موجة الحر..القاتل الصامت !

الكاتب : وكالات

28 يونيو 2025 - 11:00
الخط :

ازدادت موجات الحر شدة وحدة مع ارتفاع حرارة كوكب الأرض، مما جعل ما يصفه الأطباء بـ"القاتل الصامت" أكثر فتكًا من أي وقت مضى.

ورغم أن هذه الظاهرة المناخية لا تحظى غالبًا بالاهتمام ذاته الذي يُمنح للكوارث المفاجئة، فإنها تتسبب في وفيات تفوق تلك الناتجة عن الحروب أو الإرهاب، وفقًا لتقارير علمية حديثة.

ووفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية، تشير التقديرات إلى أن موجات الحر تتسبب في وفاة نحو نصف مليون شخص سنويًا.

ورغم ضخامة هذا الرقم، فإن الحرارة نادرًا ما تُدرج رسميًا كسبب مباشر للوفاة، ذلك أن تأثيرها يكون غير مباشر غالبًا، إذ تسهم درجات الحرارة المرتفعة في تفاقم أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والرئتين والكلى، ما يؤدي إلى الوفاة المبكرة.

ومن الناحية الفسيولوجية، تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى إنهاك الجسم البشري.

فعندما تكون الأيام شديدة الحرارة ولا تنخفض درجات الحرارة ليلًا بالقدر الكافي، يُضطر القلب والكلى للعمل بجهد مضاعف للحفاظ على برودة الجسم.

ويترتب على ذلك مضاعفات صحية إضافية تشمل زيادة في الحوادث، وتلوثًا أعلى في الهواء، وحرائق غابات أكبر، وانقطاعات متكررة في الكهرباء، مما يُثقل كاهل أنظمة الرعاية الصحية.

وفيما يخص الفئات الأكثر عرضة للخطر، فإن الأشخاص الذين يضطرون لقضاء وقت طويل في الهواء الطلق خلال موجات الحر، مثل عمال البناء والمزارعين والمشردين، هم الأكثر عرضة للإصابة بالإجهاد الحراري أو حتى ضربة الشمس.

كذلك تُعدّ فئة كبار السن، لا سيما المصابين بأمراض مزمنة، الأكثر تضررًا من هذه الظاهرة.

وتشير الإحصاءات إلى أن النساء أكثر عرضة للوفاة بسبب موجات الحر مقارنة بالرجال، كما أن الفئات ذات الدخل المنخفض تواجه خطرًا أكبر بسبب نقص وسائل التبريد، وضعف عزل المنازل، وندرة المساحات الخضراء

وتلعب الرطوبة دورًا حاسمًا في زيادة الشعور بالحرارة. فعلى الرغم من أن العرق يُعد وسيلة الجسم الأساسية للتبريد، إلا أن ارتفاع نسبة الرطوبة يمنع تبخّره بسهولة، ما يجعل الجسم عاجزًا عن خفض حرارته الداخلية.

وقد يرفع هذا التأثير الإحساس بدرجة الحرارة عدة درجات مئوية، وهو ما قد يكون كافيًا للفصل بين الحياة والموت في بعض الحالات.

ويرجع تفاقم موجات الحر إلى أكثر من قرن من التلوث الناتج عن الوقود الأحفوري، والذي أدّى إلى حبس حرارة الشمس في الغلاف الجوي.

وقد ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.3 درجة مئوية تقريبًا منذ عصر ما قبل الصناعة، في حين ارتفعت درجات الحرارة على اليابسة بنسبة أعلى، مما جعل الظروف القاسية أكثر شيوعًا.

وتُشير بعض الدراسات إلى أن تغيّر المناخ أضعف التيار النفاث في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تشكّل "قباب حرارية" تبقى عالقة فوق المناطق لعدة أيام أو أسابيع.

ورغم أن البرد لا يزال يقتل عددًا أكبر من الأشخاص مقارنة بالحر، حتى في مناطق دافئة مثل إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا، إلا أن العلماء يتوقعون أن تزداد أعداد الوفيات المرتبطة بالحرارة بوتيرة أسرع من انخفاض الوفيات الناتجة عن البرد.

فقد أظهرت دراسة أُجريت في 854 مدينة أوروبية أن جميع السيناريوهات المرتبطة بانبعاثات الكربون تؤدي إلى زيادة صافية في الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة، حتى بعد احتساب عوامل التكيّف البشري.

وللحد من تفاقم هذه الظاهرة، يرى الخبراء أن خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الوقود الأحفوري هو الإجراء الأكثر فعالية، إلى جانب حماية الغابات والأراضي الرطبة التي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو.

كما يدعو المخططون العمرانيون إلى إعادة تصميم المدن لتقليل المساحات الأسمنتية وعدد السيارات، وزيادة المساحات الخضراء والمسطحات المائية، مما يخفف من تأثير ما يُعرف بـ"جزيرة الحرارة الحضرية".

كذلك تسهم المباني المزوّدة بأنظمة التبريد أو وسائل التهوية السلبية في تقليل أعداد الوفيات، إلى جانب وجود أنظمة رعاية صحية قوية، وآليات إنذار مبكر فعّالة وسريعة.

أما على الصعيد الفردي، فالنصائح الأساسية تشمل تجنب الخروج أثناء ساعات الذروة الحرارية، والبقاء في أماكن مظللة أو مكيّفة قدر الإمكان.

وينصح الأطباء بإغلاق النوافذ خلال النهار وفتحها ليلًا بعد انخفاض الحرارة الخارجية، مع تغطية النوافذ بستائر أو عوازل شمسية لمنع دخول أشعة الشمس المباشرة.

كما يُوصى بشرب الماء بكثرة، وارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة، والحرص على التواصل مع الأشخاص المعرضين للخطر في المجتمع، لا سيما كبار السن والمرضى.

آخر الأخبار