الصحراء في مجلس الامن :جثت دفنت.. مناورات أحبطت.. حقوق انتصرت

الكاتب : الجريدة24

28 فبراير 2024 - 10:20
الخط :

مصطفى العراقي

بلغ عدد قرارات مجلس الأمن التي تناولت قضية الصحراء 76 قرارا صدر أولها في أكتوبر من سنة 1975.وآخرها في أكتوبر الماضي. ومن المفترض أن يصدر قرار جديد في أكتوبر المقبل...

37 قرارا سعت الى إعمال ما سمي ب"خطة التسوية" لكن نوايا خصوم المغرب الجزائر والبوليساريو تعمدا تأويل مضامينها بهدف إطالة أمد النزاع. ولم يفلح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة جيمس بيكر في إقناعهما بتعديلاته وببدائله خلال الست سنوات التي قضاها بهذه المهمة.  ست سنوات تم خلالها دفن "خطة التسوية" و"لجنة تحديد الهوية" وذلك   المطلب الذي دأب مجلس الامن ادراجه في قراراته واتضح أنه غير واقعي ومستحيل:" اجراء استفتاء حر ونزيه ومحايد". ونفس المصير بالنسبة  ل"الاتفاقالاطاري" و"خطة السلام " او ما عرف بمخطط بيكر الأول ومخططه الثاني. وهي أموات تخلى عنها المجلس  في قراراته "جثة" بعد "جثة".

اتجهت الأمم المتحدة الى البحث عن حل سياسي واقعي بعد أن تأكد لمجلس الامن استحالة تنفيذ "خطة التسوية " ومتطلباتها وما تم اقتراحه من وصفات لعلاجها. وقد قدم المغرب الى الأمين العام مقترحا يندرج في إطار الجهود التي تبذلها الرباط والتي يصفها مجلس الامن بالجدية وذات المصداقية..

مقترح المغرب: الجدية والمصداقية و...الواقعية

في 26 يونيه 2006 وجه الأمين العام للأمم المتحدة رسالة الى   مجلس الامن يطلب منه " اعداد قرار ذي طابع جوهري بشأن الحالة في الصحراء..." .وبالفعل وبناء على هذا القرار قدم المغرب  في 11 أبريل 2007  مقترحاالى الأمين العام  .ومن سنتها  وإلى اليوم أدرج المجلس في قراراته  أنه "يرحب بالجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية والرامية الى المضي قدما بالعملية صوب التسوية "..وهي عبارة ربطها المجلس بالمقترح المغربي الذي تضمن مبادرة الحكم الذاتي في إطار الوحدة الترابية للمملكة .وقد حضي هذا المقترح بدعم العديد  من الدول  واساسا اسبانيا التي كانت قوة استعمارية بالصحراء وتعرف خبايا الملف وتطوراته وكذلك الولايات المتحدة وفرنسا وأغلب الدول الافريقية ...ومما جاء في المذكرة التقديمية للمقترح :

"إنها مبادرة توافقية وخلاقة، مسؤولة ومنفتحة، ستمكن، بالنظر لمضمونها وغايتها، جميع الصحراويين، سواء منهم المقيمون داخل المملكة، أو الموجودون بالخارج، من التدبير الديمقراطي لشؤونهم المحلية، من خلال هيئات تمثيلية، تشريعية وتنفيذية، وقضائية. كما تتيح هذه المبادرة تجسيد مبدأ تقرير المصير، من خلال تعبير حر ديمقراطي وعصري، بشأن نظام الحكم الذاتي. وهي بذلك مطابقة للشرعية الدولية، مستوعبة للقواعد والمعايير العالمية المعمول بها، في مجال الحكم الذاتي. فضلا عن كونها تكفل احترام حقوق الإنسان وتعزيزها، كما هي متعارف عليها عالميا، وكما يكرسها دستور المملكة".

