التقاليد المرعية في اختيار الوزراء وكبار رجالات الدولة بالمغرب

الكاتب : الجريدة24

08 أكتوبر 2019 - 02:00
الخط :

الطريق إلى الاستوزار بالمغرب ليست مفروشة بالورود، بل تتحكم فيها عدة اعتبارات، ولا يكفي المرء التوفر على شهادة جامعية عليا كيفما كان نوعها ودرجتها ليفتح أمامه باب التباري ليكون وزيرا أو موظفا ساميا.

مناسبة هذا الكلام، هي اللائحة التي طلبها العثماني من أمناء الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي، حيث اشترط عليهم أن يرشحوا أكثر من اسم للحقيبة الواحدة.

ما هو مشاع عند الجميع أن التوظيف في المجالات المرتبطة بممارسة السلطة كالأمن والجيش والقضاء والداخلية، هي التي تباشر فيها مثل هذه الأبحاث، لكن في الحقيقة فجميع المناصب الحساسة والإستراتجية في الدولة مهما بدا بعدها عن دائرة ممارسة السلطة، تكون محط تقارير دورية تنجزها المصالح المختصة تنصب حول طبيعة الأشخاص الممارسين لها قبل توظيفهم فيها وأثناء مزاولة مهامهم..

عندما توضع طلبات التوظيف والترقي بين يدي الدوائر العليا فان بحثا امنيا من نوع خاص ينطلق في إبانه.

جميع الشخصيات السامية التي تولت او المقترحة لتولي منصب سامي تخضع وجوبا لهذا البحث، تشرف عليه بالضرورة مصالح مراقبة التراب الوطني المعروفة اختصارا بالديستي.

الوزارء والموظفون السامون للمملكة مدينون لتوصيات هذا الجهاز.

يتناول البحث الخاص الذي ينجز على المرشحين المفترضين لتولي مناصب وزارية، مسار حياتهم مند الطفولة إلى حين وضع طلبهم لشغل المنصب.

يتضمن البحث طبيعة الأفكار التي يعتنقونها، ولائحة بأصدقائهم ونبذة من محيطيهم العائلي. كما يتناول البحث حياتهم الشخصية ما إذا كان للشخص المقترح لاستوزار علاقة سرية مع عنصر نسوي غير الزوجة.

كما تدرس حالات أبناء هؤلاء المستوزرين ما إذا كانوا متورطين في أعمال إجرامية أو متابعين لدى محاكم المملكة.

و يتناول البحث الذي يسمى بحث من اجل الأمن أو بطاقة شخصية، طبيعة التوجهات الفكرية التي يتبناها الشخص المعني وما إذا كانت لديه ميولات متطرفة أو ماضي سياسي غير متناسق مع التوجهات العامة للدولة.

أشهر قطاع من قطاعات الدولة التي يتطلب التوظيف فيها، تقديم نهج السيرة منجز من طرف جهة أمنية، هو قطاع الداخلية بمختلف أسلاكه الإدارية والأمنية.

ثم قطاعي العدل و الجيش، حيث يتم انجاز بحث سيرة يتناول مسار الشخص المرشح يتضمن جوانب مختلفة عن محيطه العائلي وانتمائه السياسي والديني، وسوابقه العدلية، وأيضا طبيعة هوايته، ويمتد هذا البحث ليتناول حتى أفراد عائلته الصغيرة، ما أذا كان منهم من يتبنى أفكارا متطرفة أولا.

وبحسب طبيعة الوظيفة وحساسيتها يتم التشديد في هذا البحث ليتناول جوانب من الحياة الخاصة للشخص مع من يقضي معظم وقته وما اذا كان يعاقر الخمر ام لا، أو يتعطى القمار، كما تنظر هذه الأبحاث في الذمة المالية للشخص المرشح وحساباته البنكية ومصدر دخله وما إذا كان ميسورا أو من عائلة فقيرة.

الجوانب الشخصية تكون حاضرة بقوة في هذه الأبحاث حيث يتم إبراز ما اذا كان الشخص يتمتع بسمعة طبيعة داخل محيطه العائلي والدراسي والوظيفي في حالة الترقية.

الجهات المكلفة بالتحقيق والبحث

بخصوص الوظائف المدنية فان الجهات الأمنية التي تتكفل بهذا البحث متعددة ومتداخلة في مقدمتها مصالح الاستعلامات العامة التابعة للعمالات المعروفة اختصارا "بالدياجي"، ثم الاستعلامات العامة التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، وأخيرا مديرية مراقبة التراب الوطني "الديستي" التي تعد تقاريرها وأبحاثها محددة في مسار كل شخص مقبل على أي وظيفة كانت.

والأشخاص الموضوعون في اللائحة السوداء لهذه المديرية لا تقبل طلباتهم حتى وان قضوا كامل عمرهم في تقديم أوراق ترشحهم للظفر بالمناصب مالم تتدخل الدوائر الرسمية لحذفهم من تلك اللائحة.

الغريب في طبيعة الأبحاث التي تقوم بها هذه الاجهزة، يكلف بها صغار موظفي الأمن لانجازها، مما يجعل رقاب كبار موظفي الدولة تحت رحمة هؤلاء الموظفين الذين يمارسون لأول مرة سلطة على مرؤوسيهم في المستقبل.

وبخصوص الوظائف العسكرية فان الجهة التي يناط هبها انجاز أبحاث نهج السيرة لا يمكن إلا أن تكون عسكرية وغير مسموح بالأجهزة الأمنية المدنية الإشراف عليها في حين يمكن الأجهزة الأمنية العسكرية انجاز تقارير على شخصيات مدنية.

 

 

آخر الأخبار