الأوربية في تقنيات البناء البرتغالي "الطراز المعماري المانويلي" تجلى في الكنيسة والمسجد...
ولعل المسجد الكبير (1820م ) أحد هذه المآثر المتواجدة بالحي البرتغالي، فقد بني بأمر من السلطان العلوي مولاي عبد الرحمان بن هشام، وذلك بغرض تشجيع المسلمين على العيش داخلها.
يتواجد المسجد عند مدخل الحي، على الجانب الأيسر. يشرف على الساحة المركزية للقلعة، غير بعيد عن الكنيسة البرتغالية "سيدة الصعود".
ويتميز المسجد بمئذنة خماسية الأوجه، فوق برج الرباط الذي اعتبر أحد أبراج المراقبة في الحصن البرتغالي الأول وأعلاه، يعلوه عمود دائري مهمته إرسال إشارات التبليغ عن أية هجمات مرتقبة.
ففي عهد السلطان مولاي الحسن الأول (1880م)، تم تحويل برج الرباط إلى مئذنة للجامع الكبير، حتى يتمكن الناس ممن يقطنون بعيدا عنه من سماع الآذان، وكانت المنارة الجديدة عالية بالمقارنة مع المنارة القديمة، وهو ما يميز المسجد عن غيره فالمنارتين جعلتا منه معلمة تاريخية ودينية متفردة.
وعرف المسجد عمليات ترميم عديدة، فقبل خروج البرتغال من المدينة بسبب حصار السلطان سيدي محمد بن عبد الله، فجروا القلعة وتهدمت مجموعة من البنابات، وبقيت على حالها لخمسة عقود، قبل إعادة ترميمها وإعمارها.
كما حرص المغفور لهما الملك محمد السادس والحسن الثاني على إعادة تهيئته وترميمه، وقد تم ربط البرج المحول بالمسجد بواسطة جسر صغير تعلوه غرفة صغيرة، أما المئذنة الأصلية للمسجد فهي رباعية الأوجه، ما زالت قائمة للآن بمحاذاة الجامع في الواجهة المشرفة على الزقاق.
يتوفر الجامع على منبر اعتبر تحفة، صنع من خشب صلب، ويحمل في أسفله اسم النجار الذي صنعه "عبد الله المراكشي"، وتوجد به عصا خفيفة وصلبة يستعملها إمام المسجد، لا يعرف تاريخ صنعها، ولذلك اعتبرت تحفة ثمينة كغيرها من مكونات المسجد ومرافقه.

غير مصنف