أطاح المقترح المغربي بكل الصيغ التي أرادتها الجزائر والبوليساريو على مقاسهما وتنسجم مع نواياهما..واتضح ذلك من خلال ما تضمنه مقترح البوليساريو الذي وكأنه ليس على علم بوفاة خطة التسوية وما تفرع عنها إذ طالب  ولا يزال بتنفيذها وبإجراء الاستفتاء... ولم يجد الأمين العام ومجلس الامن لمواجهة هذا الوضع الا الدعوة الى الواقعية.

ففيتقريره بتاريخ 14 أبريل 2008 قدم الأمين العام توصيةيطالب فيها ب "التحلي بالواقعية والرغبة في التسوية لأنهما أمر ضروري لإحراز تقدم في المفاوضات ".. ودأب المجلس الى التذكير في قراراته اللاحقة بهذه التوصية.

واستنادا على تلك التوصية بل ومن خلاصات تعامله مع ملف الصحراء صرح المبعوث الشخصي بيتر فان فالسوم (وقد جاء الى هذه المهمة في يناير 2005) صرح أمام مجلس الأمن وهو يناقش ذلك التقرير بأن" استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا"، مضيفا "لقد أحسست بالحاجة إلى إعادة التأكيد على هذه الخلاصة المتمثلة في أن استقلال الصحراء الغربية ليس هدفا قابلا للتحقيق...". وكان الممثل الخاص أيريك جونسون قد توصل الى نفس الخلاصة بعد إدارته للملف من 1994 الى 1997.

وبعد عشر سنوات كانت خلالها الجزائر والبوليساريو تتعمدان الهروب الى الماضي وتتمسكان بإحياء عظام "خطة التسوية " وهي رميم، أدرج المجلس ومنذ قرار31 أكتوبر 2018 (2440) الصيغةالموسعة "ضرورة التوصل الى حل سياسي واقعي وعملي ودائم ومقبولعلى أساس التوافق".وفي قراريه لسنتي2022 و2023 أورد انه "يشجع المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا على العمل مع المبعوث الشخصي بروح من الواقعية والتوافق".

ويعد المقترح المغربي التعبير الواقعي عن الحل السياسي. وقد شرع مجلس الامن في تعزيز هذا المقترح بتأكيده على تنفيذ القرارات التي صدرت مباشرة بعد تقديمه. وعزز ذلكفي ديباجات قراراته الخمس الأخيرة حيث أدرج خمس فقرات مترابطة بعضهاببعضتبرز أن:

العملية السياسية التي شرعت فيها الأمم المتحدة يجب ان ينخرط في المشاركة فيها كل من المغرب وموريتانيا والجزائر والبوليساريو.

ان على هذه الأطراف " التعاون بشكل أكمل مع بعضها بعضا، بوسائل منها بناء مزيد من الثقة، ومع الأمم المتحدة، وكذلك تعزيز مشاركتها في العملية السياسية واحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي".وأن التوصل الى حل سياسي لهذا النزاع الذي طال امده، وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي من شأنهما ان يسهما في تحقيق الاستقرار والامن ...".

الالتزام بالمساعدة على التوصل الى حل سياسي عادل دائم ومقبول ويعود بالفائدة على المنطقة ...

التصميم على كفالة حل سياسي عادل ودائم   يضمن تقرير المصير في سياق ترتيبات تتمشى مع مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة..

التأييد القوي للجهود التي يبذلها الأمين العام ومبعوثه الشخصي بهدف إيجاد حل سلمي للنزاع الذي طال أمده ...وأعرب عن استعداده للنظر في أي نهج ينص على تقرير المصير يتم اقتراحه.

وفي محاولة منها للتشويش على المقترح المغربي ومواجهة التأييد الذي يتسع سنة بعد سنة ناورت الجزائر والبوليساريو والمساندين لأطروحتهما على جبهتين. الأولى محاولة توسيع ولاية المينورسو لتشمل حقوق الانسان. والثانية السعي لعزل المغرب عن عمقه الافريقي بحشد عناصر من ميليشيات الانفصاليين في منطقة الكركرات. وقد واجهت وبحزم الدبلوماسية المغربية الجبهة الأولى والقوات المسلحة الملكية الجبهة الثانية. وتجاوزت قرارات مجلس الامن هاتين المحطتين وسجلت بلادنا انتصارا بإحباطها المس بسيادتها على الأقاليم الجنوبية.

