حينما تلتئم بلاغات البهتان والحقد والغباء لضرب المغرب

الكاتب : الجريدة24

22 يوليو 2021 - 03:30
الخط :

هشام رماح

في تزامن منبنٍ على اتفاق سافر نصبت منظمة "قصص محرمة" (Forbidden Stories) ومعها الإعلام الفرنسي المشنقة للمغرب وقد اتهموه زورا وبهتانا باستخدام برنامج "بيكاسوس" (Pegasus) الإسرائيلي للتجسس على أرقام هواتف "خصوم" المملكة.

وكشف التواطؤ البيِّن ضد المغرب جوع بعض الصحافة الفرنسية، غير أن الأمر لا يتعلق بجوع البطن بل بالرغبة الأكيدة في تصفية حسابات مع بلد جعل الجمهورية تركع وهو يذود عن عبد اللطيف الحموشي الذي أنقذ الـ"فرنسيس" من شلالات الدماء لكن عنجهيتهم منعتهم من بلع حقيقة ظهرت للعيان أن المغرب هو مفتاح أمن واستقرار فرنسا.

الغُصَّة المغربية والدرس الأمريكي
لم يعد بإمكان بعض الفرنسيين ممن يرون أنفسهم سامين عن دونهم، هضم فكرة أن المغرب بلد صلد لا يركع ويملك استقلالية في اتخاذ قراراته واختيار شركائه بمعزل عن الإملاءات وفي حل من محاولات استرضاء "ماما فرنسا" كما يفعل أبناؤها الجنرالات الماسكين برقاب الجزائريين.

وإذ أخذت الحماسة المفرطة الصحافة الفرنسية لتستل سكاكينها المشحوذة لضرب المغرب في خاصرته مستندة على ما لا يصدق عليه وصف "تحقيق" أنجزته منظمة "قصص محرمة" المنشأة في باريس، أعطت الصحافة الأمريكية دروسا بليغة للـ"فرنسيس"، كما الشأن بالنسبة لصحيفة "واشنطن بوست" التي تعد واحدة من أعضاء ائتلاف منظمة (Forbidden Stories)، وقد نشرت في الثلاثاء 20 يوليوز 2021، تفاصيل تدحض في الصميم ما روجه الإعلام الفرنسي الذي انقض مثل الضباع يبغي نهش لحم المغرب المر.

وأفحمت "واشنطن بوست" الجميع بعدما أحجمت عن صرف الاتهامات جزافا للدول وهي تعي بأخلاقياتها استحالة ذلك في ظل انعدام دليل دامغ يفيد المزاعم الفرنسية، إذ لا يمكن عبر القوائم المتوفرة لـ"واشنطن بوست" أن تحدد أي من عملاء الشركة الإسرائيلية "NSO" والأرقام المدرجة فيها، على أن ما بنى الفرنسيون عليهم شكوكهم لم يكن يتعلق بوجود أرقام في القوائم تعود لدول معينة.

وبالاعتماد على المنطق الأعوج للـ"فرنسيس" فإن العثور على رقم يعود لبلد ما مثل المكسيك، قد يكون سببا داعيا لاتهام هذا البلد في التورط في عمليات التجسس على أفراد معينين ببرنامج "بيكاسوس"، وتوغلا لأبد الحدود في هذا الطرح فإن القائمة المنسوبة إلى المغرب تشمل، حسب منظمة " Forbidden Stories "، 10000 رقم  هاتفي، بما في ذلك 1000 رقم في فرنسا و3000 في المغرب و6000 في الجزائر، ومنه فإن المغرب أبعد ما يكون للسيطرة على هذه القوائم لماذا؟ لأن الجزائر هي التي تأتي في المقدمة.

اتهامات باطلة وأدلة خيالية
بالعودة لحكم العقل، فإن منظمة " Forbidden Stories" تدعي توفرها على أدلة تفيد بتورط المغرب في التجسس على أفراد ببرنامج "بيكاسوس" والمغرب ينفي، والقاعدة الفقهية القانونية تفيد "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" لا تلائم هذا الوضع. لأن المغرب لم ينكر فقط بل واجه بصدر عال الاتهامات الموجهة إليه وتحدى أن تدلي المنظمة بأدلتها وقد أعلنت تهربا لا تعففا أنها لا ترغب في نشر هذه الأدلة.

