يوليوز.. الآلهة التي أوجدها الإنسان الأول ليسكنها السماء

شهر يوليو، هو شهر مرتبط بقدوم الصيف بكل ما يحمله من خصب ونضج للطبيعة، ولاسم هذا الشهر، كما تعرفه دول المشرق العربي، دلالة أسطورية حيث جاء اسمه من إله الزراعة والرعي (النباتات والماشية) تموز.
ولتموز الإله قصة حزينة، فرغم أنه ينتمي إلى الآلهة التي أوجدها واختارها الإنسان الأول ليسكنها السماء، والتي تشبهه إلى حد بعيد، إذ تحب وتكره وتتزوج وتنتقم، إلا أنها تختلف عنه بكونها خالدة، لكن تموز هذا الإله الفريد لم يكن خالداً.
ولعل أقدم النصوص التي تحدثت عن أسطورة تموز هي النصوص السومرية التي روت قصة الإله ديموزي (تموز) مع الإلهة إنانا (عشتار) وفيما بعد جاء ذكره في النصوص البابلية والآشورية.
يقول الكاتب والباحث السوري، جورج كدر، مؤلف كتاب (معجم آلهة العرب قبل الإسلام): "في النقوش القديمة كان اسم تموز مرتبطا باسم الإله أبسو البابلي، وهو كبير الآلهة وإله المياه، وكان يشار إليه بـ تموز أبسو، والذي يعني ابن الإله".
ويشير كدر إلى أن ديموزي في التسمية السومرية يعني ابن إله المياه العظيم، فتموز أخذ أسماء مختلفة في حضارات مختلفة "فهو ديموزي السومري، وتموز البابلي، وأدونيس الإغريقي، وأدون الفينيقي، كما هو أيضا أدونيس في حضارة أوغاريت".
وهناك اعتقاد سائد لدى بعض الباحثين أن تموز كان من سلالة ملوك سومر قبل مايسمى بعصر الطوفان، ويفسر كدر السبب وراء هذا الاعتقاد: "من المرجح أن عصر الملك تموز كان عهد خصب وازدهار ورخاء، فتم تخليده بإحدى أهم أساطير العالم القديم وهي أسطورة الخصب المقدس".
تقول الأسطورة إن الإله تموز وقع في غرام إلهة الخصب والحب والجمال عشتار، وبعد منافسة مع الكثيرين من خاطبي ودها والمتوددين إليها، نجح تموز في إقناع عشتار بالزواج منه.
وعاش الاثنان في نعيم وأُطلق على بيتهما اسم "بيت الحياة"، إذ جمع هذا الزواج المقدس بين إلهة الحب والخصب وإله الرعي والنباتات (الطعام) وبذلك اختزلا أساس الحياة ومن هنا أتت التسمية.
ويشرح الباحث جورج كدر: "لفهم الطبيعة وتغيراتها لجأ الإنسان القديم إلى تجسيدها بهيئة بشرية، وقد ارتبط اسم تموز باسم عشتار لتكتمل قصة الزواج المقدس، ويعني اسم عشتار في اللغات القديمة (الرحم) وهو مصدر عملية الخلق، فمن الطبيعي المقاربة بين المرأة والطبيعة باعتبار أن عشتار (الرحم) هي الأرض التي تعطي الإنسان خيراتها".
لكن عشتار قررت النزول إلى العالم السفلي، وعلى الرغم من أن السبب وراء قرارها هذا يلفه غموض كبير، إلا أن بعض الباحثين أرجعوا ذلك إلى طموحها، فقد أرادت أن تطلق الأموات من العالم السفلي الذي تحكمه أختها "أريشكيجال".
توجد في العديد من الأديان دلالات مشابهة لأسطورة تموز، يقول الباحث جورج كدر: "يمكن للمرء أن يلحظ تردد صدى أسطورة تموز في العديد من الأديان، حتى السماوية منها، فاسم موسى يعني في الفرعونية القديمة المنتشل من الماء أو لنقل مجازا ابن الماء، وهذا يتناغم مع اسم النسخة السومرية ديموزي، والتي تعني ابن إله المياه العظيم".