لهذا السبب ترك العثماني قرار الزيادة في "البوطا" الى سنة 2021 !

الكاتب : الجريدة24

24 ديسمبر 2019 - 09:21
الخط :

بعد معارك "زيادة أسعار الوقود" (يونيو 2012)، و" نظام المقايسة الجزئية لأسعار المحروقات السائلة " (غشت2013)، و"تحرير" هذه الأسعار (دجنبر2015)... ستكون الحكومة في راحة حيال إصلاح صندوق المقاصة! فكتائب  العثماني ممانعة للتغيير من خلال ذات المواقع التي أحرزت فيها كتائب سلفه نجاحات مقدرة.

وفي غضون ذلك، سيستمر نظام المقاصة، كعادته، في تحقيق منفعة أكبر للفئات الاجتماعية الميسورة !

وجد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني "الحجة" القمينة بتلافي إصلاح نظام المقاصة " في الوقت الراهن"! وهو من اختار، وفقًا لأحد المقربين منه، عدم الخوض في "القضايا الساخنة" (التعويضات والمعاشات التقاعدية...). خلال ولايته المنتهية سنة 2021.

أجل! لا ينوي السيد العثماني إصلاح نظام المقاصة إلا بعد سنة 2021 (تاريخ مغادرته أو إعادة تعيينه). نتحدث هنا عن تفعيل السجل الاجتماعي الموحد، وهو آلية لتنسيق وإعادة هيكلة جميع المساعدات الاجتماعية ... وفي انتظار ذلك، يبقى الإصلاح الشامل لنظام المقاصة، الذي بدأته الحكومة المنتهية ولايتها، معلقا ! انفضوا رجاء، فقد إنتهى العرض.

إصلاح صندوق المقاصة طواه النسيان

بعد أن كان الغلاف المالي المخصص لصندوق المقاصة يقارب 55 مليار درهم سنة 2011 (ثلاثة أضعاف الميزانية السنوية لوزارة الصحة!)، تم تخفيضه في السنوات الأخيرة نظير القيام بالإصلاحات اللاشعبية. وتتراوح قيمة الدعم في الوقت الراهن ما بين 13.5 و 17.5 مليار درهم. هذا كل شيء! وقد كثرت الوعود المدوية بإلغاء الدعم على مراحل منذ سنة 2016، وأثير جدل كبير حول هامش الربح الذي يحققه موزعو المحروقات، دون أن يتسبب ذلك في أي "ضرر"، كما لم تعرف أسعار المواد المدعومة زيادة حادة - والحمد لله-... وهكذا تتأجل الأخبار السارة إلى أجل غير مسمى!

أجلت الحكومة التزامها ، في برنامجها لسنة 2017، "بمواصلة إصلاح صندوق المقاصة، من خلال رفع تدريجي للدعم عن باقي المواد..." إلى أجل غير مسمى، أي بعد انتخابات 2021...

ولأن الأمر يمضي على هذا النحو، فإن مشروع قانون مالية 2020 لحكومة العثماني الثانية (النسخة المنقحة) ينص على دعم قدره 13.64 مليار درهم لدعم غاز البوتان والسكر ودقيق القمح اللين. وكالعادة، من المحتمل أن يتم تجاوز عتبة هذه المبلغ بشكل كلي، بالنظر إلى تقلب أسعار المواد المدعومة.

توازنات تحت رحمة التنبؤات "غير المتوقعة"

بالنظر إلى انخفاض متوسط سعر البوتان في العالم (408 دولار للطن عام 2019 مقابل 522 دولار للطن في عام 2018) وثبات مستويات أسعار السكر الخام  (291 دولارًا للطن في عام 2019 مقابل 661 دولارًا للطن في عام 2011) والقمح اللين (أقل من 200 دولار للطن لمدة 5 سنوات)، تخطط الحكومة لرصد 13.6 مليار درهم، مقابل 17.6 سنة 2019، مما يعني خصم 4  مليارات درهم من الرصيد السابق.

غير أن المشكلة تستعصي على الحل، كما يشير إلى ذلك الاقتصادي مهدي فقير، في مقابلة مع مجلة BAB "نظام المقاصة تعيقه توازنات مالية متقلبة، لاسيما بسبب تقلب الأسعار العالمية للمواد المدعومة، مما يعني أن الدعم المخصص لصندوق المقاصة ليس مستقرا إطلاقا "، موضحا أن "هذه مشكلة حقيقية تعترض الميزانية العامة للدولة، حيث تكون توقعات الحكومة متجاوزة وغير دقيقة، فنضطر تبعا لذلك للبحث، مرة بعد أخرى، عن موارد جديدة بغية إقامة  التوازن".

