كيف ستتغير عاداتنا بسبب الحظر الصحي ؟

الكاتب : وكالات

28 مارس 2020 - 05:00
الخط :

إذا كنت تعيش في عزلة حبيس المنزل، فتذكر: أنك لست الوحيد. ففي هذه الفترة، يعيش ربع سكان العالم تقريباً تحت الحظر. وملايين الأشخاص يحاولون التكيف مع الظروف الجديدة الناتجة عن القيود المفروضة على الحركة لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد.

ولكن ماذا لو أن بعض التغيرات التي طرأت على أسلوب حياتنا ستبقى مستمرة؟

إليك بعض المجالات في حياتنا، التي يبدو أن التغيرات التي طرأت عليها ليست مؤقتة، كما نظن، وإنما سترافقنا لبعض الوقت في المستقبل:

العمل من المنزل

المزارعون وعمال البناء مثلاً، مضطرون إلى الخروج من منازلهم للقيام بأعمالهم، ولكن بالنسبة للكثيرين، الذين يقومون بأعمال مكتبية، أصبح المنزل الآن مكتبهم الجديد.

وقد اضطرت الشركات في أنحاء العالم إلى أن تطلب من موظفيها العمل من منازلهم، وتشمل القائمة شركات كبرى مثل آبل ومايكروسوفت.

كان العمل من المنزل اتجاهاً رائجاً، قبل ظهور الفيروس، ولكن وفقاً لليبي ساندر، خبيرة السلوك التنظيمي في جامعة بوند الأسترالية، فإن فيروس كورونا "يمكن أن يكون نقطة التحول التي تجعل من العمل عن بعد هو القاعدة."

وكان استطلاع أجرته شركة الاستشارات الدولية International Work Group ومقرها لندن، قدر أن أكثر من 60 في المئة من الشركات في جميع أنحاء العالم لديها سياسة عمل مرنة.

لكن هذه النسبة تتغير بشكل كبير من بلد إلى آخر، ففي حين تبلغ 80 في المئة في ألمانيا، فهي لا تزيد عن 32 في المئة في اليابان. وتتوقع الشركة الاستشارية أن الاتجاه إلى المرونة في العمل سيتعزز ويستمر.

وقال بليك مورغان المحلل المختص بالاتجاهات والتيارات الجديدة لبي بي سي "لن تكون الحياة طبيعية حقاً لسنوات عدة قادمة."

"وأضاف سيتذكر الناس في جميع أنحاء العالم أنهم قبل أيام قليلة كانوا يخافون من جراثيم جيرانهم".

وقد تكون المواعدة والعلاقات العاطفية من بين أكثر القطاعات في حياتنا تأثراً بانتشار فيروس كورونا والحظر والعزلة المرافقين له.

ولجأت مواقع المواعدة على الإنترنت في أنحاء العالم إلى الطلب من عملائها أن يطيلوا مدة التعارف والمغازلة الافتراضيين مع تأجيل اللقاء الواقعي.

ويضيف مورغان "سيفكر الناس مرتين قبل أن يضعوا أنفسهم في احتكاك عن قرب مع الآخرين".

يمكن أن تؤدي تجربة الحجر الصحي والعزلة الذاتية إلى تغييرات في الطرق التي نفضلها في الترفيه عن أنفسنا.

خذ السينما على سبيل المثال، في السنة الماضية ذهب إلى دور العرض السينمائية نحو 506 مليون شخص، بحسب نتائج بحث أجرته شركة Statista لتحليل البيانات، في ارتفاع بأكثر من 18 في المئة عن العدد المسجل قبل عامين.

ورغم الإقبال على دور السينما، ارتفع أيضاً عدد الأشخاص في العالم الذين اشتركوا في منصة بث نتفليكس بنسبة 47 في المئة خلال الفترة نفسها ليصل إلى 161 مليون مشترك.

