أظهر الأشخاص الذين تعرضوا لإرهاق العمل تغيرات في 17 منطقة دماغية مقارنة بمن عملوا لساعات عمل اعتيادية - غيتي
يؤدي العمل لساعات طويلة إلى مجموعة من المشاكل الصحية، بدءًا من الإجهاد الشديد واضطرابات النوم وأمراض القلب واضطرابات الصحة النفسية كالقلق والاكتئاب، وقد يُسبب أيضًا تغيرات في الدماغ، وفقًا لتقرير جديد نُشر في مجلة "الطب المهني والبيئي".
وقد وجد باحثون من كوريا الجنوبية أن الأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة بانتظام لديهم اختلافات دماغية كبيرة مقارنة بمن يعملون لساعات أقل.
ودرس وان هيونغ لي، من قسم الطب الوقائي بجامعة "تشونغ آنغ" في سول، وفريقه 110 عاملين في مجال الرعاية الصحية - بعضهم عمل أكثر من 52 ساعة أسبوعيًا، وهو ما يُعتبر بموجب القانون الكوري إرهاقًا، وبعضهم عمل لساعات أقل.
ما أضرار العمل لساعات طويل؟
وأُجريت لجميعهم صور بالرنين المغناطيسي، مما سمح للعلماء بتحليل الاختلافات في حجم وتركيز بعض أنسجة الدماغ.
وأظهر الأشخاص الذين تعرضوا لإرهاق العمل تغيرات في 17 منطقة دماغية مقارنة بمن عملوا لساعات عمل اعتيادية.
وشملت هذه الاختلافات مناطق مسؤولة عن الوظائف التنفيذية مثل التفكير المنطقي، بالإضافة إلى إدارة المشاعر.
ويقول لي إن النتائج فاجأته، ويعود ذلك جزئيًا إلى أنها تشير إلى أن الدماغ يتغير استجابةً للتوتر والقلق، مع بعض العواقب السلبية المحتملة.
وكتب في رسالة بريد إلكتروني إلى مجلة "تايم": "توقعنا أن يؤثر التوتر المطول الناتج عن الإرهاق على بنية الدماغ، لكن اكتشاف زيادة في حجم مناطق دماغية معينة كان غير متوقع إلى حد ما".
وأضاف: "تشير نتائجنا إلى استجابة عصبية تكيفية محتملة، مما يعني أن الدماغ قد يحاول في البداية تعويض المتطلبات المعرفية والعاطفية المتزايدة. وتؤكد هذه النتائج المفاجئة مدى تعقيد كيفية استجابة الدماغ للتوتر المهني المطول".
ويقول لي إن التطورات في تصوير الدماغ تُمكّن الآن من اكتشاف حتى الاختلافات الصغيرة في الحجم.
وتابع: "لقد مكّنت هذه الاختراقات التكنولوجية الباحثين من استكشاف التغيرات البيولوجية التي كانت غير مرئية سابقًا والتي يسببها التوتر المطول أو أعباء العمل المفرطة، مما يفتح آفاقًا جديدة تمامًا في أبحاث الصحة المهنية والبيئية".
وتشمل التغييرات التي حددها فريقه مناطق الدماغ المسؤولة عن أمور مثل الذاكرة، واتخاذ القرارات، والانتباه، والتخطيط، وحل المشكلات.
ويقول: "قد تؤثر هذه التغييرات على قدرة الشخص على إدارة المهام بكفاءة، واتخاذ القرارات، والحفاظ على التركيز".
وقد تؤثر الاختلافات في مناطق أخرى على مدى قدرة الأشخاص على تنظيم عواطفهم؛ فقد تشير التغييرات التي لاحظوها إلى انخفاض الاستقرار العاطفي، وزيادة القلق، وصعوبات في تفسير الإشارات العاطفية أو إدارة العلاقات الشخصية.
يقول لي إنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت هذه التغييرات دائمة.
وأضاف: "ستكون الدراسات المطولة ضرورية لفهم ما إذا كانت هذه التغييرات الهيكلية في الدماغ قابلة للعكس أو مستمرة على المدى الطويل".
ويخطط لمتابعة هذه الدراسة ببيانات طويلة المدى ومجموعات سكانية أكبر لتحديد ما يحدث لهذه التغييرات في الدماغ بمرور الوقت، وما إذا كان تعديل أعباء العمل يمكن أن يقللها أو يعكسها.
وفي هذه الأثناء، هناك أمور يمكن للناس القيام بها لتخفيف بعض الآثار السلبية للعمل الزائد على صحتهم، حتى لو لم يتمكنوا من تعديل ساعات عملهم، ومنها: "الحصول على قسط كافٍ من النوم والنشاط البدني، بالإضافة إلى معالجة التوتر بتقنيات اليقظة أو الاسترخاء".
لكن لي يقول إنه لا ينبغي أن يقع العبء بالكامل على عاتق الموظفين.
ويضيف: "ينبغي على الشركات الحد من ساعات العمل المفرطة، وتوفير موارد لإدارة التوتر، وتعزيز التوازن بين العمل والحياة "لحماية صحة أدمغة موظفيها وإنتاجيتهم على المدى الطويل".