رسالة اختفاء النحل..ما مصدر العسل الذي لا ينتجه النحل؟

الكاتب : وكالات

01 فبراير 2022 - 11:30
الخط :

يشهد العالم منذ سنوات ارتفاعًا في استهلاك العسل الطبيعي، بينما يشهد إنتاج هذه المادة انخفاضًا رهيبًا بسبب تراجع أعداد النحل، أدى إلى تضاعف كميات العسل المغشوشة في الأسواق العالمية، ما يعد كارثة على صناعة النحل، تبدو مخاطرها أسوأ من مخاطر المبيدات الحشرية.

ويعتبر العسل - إلى جانب المشروبات الكحولية وزيت الزيتون - أكثر ثلاثة منتجات زراعية تتعرض للغش في العالم، ويقول رئيس المنظمة الدولية لمصدّري العسل إن «المنتجات المغشوشة تغرق الأسواق العالمية، حيث تحمل ملصقات مزورة يتم فيها تزوير بلد المنشأ أو يضاف للمنتج شراب العسل".

وتؤكد الإحصاءات والأرقام جسامة المشكلة، وفي هذا الشأن يتساءل رئيس الاتحاد الفرنسي لمربي النحل: «تتراجع أعداد النحل على الكرة الأرضية يوما بعد يوم، لكننا لم نستهلك أبدًا العسل بهذه الكميات، لذلك علينا أن نبحث عن الخطأ في الموضوع".

ووفق منظمة الزراعة العالمية، يقترب الإنتاج العالمي للعسل الطبيعي من مليون ونصف المليون طن سنويًا، بينما يزيد حجم الاستهلاك على 400 ألف طن، فالصين التي تعد المنتج الأول للعسل الطبيعي في العالم تنتج قرابة 450 ألف طن سنويًا، تصدّر ثلثها، وتستهلك الباقي.

أما فرنسا التي بلغ إنتاجها السنوي عام 2016 نحو 9 آلاف طن فلا يتوقف استهلاك هذه المادة الطبيعية الصحية فيها عن الارتفاع، حيث تجاوز 45 ألف طن عام 2016، وفق رئيس الاتحاد الفرنسي لمربي النحل، وتتم تغطية العجز باستيراد العسل من دول الاتحاد الأوروبي.

ولعل السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو: ما مصدر العسل الذي لا ينتجه النحل؟.

تؤكد المعلومات بأن مصدر هذا النحل هو آسيا، خصوصًا الصين، حيث لا يتم التدقيق على مصدر ونوعية المنتجات مثلما يجري بشأن المحار والمشروبات الكحولية والحليب. والصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي يرتفع فيها إنتاج العسل، بينما تشهد بقية دول العالم انخفاضًا.

وفي تعليقهما على هذا الوضع، يقول فرنسوا روش وبياتريس ماتيو، مؤلفا كتاب «العسل: تحقيق حول الذهب الأصفر الجديد»، إن «النحل والعسل يعانيان من الأوجاع ذاتها التي تعانيها مجتمعاتنا، كالتغير المناخي وتلوث البيئة الطبيعية والشبكات التجارية المجهولة والتهريب والغش في ما يتعلق بالمصدر وطبيعة المنتج».

ويؤكد روبرتو غارسيا وجود كميات كبيرة من العسل المخفف بأسعار أقل في الأسواق العالمية، ولمواجهة هذا الغش في فرنسا، ضاعفت المديرية العامة للمنافسة والاستهلاك وقمع الغش إجراءاتها الرقابية التي أثمرت نتائجها، حيث تبين أن عيّنة من أصل 5 عينات من مجموع 250 منتج عسل طبيعي تم فحصه، ليست مطابقة، وهو ما جرى الوقوف عليه في دول أوربية أخرى، بعد اتخاذ الإجراءات ذاتها.

لكن عملية الغش الأكثر انتشارًا هي التقليد، وتقوم على تغيير المنتج بهدف خفْض سعره.

ووفق السلطات العمومية الفرنسية يجري ذلك عن طريق إضافة مواد سكرية منخفضة الثمن أو تخفيف تركيز العسل لخفض ثمنه، ولهذا السبب يبلغ سعر علبة العسل في المتاجر الفرنسية 3 يورو، وأخرى بـ7 أو15 يورو.

ووفق هنري كليمون، فإن المنتجات الرخيصة ليست سوى عسل أرز سائل أو عسل ذرة سائل، يتميزان بلون العسل ذاته، ويتم إنتاجهما بطرق تسمح لهذه المنتجات بتجاوز التحاليل الأوروبية. وتأتي غالبية هذه السوائل المحلاة من الصين، فخلال عشرة أعوام تضاعفت كميات العسل المستوردة، حيث تمثل الآن ثلاثة أرباع الاستهلاك، وفق دراسة أجرتها مؤسسة فرانس أغري مار، وبيّنت أن فرنسا تستورد العسل من ثلاث دول هي: أسبانيا المصدر التاريخي لها، ثم الصين، وأوكرانيا، لكن نصيب الصين أكبر، ذلك أن العسل الصيني يمر عبر أسبانيا قبل أن يتم تصديره إلى فرنسا.

أما النوع الثاني من الغش فيتمثل في تزوير بلد المنشأ، فهناك متعاملون يعرضون العسل المستورد في صورة عسل من إنتاجهم، مثلما يجري بشأن العسل البلغاري الذي يجتاز الحدود الفرنسية اسبوعيا ويبيعه المنتجون المحليون كعسل فرنسي محلي. ويمثل هذا 27 في المئة من العسل الذي يتم بيعه في فرنسا، وهي نسبة لا يجب تجاهلها، خاصة أن حجم هذه التجارة يصل إلى 400 مليون يورو.

وتسيطر على تجارة العسل في فرنسا شركة ميشو التي ستصبح المنتج العالمي الاول، متقدمة على شركة ماري، التي تعود جذورها الى مدينة فاندي الفرنسية.

من المؤكد أن العسل المغشوش ليس مضرا بالصحة ولا خطرا، لكن الغش الأسوأ هو ذلك الذي يتضمن عسلا ملوثا، سواء بالمبيدات الحشرية أو المضادات الحيوية التي تستخدم في علاج النحل، ولا نعرف ما إذا كانت سامة أم لا، ممنوعة أم لا، لكن في المقابل، يمكن ان يخضع العسل لعملية غش متكاملة، كتزوير بلد المنشأ وايضا المصدر النباتي، فعلى سبيل المثال يمكن أن يضاف على عسل أشجار التنوب، الأغلى ثمنا، والذي يصنع جزء منه من عسل دوار الشمس، كميات من العسل المستورد الذي يتضمن مواد سكّرية. ووفق نوربرتو غارسيا، فإن العسل المغشوش هو أكبر خطر على صناعة العسل الطبيعي، علاوة على المبيدات الحشرية أو المشكلات الصحية.

آخر الأخبار