هل بايع الريسوني أردوغان "خليفة" للمسلمين سرا؟

موقف متحول بـ 180 درجة ذلك الذي أعلن عنه احمد الريسوني الرئيس الأسبق للذراع الدعوي للبيجيدي وخليفة القرضاوي على رأس التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذي يدور في فلك المحور القطري التركي.
احمد الريسوني الفقيه المقاصدي الذي فقد القصد، كان من أشد معارضي فكرة الخلافة على "منهاج النبوة" التي كان ينادي بها زعيم جماعة العدل والإحسان الراحل عبد السلام ياسين، حيث وصل به المطاف إلى نعتها بالخرافة.
لكن الريسوني أطل اليوم عبر موقع الرسمي عبر الشبكة العنكبوتية ليعلن عن موقف مناقض بكون "الخلافة الراشدة: مطلوبة وممكنة في كل زمان ومكان".
الموقف الأخير للريسوني من هذه المسألة الخلافية التي ظهرت في عهد احد حكام بنو أمية عمر بن عبد العزيز الذي يعود له الفضل في عملية تجميع نصوص السنة النبوية.
في هذه الحقبة بالذات سيشتهر حديث الخلافة الذي رواه روى الإمام أحمد بسنده إلى حذيفة الذي قال:
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها. ثم تكون مُلكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون ملكا جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت.
قال حبيب : فلما قام عمر بن عبد العزيز [أي: لما أصبح خليفة]، وكان يزيد بنُ النعمان بنِ بشير في صحابته، فكتبت إليه بهذا الحديث أُذكِّره إياه، فقلت له: إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين – يعني عمر – بعد الملك العاض والجبرية. فأَدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز، فسُرَّ به وأعجبه".
لكن ما سر الذي جعل الريسوني وهو الفقيه العارف بخبايا صناعة الحديث والتوظيف السياسي للنصوص الشرعية مقابل مصالح دنيوية، يعود الى هذا الحديث بالضبط بعد أن كان ينكره في السابق؟
الجواب يكمن في طبيعة التنظيم الدولي الذي يترأسه الريسوني حاليا أي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الواجهة الايديولوجية للمحور القطري التركي.
المتتبع لتطورات الأحداث الأخيرة بمنطقة المشرق العربي، والتحركات التركية بالمنطقة، وتسويق اردوغان نفسه كراعي للاسلام والمسلمين. قد يجد ضالته في هذا التحول.
أردوغان برز إلى سطح المشهد بوصفه المدافع الأول عن المسلمين والمسؤول عنهم في مواجهة غيرهم من الملل والنحل والأمم، مستحضراً تراث الخلفاء الذين سادوا ثم بادوا.
وفقاً لخريطة الحنين التاريخي العثماني التي يتحّرك على ضوئها أردوغان منذ سنوات، بإعتبار تركيا وريثةُ الدّولة العثمانية، فقد تحول منذ العام 2011، نحو طموحات أشد توسعية في سياساته.
بدأ الأمر بمحاولات إعادة السيطرة على مناطق النفوذ العثماني القديم في المغرب العربي وبلاد الشام، تجلت في تدخلات سياسية وعسكرية في ليبيا وسوريا وتونس والسودان وجيبوتي والصومال واليمن.
ثم محاولة السيطرة على نسيج المؤسسات الدينية والمدنية التابعة للجاليات المسلمة في أوروبا الغربية من خلال ضخ تمويلات كبيرة وأيضاً من خلال تدريب الكوادر الدينية القيادية في تركيا أو في مؤسسات تابعة للوقف التركي.
كل هذا ما هو إلا مقدمة لاردوغان لاعلان نفسه خليفة للمسلمين، لكن يلزمه قبل ذلك تهيئة إيديولوجية من قبل الساهرين على التنظيم الدولي لإخوان المسلمين، عبر شيخهم المقاصدي الريسوني الذي أفتى في اخر مقالته "باب الحكم الرشيد والحكام الراشدين، ليس مغلقا في وجه المسلمين، بحيث ليس لهم سوى انتظار آخر الزمان، بل يمكنهم – ويجب عليهم – أن يسْعَوا دوما إلى تولية الراشدين، واستبعاد الفاسدين، وتنحية المستبدين.وكل هذا ممكن ومتاح – بأسبابه وسننه – في كل زمان ومكان..".