يبدو جليا أن أسعار المواد الخام على حافة الهاوية على الصعيد الدولي، ففي سنة 2019 لوحدها ،كان من الضروري حبس الأنفاس وترقب العواقب الوخيمة، ومن الأمثلة على ذلك، انخفاض إمدادات أوبك من النفط، وتقليص الصادرات الإيرانية بسبب التوترات السياسية، والتوترات التجارية والسياسية بين واشنطن وبكين، وكذا الهجوم على مصفاة أرامكو السعودية. لا يمكننا التنبؤ بما سيقع لاحقا! كما أن ميزانية الدولة تضل في استجداء مستمر بغية سد العجز، خاصة من خلال المديونية الدولية، وذلك في ضل غياب الحلول البديلة.

في انتظار السجل الاجتماعي الموحد...

تعتبر إعادة توجيه المساعدة الاجتماعية من خلال السجل الاجتماعي الموحد محل ترحيب! وفي هذا الصدد، قال الناطق الرسمي  السابق باسم الحكومة، مصطفى الخلفي في أوائل شهر يناير 2019، إن تفعيل السجل سيبدأ تدريجيا في نهاية العام.

لكن، أليست ثمة وسيلة لوقف نزيف الوقت والمضي قدما في هذا الإصلاح الكبير الذي وعدت به الحكومة؟ يجيب محمد بدير، المستشار الاقتصادي عن المجموعة البرلمانية لحزب الأصالة والمعاصرة، في تصريح خص به مجلة BAB، "أن ثمة وسيلة"، وذلك "من خلال إصلاح نظام المقاصة، لأن الدولة تواصل دعم الطلب والاستهلاك، وبما أن المواد المدعومة مستوردة بالأساس (النفط والسكر والقمح الطري)، فهذا النظام يشجع على الاستيراد، ويساهم تبعا لذلك في زيادة العجز في الميزان التجاري.

وفي انتظار تفعيل السجل الاجتماعي الموحد الذي وعدت به الحكومة لسنة 2021، وهذا ما نأمله! اقترحنا المضي قدمًا في استعادة الإعانات من المستفيدين الذين هم في غنى عنها "، وأضاف "المقاربة بسيطة وعملية؛ ستقوم المديرية  العامة للضرائب، من خلال المعطيات الموجودة تحت تصرفها، باستعادة  الدعم من الشركات والضيعات الفلاحية عن طريق مبيعاتها، ومن الأسر عن طريق الرجوع إلى معايير متوسط استهلاك المنتجات المدعومة.

كانت الغاية من مقترحنا تخفيض ميزانية الدولة وإعادة توجيه الأموال المسترجعة إلى من هم في أمس الحاجة إليها.

ولا نستغرب من بقاء مقترحنا حبرا على ورق، إذ لم نتلق جوابا على سبيل المجاملة حتى ".

وفقًا للسلطة التنفيذية، سيكون السجل الاجتماعي الموحد المنصة الوحيدة للولوج إلى جميع البرامج الاجتماعية، وسيمكن من تقييم أهلية هذه البرامج من خلال معايير موضوعية ودقيقة ونظام تنقيط، يرتكز على البيانات الاجتماعية والاقتصادية المتاحة، ثم عن طريق استخدام التكنولوجيات الحديثة.

علاوة على ذلك، يتضمن مشروع قانون المالية من ضمن أولوياته "تحسين استهداف المواطنين في وضعية هشة، وتطوير المساعدات المباشرة من خلال اعتماد إطار قانوني وإطلاق السجل الاجتماعي الفردي ". ترحب المعارضة بمثل هذه المقاربة، بعد أن أثبتت  نجاحها  في أماكن أخرى، خاصة بالهند.

ولكن يجب أن نمر إلى الفعل والتطبيق، أما في الوقت الحالي فلا نرى أية آفاق للإصلاح.

ويتساءل المستشار الاقتصادي بحزب الأصالة والمعاصرة، محمد بدير قائلا "بإصدارها  بطاقة السجل الاجتماعي الموحد فإن الحكومة تقول لكم: لا تحدثوني حاليا عن صندوق المقاصة! حسنا، لكن ما الذي يضمن نجاح هذا السجل سنة 2021؟"...وإلى ذلك الحين، لا يختلف اثنان حول الضرورة الملحة لإصلاح نظام المقاصة.

يقول شفيق البلغيتي، مدير صندوق المقاصة، في مقابلة مع مجلة BAB إنه " لا مفر من إصلاح صندوق المقاصة، لأن جميع الدراسات والتحليلات التي أجريت في هذا الصدد أثبتت وجود العديد من الاختلالات، لاسيما عدم استقرار الغلاف المالي المخصص للدعم بسبب ارتفاع أسعار المواد المدعمة في الأسواق الدولية، فضلا عن زيادة الطلب عليها، وتابع البلغيتي "يهدف الإصلاح الهيكلي لنظام الدعم، من ناحية، إلى المساهمة في استعادة توازنات الاقتصاد الكلي للبلد، ومن ناحية أخرى، إلى ضمان تحول نظام مساعدات باهظ الثمن، ومعمم، وسيء الاستهداف، نحو نظام جديد يحقق العدالة الاجتماعية ".