والآن مع إغلاق صالات السينما، من المتوقع أن يشترك مزيد من الأشخاص في خدمات منصات البث على الانترنت.

وقال مورغان لبي بي سي "في إيطاليا وإسبانيا، على سبيل المثال، ارتفع عدد مرات تنزيل تطبيق نتفليكس لأول مرة بنسبة 57 في المئة و 34 في المئة على التوالي، فالناس حسب مورغان "يتوقون إلى الترفيه، والهرب من الواقع أكثر من أي وقت مضى".

ولكن هل سيستمر الاتجاه إلى الترفيه الداخلي؟ يعتقد ريتشارد غرينفيلد، وهو استشاري مختص في صناعة الترفيه ومقيم في الولايات المتحدة، أن تبني عادة مشاهدة عبر منصات البث سيتنامى بشكل كبير ما سيسبب مشاكل خطيرة لأصحاب المسارح في دول مثل الولايات المتحدة.

وقال غرينفيلد في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمزإن "سلوك الناس تغير بالفعل، ولكن هذا (فيروس كورونا) يسرع عجلة التغيير". وأضاف "أعتقد أن معظم شركات المعارض العالمية ستعلن إفلاسها بحلول نهاية العام".

من ناحية أخرى، فإن ابتسامات عريضة سترتسم على وجوه مدراء شركات صناعة الألعاب الإلكترونية.

وقد ارتفع الاقبال على هذه الألعاب بشكل ملحوظ في الصين إبان فترة الحظر والعزل الذاتي، وسجل متجر تطبيقات آبل في الصين قفزة كبيرة في الإقبال على تنزيل تطبيقات الألعاب.

أدى انتشار وباء كورونا إلى حالة من الفوضى غير المسبوقة في صناعة السفر والسياحة، وقد يتسبب في تحول جذري في الطريقة التي ننظر بها إلى السفر في المستقبل.

ويمكن أن يؤدي الوباء إلى خسارة 50 مليون وظيفة حول العالم وفقاً للمجلس العالمي للسفر والسياحة، وبحسب تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) الشهر الماضي فإن خسائر شركات الطيران في أنحاء العالم قد تزيد عن 113 مليار دولار في عام 2020، وذلك قبل أن تعلن الولايات المتحدة فرض قيود صارمة على السفر.

وهناك نحو 1.1 مليون حالة إلغاء حجوزات طيران، كما انخفضت الحجوزات بنسبة 50 في مارس/آذار و40 في المئة في أبريل/ نيسان، و25 في المئة في مايو/أيار.

كما عانت صناعة السياحة من ضربة كبيرة بسبب العزلة الذاتية وحظر التجمع، ومن المتوقع أن تعاني المناطق التي تعتمد بشكل كبير على السياحة من أوقات عصيبة.

ولكن هل هناك أي فرصة جيدة وسط هذه الأزمة؟

تعتقد فريا هيغينز ديسبيولس، أستاذة إدارة السياحة في جامعة جنوب أستراليا، أن "هذا الوباء أتاح فرصة قيمة وغير متوقعة". لقد شهد العديد من المواقع السياحية حول العالم ما يطلق عليه اسم فرط السياحة، وتسبب هذا في ردود فعل محلية عنيفة أحياناً ضد الأعداد المتزايدة من السياح".

كما قد تؤدي الأزمة الصحية إلى إعادة التفكير في الاعتماد على السياحة لتحقيق النمو الاقتصادي.

وأضافت هيغنز ديسبيولس لبي بي سي "يعتقد العلماء أن الأوبئة قد تنبع من إفراط البشر في استخدام البيئة والتنوع البيولوجي والموارد الطبيعية، والسياحة جزء كبير من هذه الظاهرة".

وقالت "إذا لم نعمل على تحقيق توازن بين اقتصاداتنا وبين الحدود التي تضعها الطبيعة، فسيحصل المزيد من الأزمات".

آخر الأخبار