حقوق الانسان:هزيمة التآمر

شكل موضوع إدراج حقوق الانسان بالأقاليم الجنوبية في قرارات مجلس الامن إحدى مجالات مناورات خصوم المغرب خاصة منذ تقديمه لمقترح الحكم الذاتي في أبريل 2007.وأوحوا لمنابر اعلامية ومنظمات غير حكومية إثارة الموضوع مستغلين ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لسنتي 2007 (الفقرة 39) و2008(الفقرة 49):

(الفقرة 49 من التقرير): "بما أن بعثة الأمم المتحدة المينورسو لم تكلف بولاية خاصة في مجال حقوق الانسان، فليس لها موظفون مكرسون لرصد حقوق الانسان في الإقليم أو في مخيمات اللاجئين قرب تندوف. كما أن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان غير مشتركة في عمليات البعثة. غير أن الأمم المتحدة تعترف بواجبها في مجال الالتزام بمعايير حقوق الانسان في جميع عملياتها، بما في ذلك في الصحراء الغربية...".

ودفعوا مؤسسات مناوئة للوحدة الترابية للمغرب الى تنظيم ندوات وإصدارات وجدت في تقارير منظمات  مثل امنستي وهيومان رايت ووتش مبررا لها.

وشرعت جبهة البوليساريو وتحت الطلب الدفع بأشخاص لاصطناع اصطدامات مع قوات الامن بمدن الصحراء للادعاء بوجود انتهاكات.. وتم إغراق الأمانة العامة للأمم المتحدة برسائل احتجاجات بعثتها قيادة الانفصاليين   ...

شهد مجلس الامن في سنوات 2009 و2010 و2011و 2012 مناقشات صاخبة سواء أثناء إعداد القرارات او في تفسير التصويت عليها أثير خلالها موضوع حقوق الانسان.ودفع خصوم الوحدة الترابية لبلادنا بعض الأعضاء غير الدائمين مثل نيجيريا (2010و2011) واوغندا (2009 و2010) والمكسيك (2009 و2010) وجنوب افريقيا (كانت عضو سنتي 2007 و2008) الى المطالبة بإدخال تعديلات تنص على توسيع اختصاصات المينورسو لتشمل مراقبة أوضاع حقوق الانسان.. كانت المناقشات مطولة امتدت لساعات تم عقبها التوصل الى صيغة أدرجت في  ديباجة القرار 1871 (30 أبريل 2009) وهي:

"وإذ يؤكـد(المجلس) علـى أهميـة إحـراز تقـدم في الجانـب الإنـساني مـن النزاع باعتبـاره وسـيلة لتعزيـز الـشفافية والثقـة المتبادلـة مــن خـلال الحـوار البنَّـاء واتخــاذ تـدابير إنـسانية لبنـاء الثقــة ".

لكن الموضوع أثير من جديد أثناء اعداد قرار سنة 2010 وهددت بعض الدول السابقة بعدم التصويت إذا لم يتم تعديل فقرة الديباجة. وتطلب الامر مفاوضات وتوافقات أفضت الى توسيع الفقرة بإضافة " وإذ يلاحظ ضرورة تقيـد جميـع الأطـراف بالتزاماتها، مـع مراعـاة أدوار ومـسؤوليات منظومـة الأمم المتحدة والفقرات ذات الصلة من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة ".

لم تنه الفقرة النقاش الذي  كان هدف المناوئين للمغرب  منه توسيع ولاية المينورسو لتشمل حقوق الانسان. فقد عرف قرار 2011 مناورات جديدة من مساندي الاطروحة الجزائرية واجهها المغرب ومؤيدوه بإحباطها وإفشال إعادة النظر في اختصاصات البعثة وتم التوافق على أن يشمل القرارالفقرة التالية:

"وإذ يؤكـد (المجلس) علـى أهميـة تحـسين حالـة حقـوق الإنـسان في الـصحراء الغربيـة ومخيّمـات تندوف، وإذ يشجّع الطرفين علـى العمـل مـع المجتمع الـدولي علـى وضـع وتنفيـذ تـدابير تتّـسم بالاستقلالية والمصداقية لكفالة الاحترام التام لحقوق الإنسان، مـع مراعـاة كـل منـهما لمـا عليـه من التزامات بموجب القانون الدولي".

