مجلس النواب الأمريكي يصوت بعزل دونالد ترامب

الكاتب : وكالات

19 ديسمبر 2019 - 09:28
الخط :

أقر مجلس النواب الأميركي فجر اليوم الخميس في تصويت تاريخي إحالة الرئيس دونالد ترامب لمحاكمة برلمانية في مجلس الشيوخ بغية عزله بتهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، وفي حين عبر ترامب عن سخطه من القرار، وصف الديمقراطيون الإجراءات ضده بأنها عادلة وتشكل انتصارا للدستور.

وبعد جلسة استغرقت نحو ست ساعات، صوت مجلس النواب مساء أمس بتوقيت واشنطن لصالح لائحة الاتهام الموجهة للرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، التي أقرتها مؤخرا اللجنة القضائية بالمجلس الذي يسيطر عليها الديمقراطيون.

وأيد المجلس بأغلبية 230 صوتا مقابل 197 وامتناع نائب واحد عن التصويت توجيه تهمة استغلال السلطة للرئيس الجمهوري الحالي، وبعدها بدقائق صوت النواب بأغلبية 229 صوتا مقابل 198 لصالح تهمة ثانية هي عرقلة عمل الكونغرس.

وبعد التصويت في مجلس النواب ستحال المحاكمة على مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وهو ما يجعل احتمال عزل الرئيس ترامب شبه مستحيل، حيث إن ذلك يتطلب تأييد ثلثي أعضاء المجلس.

وانطلقت إجراءات المحاكمة البرلمانية قبل أسابيع على خلفية اتهامات لترامب بالسعي للإضرار بالمرشح الديمقراطي المحتمل لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة جو بايدن من خلال الضغط على أوكرانيا كي تفتح تحقيقا ضد نجل بايدن الذي عمل في شركة نفط أوكرانية.

وسارع الرئيس الأميركي إلى التنديد بالتصويت الذي جرى بمجلس النواب بوصفه انتهاكا للدستور واعتداء على البلاد من قبل من وصفهم باليسار المتطرف.

ففي خطاب ألقاه في حشد من أنصاره بمدينة باتل كريك في ولاية ميشيغان على مسافة ألف كيلومتر من واشنطن، اعتبر ترامب أن ما قام به الديمقراطيون ضده غير دستوري و"انتحار سياسي"، وينبع من الحقد والحسد والغضب لديهم، نافيا مجددا ارتكاب أي خطأ.

كما قال إن الديمقراطيين هم من أساؤوا استخدام السلطة ومن انتهكوا دستور البلاد، متهما خصومه في المعارضة بأنهم يسعون لإبطال أصوات الناخبين الذين صوتوا له في انتخابات 2016، مشيرا إلى أنه يحظى بدعم كبير في الحزب الجمهوري.

وبالتزامن، أكد البيت الأبيض في بيان له ثقة ترامب بأن مجلس الشيوخ سيستعيد النظام والإجراءات القانونية التي تجاهلها مجلس النواب، حسب تعبيره.

وأشار البيان إلى أن الرئيس مستعد للخطوات التالية، وواثق بأنه من تبرئته بالكامل، معتبرا أن الديمقراطيين مضوا في هذه الإجراءات على أساس حزبي.

وكانت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي قد وصفت الإجراءات التي تمت في المجلس بحق ترامب بالعادلة، وقالت خلال جلسة التصويت على لائحة الاتهام إن ما جرى يوم عظيم للدستور وحزين في تاريخ أميركا.

وقالت بيلوسي إن الرئيس ترامب يمثل تهديدا لأمن الولايات المتحدة، واعتبرت أنه استخدم منصبه للحصول على منافع شخصية.

وخلال الجلسة، تراشق نواب الحزبين بالاتهامات، وفي حين اعتبر نواب جمهوريون أن الإجراءات والاتهامات ضد ترامب سياسية محضة، قال نواب ديمقراطيون إن الرئيس انتهك الأمن القومي الأميركي سعيا لزيادة فرص إعادة انتخابه العام المقبل.

وبتصويت مجلس النواب لصالح محاكمته برلمانيا، أصبح ترامب -وهو الرئيس الأميركي الخامس والأربعون- ثالث رئيس يُحاكَم برلمانيا في تاريخ الولايات المتحدة بعد بيل كلينتون (1998) وأندرو جونسون (1868).

وإذا كان الدستور الأميركي يعطي لمجلس النواب دور توجيه الاتهامات في مساءلة رؤساء البلاد، فإن دوره ينتهي عند هذه المرحلة، لتنتقل العملية برمتها إلى مجلس الشيوخ الذي بيده قرار عزل الرئيس، والذي يشغل الجمهوريون 53 من مقاعده المئة، بينما يمتلك الديمقراطيون 45 مقعدا، بالإضافة إلى عضوين مستقلين.

ويريد الجمهوريون في مجلس الشيوخ بقيادة السيناتور ميتش ماكونيل أن تكون المحاكمة سريعة ودون شهود، بينما تعارض الأقلية الديمقراطية ذلك بالقول إن المحاكمة حتى تكون حقيقية، يجب أن يسمح فيها باستدعاء الشهود.

وقد أبدى وزير الخارجية مايك بومبيو استعداده للإدلاء بشهادته وبأي وثائق أمام مجلس الشيوخ في إطار إجراءات عزل الرئيس، إذا كان ذلك مطلوبا بموجب القانون.

وإلى جانب خلاف الحزبين بشأن سير المحاكمة المتوقع إجراؤها في يناير المقبل، ثمة أيضا موقف ترامب الذي يقال إنه يرغب في محاكمة تتيح له استدعاء الشهود، رغم إعرابه علنا عن رغبته في محاكمة سريعة، وهما أمران يصعب الجمع بينهما وفق خبراء قانونيين.

وخلال تولي مجلس الشيوخ قضية محاكمة ترامب، يقوم أعضاء مجلس النواب بدور الادعاء، وأعضاء مجلس الشيوخ بدور المحلفين، ويرأس جلسات المحاكمة رئيس المحكمة العليا.

وتتطلب إدانة الرئيس وعزله موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، أي 67 عضوا، وهو ما يعني أن إدانة ترامب تتطلب تأييد 20 عضوا جمهوريا في المجلس، بالإضافة إلى تصويت جميع الأعضاء الديمقراطيين والعضوين المستقلين لصالح الإدانة والعزل.

وقبل تصويت مجلس النواب على قرار إدانة ترامب، شرعت لجان في المجلس منذ أشهر في بالتحقيق بشأن مزاعم استغلال ترامب لسلطته الرئاسية عبر الضغط على رئيس أوكرانيا لفتح تحقيق ضد أحد الخصوم السياسيين.

ويعود أساس القضية إلى محادثة هاتفية يوم 25 يوليو/تموز الماضي، طلب ترامب فيها من الرئيس الأوكراني فولودمير زيلنسكي أن يجري تحقيقا بشأن جو بايدن نائب الرئيس الديمقراطي السابق، وهو المرشح الديمقراطي المحتمل لمواجهة ترامب في السباق إلى البيت الأبيض في انتخابات الرئاسة للعام 2020.

ويُشتبه في أن ترامب ربط حينها مسألة صرف مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 400 مليون دولار بإعلان كييف أنها ستحقق بشأن نجل بايدن، الذي عمل بين عامي 2014 و2019 لدى شركة طاقة أوكرانيا.

ونفى ترامب مرارا ارتكاب أي مخالفة، وقال إن التحقيقات البرلمانية ومحاولة عزله هي حملة مطاردة من جانب الديمقراطيين ومحاولة انقلاب ضده.

آخر الأخبار