ضحية عمر الراضي...الضحية التي اغتصبت مرتين !

الكاتب : انس شريد

10 مايو 2021 - 06:40
الخط :

سعاد التمسماني

حفصة بوطاهر.. شابة في مقتبل العمر خدّامة في صمت وبعيدا عن الأضواء، فجأة صبحوا كاع المغاربة وغير المغاربة تيعرفوها، وارتبط اسمها للأسف بقضية اغتصاب مؤلمة من طرف زميلها في العمل.. هاذ الشابة المغربية ولدت وترعرعت بمدينة المحمدية، نشأت في وسط محافظ ومن طبقة متوسطة، قبل ما توصل للعقد الثالث من عمرها، تعرضات لنكسة نفسية خطيرة كانت لها انعكاسات على شخصيتها وعلى توازنها النفسي..

هاذ البنت ذنبها الوحيد أنها حلمت تحقق شخصيتها في وظيفة تحفظ كرامتها وتحقق من خلالها شخصيتها، كانت كلها طموح تمشي بعيد، ووجدت نفسها ميالة إلى مهنة الصحافة النبيلة. كانت حياتها عادية كأي فتاة مغربية من طبقة متواضعة وتسعى لإثبات وجودها بناء على تحصيلها وكفاءتها وجهدها الشخصي، لأنها لا تحمل اسما من أبناء الذوات، ولا تنتسب للعائلات الكبرى، عملت حفصة بوطاهر في منابر إعلامية عديدة من التجديد إلى العمق وبرلمانكم حتى لودسك.. في كل المسار الذي عبرته كانت هاذ الشابة تعيش بعيدا عن الأضواء، ذنبها الوحيد أنها عشقت الصحافة واعتبرتها مجال الأحلام الوردية ديالها، إلى أن كانت الكارثة التي حولت أيامها من استقرار وهناء، إلى ضغط نفسي وتشويه الصورة، والقضية ارتبطت باغتصاب جنسي تعرضت له.

حفصة بوطاهر في المكتب الذي تشتغل فيه، ومن من؟ من طرف زميل لها في العمل هو عمر الراضي.. لم تكن حفصة بوطاهر فتاة عاشقة للأضواء وحياتها السابقة على يوم اغتصابها، كانت عادية، بنت يشهد الكل بأخلاقها، كانت مرتدية للحجاب فواحد الوقت، وتقوم بواجباتها المهنية بحب، حتى حل ذلك اليوم المشؤوم، حين اغتصبها عمر الراضي.. الذي لا يعرفه المغاربة هو أن حفصة تكتمت على الموضوع خوفا من العار والفضيحة والقيل والقال وعلى سمعتها، ولم تقم بأي إجراء، لكن كوابيس الحدث المؤلم الذي ظل يطاردها ليليا جعلها واحد النهار تفيق من الفراش ديالها وقبل ما تناول فطورها قصدات الكوميسارية لتسجيل شكاية ضد مغتصبها…

حتى هذا الحين، كان يمكن للأمور أن تسير بشكل عادي، فليست حفصة بوطاهر الأولى ولا الأخيرة في حوادث الاغتصاب، والمحاكم المغربية تعرف يوميا عشرات قضايا اغتصاب الرجال للنساء،لكن الوضع مختلف بالنسبة لحفصة بوطاهر، علاش؟ لأن هذه الشابة اللي يمكن تكون أختي أو أختك، بنتي أو بنتك، لقات راسها في معركة أكبر منها لم تتوقعها، خرجت من دائرة الضوء إلى الشهرة العالمية ما شي غير الوطنية، ولكن للأسف شهرة بطعم مر، لأن المجتمع الذكوري ناصر المغتصب عمر الراضي على المغتصبة حفصة بوطاهر؟ ولأنه في كل ملف يوجد صحاب الحسنات اللي عندهم حسابات مع الدولة أو غيرها جعلوا هاذ الشابة في المحرقة وسيسوا القضية..

هاذ الوضع الغريب لو قادتهم حركة “حتى أنا” ME TOO كون كان عندو طعم آخر، لان مجرد التحرش الجنسي في أمريكا مثلا، قد يغرقك في السجن ويحرمك خمس حتى عشر سنوات من العمل لأن لديك في ملفك إدانة قضائية بتهمة التحرش، بل يفرض عليك التصريح في كل علاقاتك النسائية بأنك لك سوابق في التحرش الجنسي..

ردوا البال معايا هذا مجرد التحرش الجنسي أما في حالة حفصة بوطاهر فالأمر يتعلق بالاغتصاب الجنسي.. حفصة بوطاهر اغتصبت مرتين، الأولى جنسيا من طرف عمر الراضي، اللي تنجددو التأكيد على أن العدالة وحدها لها الحق في تبرئته أو إدانته، والثانية من طرف دعاة وحماة حقوق الإنسان، اللي حولوا الحقوق إلى قبيلة يمكن أن ننعم بها على البعض ونحرم البعض منها، لم تتضامن معها جمعيات حقوقية بدون أي مبرر مقنع، وهاجمها الإعلام الدولي بشكل غريب إما بسبب ميله للتعامل مع المصادر الحقوقية إياها أو لحسابات موجهة اتجاه المغرب ككل..

المهم هو أن هاذ الشابة المغربية تعرضت لهجمة شرسة فيها الكثير من تشويه السمعة والحط من الكرامة.. تصوروا حفصة بوطاهر هي اختكم أو بنتكم، هل كنتم تصمتون على جريمة الاغتصاب الذي تعرضت له فقط لأن المغتصب صحافي وأصدقاؤه يساريون متحكمون في الجمعيات الحقوقية؟ راه ذنب هاذ البنت فعنقنا كاملين، وراكم غتكفروها في الرجال وفي الصحافة وفي الوطن اللي ميقدرش يحمي ابناتوا من المغتصبين؟ حفصة بوطاهر غير شابة من عشرات النساء المغتصبات اللي صمتكم غيشجع المجرمين على فعل الاغتصاب وغيخليوا الضحايا يتحصنوا بالصمت خوفا من العار والفضيحة..

أنا فتاة تعرضت للاغتصاب مثل حفصة بوطالب في شركة للنسيج لم أمتلك شجاعة حفصة بوطاهر ونضالها اليوم ضد تيار جارف اسمه المجتمع الذكوري، وتنعيش ذكرى الاغتصاب يوم فيوم فأحلامي وفي يقظتي وما يمكن إلا نشد بيد حفصة بوطاهر اللي امتلكت شجاعة أخلاقية تستحق عليها كل التنويه، لأني أنا بنفسي وقعت هاذ المقال باسم مستعار، لأني تنعرف خروب بلادي. يبرأ الرجل ويدين المرأة فقط لأنها امرأة.

رأي