15 مليون شخص عبر العالم يعيشون ويعملون بين أكوام النفايات

الكاتب : وكالات

06 أبريل 2019 - 08:00
الخط :

هناك نحو 15 مليون شخص يعيشون ويعملون بين أكوام النفايات في جميع أنحاء العالم، ويبحثون في القمامة كل يوم عن أشياء يمكن بيعها. وتتكون "مدن القمامة" هذه من أكواخ وعشش مبنية من الخشب والصفائح المعدنية والبلاستيكية. وتعيش عائلات بين أكوام النفايات الطبية والإلكترونية ونفايات المنازل والزجاج المكسر، وحتى النفايات السامة. ويمكن أن تنهار أكوام القمامة في أي لحظة وبدون سابق إنذار.

وفي عام 2000، انهار مقلب نفايات باياتاس في مانيلا، التي تعد واحدة من أكبر مدن القمامة في الفلبين ويقطنها 10 آلاف مواطن، مما أدى إلى انهيار أرضي بارتفاع 30 متراً وعرض 100 متر، ومقتل أكثر من 200 شخص.

وفي عام 2015، انهار مقلب نفايات ضخم على مشارف العاصمة الأثيوبية، مما أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص وتدمير المنازل المؤقتة هناك.

ودائما ما يكون عدد الناجين من هذه الكوارث قليلا، نظراً لطبيعة المواد المنهارة واحتمال انبعاث غاز الميثان داخل أكوام القمامة، مما يتسبب في تسمم من يعلقون داخل تلك الانهيارات.

وحسب تقرير للبنك الدولي بعنوان "وات أ ويست" (يا لها من نفايات)، من المتوقع أن يخلف سكان العالم 3.4 مليار طن من النفايات سنوياً بحلول عام 2050، بزيادة هائلة عن الكمية الحالية والتي تصل إلى 2.01 مليار طن.

مقالب النفايات غير متماسكة بشكل محكم بفعل ما تحتويه من مواد بلاستيكية وزجاجية ومعدنية وعضوية، مما يجعلها عرضة للانهيار في أي لحظة

وتمكن باحثون أستراليون في الآونة الأخيرة من تطوير برمجيات يمكنها تتبع الانهيارات الأرضية قبل وقوعها بأسبوعين، وهو ما يمنح سكان المناطق التي توجد فيها مكبات النفايات الوقت الكافي للرحيل، والمهندسين الوقت اللازم لتأمين المنطقة. ويعتمد نظام الذكاء الاصطناعي على الرياضيات التطبيقية للمساعدة في تحديد علامات الانهيار الوشيك، مثل التشققات الصغيرة والحركات الخفية التي تنذر بانهيارات عنيفة.

ويأمل الباحثون أن تساهم هذه الأنظمة في مراقبة تلال النفايات ومنع وقوع الكوارث.

تقول أنطوينيت تورديسيلاز، من كلية العلوم بجامعة ميلبورن وأحد الكتاب الرئيسيين لهذه الدراسة: "نعكف على دراسة البيانات المتعلقة بحركة المواد الحبيبية لفهم إيقاع سقوطها".

وشملت التجارب المعملية التي أجرتها تورديسيلاز أنواعاً مختلفة من المواد الحبيبية، مثل الرمل والخرسانة والحجارة والسيراميك، والتي وُضعت في أكوام بطريقة تجعل المواد الصلبة تتفتت وتنهار. تقول تورديسلاز: "اكتشفنا أن هناك إيقاعا يمكن تمييزه في المراحل التي تسبق الانهيار".

وتعتمد هذه التقنية على قوانين الفيزياء، بمعنى أنها تأخذ في الحسبان حركة الأرض، وديناميكيات السقوط والأسباب المباشرة للانهيارات الأرضية، مثل سقوط الأمطار، الذي يؤدي إلى خلخلة التماسك بين مكونات القمامة، بهدف التوصل إلى بيانات يمكن الاعتماد عليها.

وفي النهاية، يمكن استخدام هذه البيانات للمساعدة في توقع الانهيارات قبل حدوثها في أماكن مثل مواقع النفايات والمناجم والجبال شديدة الانحدار.

ويتكون المنحدر الطبيعي من جزيئات، مثل الصخور أو الطين، تماسكت مع بعضها البعض عبر آلاف السنين. لكن تلال النفايات تتشكل من كتل صلبة مثل البلاستيك والزجاج والمعادن ومواد عضوية وورق، وهو ما يعني أنها غير متماسكة وقد تنهار بسبب أي اهتزاز حتى لو بسيط.

ويرجع عدم تماسك مقالب النفايات إلى عدة أسباب، من بينها أن هذه النفايات يجري تجميعها بطريقة غير صحيحة، بالإضافة إلى تحلل النفايات العضوية ووجود أسطح تساعد على الانزلاق داخل أكوام النفايات، والرطوبة، وانبعاثات غاز الميثان، وإلقاء القمامة في أماكن غير مصممة لاستيعاب الكميات الزائدة منها.

يقول إيزاك أكينوومي، محاضر في مجال الهندسة الجيوتقنية بجامعة كوفينانت النيجيرية: "بعض هذه العوامل يجعل التنبؤ المبكر بوقوع الانهيارات في تلال النفايات أكثر صعوبة من التنبؤ بالانهيارات الأرضية".

وبالتالي، هناك حاجة ماسة لتكنولوجيا قادرة على توقع هذه الانهيارات، خاصة في البلاد النامية، حيث تكون تلال النفايات في تلك البلدان أكثر انحداراً مما تسمح به القوانين في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، كما أن النفايات لا يجري تجميعها بنفس الطريقة، ولا تولي شركات إدارة النفايات أهمية لاستقرار مقالب النفايات، وهو الأمر الذي يساهم في حدوث الانهيارات.

ويمكن لهذه التكنولوجيا أن توفر معلومات بشأن الانهيار الوشيك، وهو الأمر الذي قد يساعد العمال على تدعيم المواقع وتقويتها أو القيام بعمليات الإخلاء. لكن حتى تكون هذه التكنولوجيا فعالة، يتعين على الباحثين وهيئات إدارة النفايات أن يتغلبوا على العقبات المالية والسياسية والقانونية.

وتحتاج عملية تقدير الأخطار وتركيب المعدات التكنولوجية إلى تكلفة ربما لا ترغب في تحملها الهيئات المحلية، كما أن نقل المواطنين من أماكن سكنهم أثناء عمليات الإخلاء أو تدعيم مواقع النفايات قد يكون صعبا من الناحية اللوجستية.

لكن لن يكون بإمكان هذه التكنولوجيا القضاء على المشاكل البيئية طويلة المدى الناتجة عن مكب النفايات ذاته، مثل انبعاثات الهواء وتفشي الأمراض وسمية المواد التي تحتويها النفايات.

يقول ديفيد بيدرمان، المدير التنفيذي لرابطة النفايات الصلبة لأمريكا الشمالية: "من المهم للغاية اختبار هذه التكنولوجيا لمعرفة ما إذا كانت تقدم حلاً لمشكلة انهيارات النفايات المتزايدة أم لا. في الحقيقة، قد يكون هذا تحسنا مؤقتا وجيدا على طريق إغلاق مقالب النفايات."

ولا تشكل هذه التكنولوجيا حلا سحريا وما تزال إلى حد بعيد في مراحلها الأولى، لكن يمكنها أن تغير شكل وطبيعة جهود الإغاثة في كوارث انهيار تلال النفايات بسبب قدرتها على التنبؤ بالانهيارات قبل وقوعها.

منوعات