وتزامن القرار1979 ل 27 أبريل 2011   بإحداث المغرب للمجلس الوطني لحقوق الانسان الذي أنشأ 13 ألية جهوية من بينها آليتين في الأقاليم الصحراوية. رحب قرار مجلس الامن بإنشاء المؤسسة الوطنية و"بالعنصر المقترح فيما يتعلق بالصحراء الغربية، وبالتزام المغرب بأن يكفل انفتاح سبل الوصول غير المشروط أو المقيد لجميع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة".

استمر موضوع حقوق الانسان في سنة 2012يحتل حيزا من تقارير الأمين العام ومناقشات الدول الأعضاء بالمجلس.وهي السنة التي زار فيها المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف بالتعذيب المنطقة في شتنبر 2012. وفي قرار 2013 للمجلس تم إضافة الفقرة:

"وإذ يشجع الطرفين على مواصلة جهود كل منهما من أجل تعزيز حقوق الانسان وحمايتها في الصحراء الغربية ومخيمات تندوف للاجئين، بما في ذلك حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات، وعلى إيلاء الأولوية لها". وكان الأمين العام قد أقر في تقريره لتلك السنة (2013) بتعاون المغرب مع الجهات المكلفة بولايات في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الانسان ن وبالدعوة المفتوحة التي وجهها أليها للدخول الى الصحراء.

وهي الفقرات التي تضمنتها القرارات اللاحقة الى اليوم (قرار 2023).

وفي خضم هذا النقاش وبدعوة من جلالة الملك زارت المفوضة السامية لحقوق الانسان السيدة نافي بيلاي المغرب في ماي 2014. ولاحظت حسب تقرير الأمين العام "الخطوات الحثيثة التي خطاها المغرب نحو النهوض بحقوق الانسان وحمايتها على نحو أفضل. ..".

في خطاب الذكرى 39 للمسيرة الخضراء (6 نونبر 2014) قال جلالة الملك محمد السادس:" كفى من المزايدات على المغرب. وكفى من استغلال فضاء الحقوق والحريات، التي يوفرها الوطن، للتآمر عليه.

إن المغرب يتوفر على آلياته ومؤسساته الخاصة، المشهود لها دوليا بالالتزام والمصداقية، لمعالجة كل القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان.

والمغرب هو البلد الوحيد بالمنطقة، الذي يتعاون مع الآليات الخاصة للمجلس الأممي لحقوق الإنسان.

كما أنه مستعد للانفتاح أكثر على مختلف الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية، التي تعتمد الحياد والموضوعية، في التعامل مع قضاياه".

وأضاف جلالته:" لا لأي محاولة لمراجعة مبادئ ومعايير التفاوض، ولأي محاولة لإعادة النظر، في مهام المينورسو أو توسيعها، بما في ذلك مسألة مراقبة حقوق الإنسان".

الكركرات: صفعة مغربية على وجه الخصوم

وردت "الكركرات" أول مرة في القرار 2351 لأبريل 2017 اذ أقر المجلس بان "الازمة في المنطقة العازلة في الكركرات تثير مسائل أساسية تتعلق بوقف إطلاق النار والاتفاقات ذات الصلة ويشجع الأمين العام على بحث السب التي يمكن م خلالها حل هذه المسائل".

وفي القرار 2414 لأبريل 2018أعرب المجلس عن" القلق لوجود جبهة البوليساريو في المنطقة العازلة في الكركرات "ودعا الى " انسحابها الفوري ". كماأعرب عن القلق إزاء اعلان جبهة البوليساريو عن عزمها نقل المهام الإدارية الى بير الحلو. ودعاها الى الامتناع عن أي عمل من هذه الاعمال المزعزعة للاستقرار".

