رغم تداعيات كورونا.. الملك يبث روح الأمل في المغاربة

هيمنت تداعيات فيروس كورونا على خطاب العرش الذي القاه الملك محمد السادس مساء اليوم الأربعاء.
الخطاب استهله الملك بتباشير الأمل والتفاؤل، وختمه بآية كريمة تحمل كل معاني اليسر الذي يأتي بإرادة الله بعد كل فترة عصيبة ".
وبين المقدمة والخاتمة، يحمل الخطاب الملكي الإشادة والعمل، لمواجهة هذا الوباء، من خلال مجموعة من القرارات للحد من آثاره على الفرد والمجتمع.
وعبر الملك عن اعتزازه بما أبان عنه المغاربة خلال فترة الحجر الصحي، من روح المسؤولية والالتزام، والتجاوب الإيجابي مع السلطات العمومية، منوها بروح التضامن والتعاون التي ميزت هذه الفترة الصعبة، بين الجيران، ومع الأشخاص المسنين وتقديم الدعم للأسر المحتاجة. وهو ما تجسد في لحظات مؤثرة، سيذكرها التاريخ، خاصة خلال عزف النشيد الوطني من نوافذ المنازل، وتبادل التحيات بين رجال الأمن والمواطنين.
أما العمل فتجسده القرارات الصعبة والحاسمة، التي تم اتخاذها لمصلحة الوطن والمواطنين، قصد محاربة انتشار هذا الوباء، والتخفيف من الآثار السلبية التي خلفها على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.
وإدراكا من الملك بأن عواقب هذه الأزمة ستكون قاسية، وتعزيزا لقرار إحداث الصندوق المذكور، فقد حرص على اتخاذ قرارين هامين، يخصان المجالين الاقتصادي والاجتماعي، على المدى المتوسط والبعيد.
أولا : إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي، لتمكين القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها، والرفع من قدرتها على توفير مناصب الشغل والحفاظ على مصادر الدخل.
وفي هذا الإطار، دعا الملك لتعبئة جميع الإمكانات المتاحة، حيث سيتم ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي ما يشكل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وهو ما يجعل المغرب في طليعة الدول في سياسة إنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة.
كما دعا لإحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي، لدعم الأنشطة الإنتاجية ومواكبة وتمويل المشاريع الكبرى، في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص.
وبما أن خطة الإنعاش الاقتصادي لا تقتصر على الجانب المالي فقط، دعا جلالته الحكومة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين للانخراط بفعالية في إطار تعاقد وطني بناء، يكون في مستوى تحديات المرحلة وانتظارات المواطنين.
ثانيا : إطلاق عملية تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة خلال الخمس سنوات القادمة :
الملك يعتبر أن التغطية الاجتماعية هي عماد صيانة الكرامة الإنسانية، وتحصين الفئات الاجتماعية الهشة، وتوطيد تماسك المجتمع.
حيث دعا للشروع في تعميم التغطية الاجتماعية ابتداء من يناير 2021، وفق برنامج عمل مضبوط، بدءا بتعميم التغطية الصحية الإجبارية والتعويضات العائلية، قبل توسيعه ليشمل التقاعد والتعويض عن فقدان العمل.
وهو ما يتطلب إصلاحا حقيقيا للأنظمة والبرامج إصلاحا حقيقيا للأنظمة والبرامج الاجتماعية الموجودة حاليا، والتي تتسم بالتشتت وضعف التغطية والنجاعة، بما يمكن من إدماج الأجراء والمستخدمين في القطاع الخاص والمهن الحرة، ودعم الدولة للأسر التي تستطيع توفير مساهمة منتظمة، وذلك في إطار التضامن الوطني.
وارتباطا بهذا الموضوع، دعا لجعل تعميم التغطية الاجتماعية رافعة لإدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي الوطني.
ولضمان شروط نجاح هذا الورش الاجتماعي الكبير، دعا الملك الحكومة للتشاور مع الشركاء الاجتماعيين لبلورة منظور عملي شامل، يتضمن البرنامج الزمني، لتنزيل هذا الإصلاح، والإطار القانوني وخيارات التمويل وغيرها.
كما دعا لاعتماد حكامة جيدة تقوم على الحوار البناء ومبادئ النزاهة والشفافية وعلى محاربة أي استغلال سياسوي لهذا المشروع الاجتماعي النبيل.
وبذلك يضع جلالة الملك لبنة إضافية لاستكمال الصرح الاجتماعي الذي يهدف لتكريم جميع المغاربة.
وخلص الملك على أن المرحلة المقبلة تتطلب تضافر جهود جميع المغاربة، مخاطبا فيهم روح الغيرة الوطنية والمسؤولية الفردية والجماعة، وجعل المكاسب المحققة في هذه الظرف القصير، منعطفا حاسما لتسريع الإصلاحات التي تقتضيها المرحلة واستثمار الفرص التي تتيحها.