توترات المشرق العربي ترخي بظلالها على المغرب العربي

الكاتب : وكالات

28 أغسطس 2021 - 11:00
الخط :

بعد أن كان التوتر وعدم الاستقرار هو السمة الطاغية على منطقة المشرق العربي وذلك طوال نصف قرن تقريبا، يبدو أن المنطقة المغاربية استوردت بدورها واقع التوتر هذا وذلك بعد عدة عقود من الاستقرار بالرغم من الخلافات الخفية التي كانت موجودة.

مع إعلان الجزائر قطع العلاقات مع المغرب، يبدو أن المنطقة استوفت عناصر المشهد المشرقي في كل جوانبه تقريبا.

أولى هذه التوترات تتجلى في عدم الاستقرار السياسي الداخلي متعدد الأشكال. فإن اتخذ هذا التوتر شكل المواجهة بين المحتجين والسلطة في الشارع في الحالة الجزائرية، فقد اتخذ في الحالة الليبية شكل تعميم العنف المسلح لسنوات في حين اتخذ في تونس شكل عدم استقرار حكومي وشلل على مستوى تسيير الشأن العام. مختلف هذه الوضعيات صاحبت منطقة المشرق العربي لعقود ولم تسلم منها سوى الملكيات الخليجية.

ربما الفارق الأهم يبقى التجانس المجتمعي الذي نلاحظه في البلاد المغاربية مقابل قوة الثقافات المحلية في المشرق العربي من طائفية وعشائرية واختلافات دينية.

المستوى الثاني يتمثل في تزايد التوتر البيني، أي بين الدول، خاصة مع إعلان الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب في خطوة تصعيدية تستعيد أجواء المواجهة العسكرية التي أعقبت الاستقلال.

هو توتر جدي خاصة وقد اتهمت الجزائر جارتها بالعمل على تقويض الاستقرار والاعتداء على السيادة بمساعدة قوى عدوة وذلك حين تم التلميح لإسرائيل.

لحسن الحظ أن إمكانات المواجهة العسكرية البينية أصبحت غير مقبولة في كل العالم اليوم.

الجديد أيضا أن مختلف هذه التوترات الداخلية والبينية فتحت الأبواب وبشكل غير معهود للتدخلات الإقليمية مثلما عرفت به وضعيات المشرق العربي طوال تاريخها المعاصر.

فها هي تركيا تفرض نفسها كلاعب رئيسي في الوضع الليبي كما تفرض نفسها حليفا للقوى الإسلامية في تونس وتحاول حتى التوسط في المنطقة. في المقابل تتدخل بلدان مثل الإمارات العربية وكذلك السعودية ومصر في الاتجاه المعاكس. وهذه تعد مؤشرات قوية على الضعف السياسي الداخلي والبيني الذي وصلت إليه الوضعية في البلاد المغاربية خلال السنوات الأخيرة.

هل يعني ذلك أن الحالة الطبيعية للأوضاع السياسية في العالم العربي تتلخص بالضرورة في مختلف هذه التوترات وأن البلاد المغاربية عادت إلى وضعها الطبيعي؟

لا نعتقد أن الأمر على هذا الحد من التبسيط. صحيح أن هناك بعض عناصر التوتر المجتمعي لازالت قائمة مثلما هو الحال في الشأن الليبي مع حيوية الانتماءات الجهوية والعشائرية. لكن الوضع المغاربي العام يبقى بعيدا عن مستوى التوترات الهيكلية التي تشق الدولة والمجتمع في المشرق العربي.

آخر الأخبار