وفي قراره 2440 لأكتوبر 2018 دعا المجلس جبهة البوليساريو الى "التقيد التام بالالتزامات التي قدمتها الى المبعوث الشخصي فيما يتعلق ببئر الحلو ونيفارتي والمنطقة العازلة في الكركرات".

وفي القرارات التالية الى سنة 2023 أدرج المجلس فقرة تشير بالأصبع الى البوليساريو يؤكد فيها على "ضرورة الاحترام التام للاتفاقات العسكرية التي جرى التوصل اليها بشأن وقف إطلاق النار ". ودعوته الى " التقيد التام بتلك الاتفاقات.. و" الامتناع عن أي اعمال من شأنها ان تقوض المفاوضات التي تسيرها الأمم المتحدة او ان تؤدي الى زيادة زعزعة استقرار الحالة في الصحراء".

واتضح من قرارات مجلس الامن ان جبهة البوليساريو هي المسؤولة عما حدث بمنطقة الكركرات من عرقلة لتنقل الأشخاص والبضائع وان عليها سحب عناصرها التي عرقلت حركة مرور الشاحنات والافراد عبر المعبر منذ 21 أكتوبر بعد ان تسللت ميليشياتها الى المنطقة العازلة وقامت بأعمال عصابات وقطاع طرق. وكان المغرب وبعملية  ناجحةللقوات المسلحة الملكية وفي احترام تام للسلطات المخولة له قدأعاد في نونبر 2020 إرساء حرية التنقل وسد الثغرة التي يتسلل منها البوليساريو الى المنطقة العازلة الكركرات.

ومن خلال قرارات المجلس الصادرة منذ 2020 يتضح كذلك ان ادعاء البوليساريو بان المغرب هو الذي خرق إطلاق النار المتفق عليه في 1991 هي ادعات باطلة وان ما يعلن عنه الانفصاليون   من عمليات عسكرية (ما يفوق 1000 بلاغ عسكري) هي مجرد جعجعة أوهام في مقرات الجبهة بتندوف..

الجزائر:من طرف مستترالى ظاهر في القرارات

افتعلت الجزائر نزاع الصحراء في النصف الأول من عقد سبعينيات القرن الماضي. ورأت في أن الأوضاع الداخلية للمغرب جعلت   المؤسسة الملكية في حالة ضعف (انقلابان فاشلان واعتقالات سياسية ومحاكمات استهدفت قوى المعارضة. وانتفاضات في مناطق عدة). وأنها فرصتها كي تزج ببلادنا في الركن الضيق ولم لا لتفرض عليها   الحل الذي يخدم روح الهيمنة الإقليمية التي استبدت بها في عهد   الرئيس هواري بومدين..

اتخذت منظمة الوحدة الافريقية في العقدين السبعينيات والثمانينيات من ذلك القرن قرارات معادية للمغرب تمخضت على انحياز أنظمة عسكرية جاءت الى حكم بلدانها على ظهر دبابة واستفادت من أموال جزائرية من جهة ومن جهة ثانية تبنيها الانتهازي لخطاب "التقدمية" و"الايديولوجية الاشتراكية ".. وثالثا غياب بلادنا بعد انسحابها من هذه المنظمة. ووجدت هذه القرارات صدى لها في  الجمعية العامة للأمم المتحدة (خاصة قرارات 1973) وبشكل أقل بقرارات مجلس الامنلسنة 1975..

اختبأت الجزائر وراء صيغة "الأطراف المهتمة " مدعية أنها غير معنية بالنزاع. (وهي صيغة وردت لأول مرة في قرارات مجلس الامن في 22 أكتوبر و2 و6 نونبر 1975). بالرغم من أن المجلس قرر الاستماع اليها عشية اتخاذه قراره الأول في 22 أكتوبر 1975.