منتجات الغاز والسكر والدقيق تواصل المقاومة

أسال  تحرير أسعار المواد المحروقات السائلة (الغازوال والبنزين)، الذي دخل حيز التنفيذ في نهاية عام 2015 ، الكثير من المداد ، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى هوامش الربح "الباهظة" التي حققتها شركات التوزيع ".

تشكل "الاتفاقات المخلة بالمنافسة" بين شركات التوزيع الرئيسية الثلاث، والتي أشار إليها مجلس المنافسة، انتهاكا لأحكام قانون حرية الأسعار والمنافسة.

وقد حاولت حكومة العثماني الأولى فرض تسقيف لأسعار هذه المواد بغية الحد من ارتفاعها، لكن دون جدوى.

غير أنه من المؤكد أن ميزانية الدولة قد تخلصت أخيرا  من رسوم المقاصة المتعلقة  بالغازوال والبنزين، فيما لا تزال مواد غاز البوتان والسكر والقمح اللين مستمرة في المقاومة.

وفقًا لتقرير المقاصة المرفق بـمشروع قانون مالية 2020، برسم السنة المالية 2019، فقد برمج قانون المالية ميزانية قدرها 17.67 مليار درهم لدعم هذه لهذه المنتجات الحيوية الثلاثة لتكون في متناول الفئات المعوزة، في الوقت الذي تحضى فيه الفئات الغنية بحصة الأسد من الدعم.

فيما يتعلق بالغاز، يحتوي السوق الوطني أساسا على البوتان التجاري المعبأ في القنينات (94 في المائة).

ويعد الاتحاد الأوروبي المورد الرئيسي لغاز البوتان نحو المغرب (36 في المائة سنة 2018).

و في غضون 30 عامًا تقريبًا، تم تحديد سعر بيع البوتان على المستوى الوطني عند 3333.33 درهمًا للطن، أو 40 درهمًا للقنينة التي تزن 12 كلغ، و 10 دراهم للقنينة التي تزن 3 كلغ، دون احتساب تكاليف النقل (تتكلف 17 شركة بالتوزيع انطلاقا من موانئ طنجة المتوسط والناظور وأكادير والعيون والجرف الأصفر والمحمدية وعبر 37 مركزا للتعبئة.

وسعيا منها لتحقيق استقرار أسعار البوتان، تنظم الدولة أسعاره على مستوى كل حلقات السلسلة، من الاستيراد إلى الاستهلاك. وقد تم دعم قنينة 12 كلغ سنة 2019 لتصل قيمتها إلى 44 درهمًا، بينما وصلت قيمة قنينة 3 كلغ إلى 11 درهما.

وبلغ الاستهلاك الوطني لغاز البوتان 2.38 مليون طن في عام 2018.

أما بخصوص السكر، فيعد المغرب من منتجي السكر ال64  على مستوى العالم ، بفضل زراعته لقصب السكر وشمندر السكر.

ويبلغ الاستهلاك المحلي 1.2 مليون طن سنويا، يتم إنتاج نصفها ويستورد النصف الآخر.

ووفقًا لتقرير المقاصة المرفق بـمشروع قانون مالية 2020، فإن الجهود المبذولة لإعادة تثمين محاصيل السكر قد تعني أن معدل تغطية الاستهلاك عبر الإنتاج الوطني من السكر قد ارتفع من 20 في المائة سنة 2012 إلى 49 في المائة سنة 2019.

ومع ذلك ، فقد بلغت الكميات المستوردة 683 كيلوطن 2016، و 809 كيلوطن سنة 2017 و 751 كيلوطن سنة 2018،ويتم دعم السكر على مستويين: تكييف الواردات ودعم الإستهلاك ، وهي رسوم سنوية شبه  قارة تبلغ 3.5 مليار درهم.

أما بالنسبة إلى دعم القمح اللين ، فيقوم على توفيره المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني.

وخلال حملة 2018-2019، تم استيراد ما يقرب من 59.3 مليون قنطار من مجمل الحبوب، كما تستمر الدولة، حسب الفترات والحالات، في إجراء تعديلات على الرسوم الجمركية وذلك لضمان تسويق الإنتاج الوطني وتزويد السوق بالقمح اللين.

وتجدر الإشارة إلى أن الدعم الحكومي لمنتجات الحبوب يقتصر على القمح اللين، حيث تبلغ قيمته عن هذه السلعة حوالي 1.5 مليار درهم.

وفي إطار إصلاح نظام الدعم الموعود به، تعلن الحكومة عن إمكانية إلغاء صندوق المقاصة من حيث كونه هيكلا إداريا يتألف من 20 موظفًا مدنيًا فقط! السيد رئيس الحكومة: " لا تبع ما لا تملك!"

آخر الأخبار