وانكشف سوء سريرة منظمة " Forbidden Stories" فهي وكأمثالها من المنظمات التي تسترزق من الفراغ ترمي بالاتهامات جزافا وباطلا وهي تراهن على أن "المتهم" لن يستطيع معها صبرا وسيصغر أمامها ويأتي إليها صاغرا أو يتحرى الصمت الذي يفسر من قبل هذ المنظمات غير الحكومية، بكونه مريب. لماذا؟ لانتفاء ما يمكنه الدفاع به عن نفسه بانتفاء الأدلة التي تثبت ما وجه إليه من تهم.

وفي غياب أدلة دامغة تثبت ادعاءات " Forbidden Stories" فإن ما يفسر الهبَّة المسعورة التي أخذت الإعلام الفرنسي ليس غير الرغبة في افتراس المغرب بعد تلقيها "توجيهات" بهذا الشأن أو لأن في ذلك تنفيس عن أنفس القائمين على دور الصحافة في الجمهورية الذين لا يطيقون المغرب ويرونه عصيا على بلادهم لا طيعا مطواعا.

ثم ألم يكن حريا بمنظمة " Forbidden Stories"أن تختصر الطريق وتوجه الأدلة التي تحوزها إلى رئيس البلاد وأعضاء الحكومة الفرنسية وغيرهم؟، أم أن الصحفيون ممن لجأت إليهم  للتشهير بالمغرب وشن حملة شعواء ضده أقدر على أن يواجهوا المغرب بهذا اتهامات من السلطة الحاكمة في الجمهورية؟ هذا التساؤل يستحق الوقوف عنده طويلا والإجابة عنه تحمل في طياتها ما يكشف حقيقة دوافع " Forbidden Stories" والإعلام الذي يشتغل بمعيتها على توجيه مدفعية الاتهامات نحو المغرب.

بين الغباء والذكاء شوط كبير
من غرائب الاتهامات الموجهة للمغرب أنه سخَّر برنامج "بيكاسوس" للتجسس على الهواتف الثابتة لـ"راديو فرنسا"، فهل المغرب تفوق كثيرا، بقدر جعله قادرا على التجسس على الهواتف الـ"فيكس"، رغم أن الشائع بشأن برنامج "بيكاسوس" أنه يتجسس فقط على الهواتف الذكية فقط، ثم أليس الموقع الجغرافي شرطا ضروريا، فأن يتجسس المغرب من المغرب على هواتف راديو فرنسا في فرنسا يعد ضربا من الخيال إلا في أذهان أعداء المملكة، أمثال "Edwy Plenel" الذي ادعى أن المغرب تجسس عليه ببرنامج "بيكاسوس" حين حلوله بين ظهراني المغاربة في الصويرة في يوليوز 2019، بما يفيد ان عملية التجسس عليه ما كانت لتتحقق لولا نزوله بالمغرب. أليس كل هذا قمة التناقض.

وفيما أثير أنه جرت محاولة للتجسس على هاتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون  في يوليوز 2019 في الجزائر،  تزامنا مع محاولة التجسس على الدبلوماسيين الأخضر الإبراهيمي ورمطان العمامرة، وكذلك السفير الفرنسي في الجزائر، يتبادر سؤال بديهي لا بد وأن يطرح، كيف لبلد مثل المغرب، يروم دوما نسج علاقات مبنية على الثقة والتعاون أن يجنح لمثل هكذا ممارسات تتمثل في التسلل لعدد كبير من أرقام الهواتف، دون أن ينتظر ردة فعل إزاء ذلك؟ لماذا؟ لأن اقتراف مثل هذا الأمر يتطلب قدرا هائلا من الغباء والمغرب أذكى من أن يتورط في مثل هذه القذارة.

آخر الأخبار