وبالرغم من أن كل الاقتراحات والتصورات والمخططات التي طرحتها الأمم المتحدة كانت تتطلب ملاحظات الجزائر وموافقتها الى أن المجلس لم يدرج اسمها بشكل ظاهر وصريح . وكان اخر قرار لم يسمها بالاسم هو الذي يحمل رقم 2414 لسنة 2018. أشار اليها فقط ضمنا كدولة مجاورة وأهاب بها إلى جانب الدولة المجاورة الثانية (موريتانيا) الى "تقديم اسهامات هامة في العملية السياسية والى زيادة مشاركتهما في عملية التفاوض".  كما أشار اليها ضمنا كدولة من الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي.

وابتداء من القرار 2440 الصادر في 31 أكتوبر2018 أورد اسم الجزائرفي الديباجة اذ رحب بقرارها قبول دعوة المبعوث الشخصي الى المشاركة في اجتماع المائدة المستديرة في جنيف يومي 5و 6 دجنبر 2018.ورحب بالمشاورات بينها وبين المبعوث الشخصي للأمين العام ...

لكن ابتداء من القرار 2494 لسنة 2019 ذكرها تسع مرات كما هو الشأن في قرارات 2020 و2021 و2022 و2023:

تم ذكرها بالإسم خمس مرات. (أكد دعوته للمغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا الى التعاون بشكل أكمل مع بعضها بعض، بوسائل منها بناء مزيد من الثقة، ومع الأمم المتحدة، وكذلك تعزيز مشاركتها في العملية السياسية واحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي). وهي فقرة تضمنتها القرارات المذكورة.

وكطرف (يكرر تأكيد دعوته جميع الأطراف الى ابداء التعاون التام مع البعثة).

كعضو ضمن الأعضاء في اتحاد المغرب العربي. (اذ يعترف المجلس بان التوصل الى حل سياسي لهذا النزاع الذي طال امده وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، من شانهما ان يسهما في تحقيق الاستقرار والامن ...).

كبلد مجاور وكدولة مجاورة. (يشجع البلدين المجاورين على القيام بإسهامات في العملية السياسية).

وقرار 2019 كما قرأه وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة " يكتسي أهمية خاصة لتضمنه تطورا نوعيا، واحتوائه على عناصر بنيوية للمسلسل السياسي كما انه يوضح معايير الحل النهائي لهذا النزاع الإقليمي". وأنه  يرسم  وبوضوح، معالم الحل، الذي، ووفقا للفقرة 2 من منطوقه"يجب أن يكون "سياسيا وواقعيا وبراغماتيا ومستداما، وقائما على التوافق".

ظلت الجزائر طرفا مستترا في قرارات مجلس الامن. لكن ها هي الحقائق تقنع المجلس ومعه المنتظم الدولي بأنها من يعارض إيجاد حل للنزاع الذي جعلته أحد ركائز استراتيجيتها الإقليميةوروح الهيمنة التي تسكن مؤسستها العسكرية.

هذه قراءة صحفية لقرارات مجلس الامن المتعلقة بالصحراء المغربية ال 76. رافقتها أكثر من 5 بيانات لرئيس المجلس خاصة بعد إرجاء اصدار قرارات. وأكثر من 25 رسالة متبادلة بين الأمين العام ورئيس الآلية الأممية همت على الخصوص تقارير أو إسناد مهام ببعثة المينورسو التي عرفت 16 ممثلا خاصا (لهم ولاية تقنية وإدارية) وأكثر من 16 قائدا للوحدةالعسكرية وخمسة مبعوثين شخصيين لهم ولاية سياسية.

وحده "التمديد" تمديد ولاية البعثة ظل معطى ثابتا في قرارات المجلس منذ 1993 لإفساح المجال للحل السياسي والذي لن يكون إلا في إطار المقترح المغربي.

76 قرارا، خمسة عقود والمغرب في صحرائه والصحراء في مغربها وقطار التنمية بالأقاليم الجنوبية تزداد سرعته سنة بعد سنة. مشروعا بعد مشروع.والهزائم ، هزيمة تلو هزيمة تلحق بخصوم وحدة المغرب الترابية.

آخر الأخبار