معركة كسر العظام بين الجيش ومؤسسة الرئاسة بالجزائر

الكاتب : وكالات

30 مارس 2019 - 10:00
الخط :

رغم مرور 4 أيام على دعوة رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد ڤايد صالح، لتطبيق المادة 102 من الدستور الخاصة بإعلان شغور منصب الرئيس، لم يجتمع المجلس الدستوري الذي له صلاحية إثبات هذه الحالة بعد، ولا توجد مؤشرات قوية على أنه سيتحرك في ظل استمرار الرئاسة في العمل بشكل طبيعي.

لم يكن يتوقع كثير من المتابعين أن يتأخر المجلس الدستوري في التحرك، بناء على الدعوة التي وجهها الفريق ڤايد صالح، يوم الثلاثاء الماضي، نظرا لثقل المؤسسة العسكرية وتأثيرها على القرار السياسي في المحطات الكبرى. لكن الواقع يشير اليوم إلى أن هذه المؤسسة الدستورية العليا لم تجتمع أبدا لمناقشة موضوع شغور منصب الرئيس، وأن كل ما أثير حول هذا الموضوع كان محض إشاعات، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات عما إذا كانت ثمة مقاومة فعلية من جانب الرئاسة رفضا لدعوة قائد الجيش، أم أن ثمة ترتيبات فقط يتم التحضير لها من أجل تطبيق المادة 102 في إطار أكثر ملاءمة؟

من أبرز المؤشرات التي توحي بوجود مقاومة، هو استمرار الرئاسة في التواصل والعمل بشكل طبيعي، عبر إصدار قرارات بعضها يبدو متجاهلا تماما لدعوة الفريق ڤايد صالح. فقد نشرت الرئاسة بيانا أمس، يشير إلى أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، عيّن رئيس مجلس الأمة ليمثله خلال أشغال القمة 30 لجامعة الدول العربية التي سيتم تنظيمها يوم الأحد المقبل في العاصمة التونسية. ويمكن التوقف عند هذا التعيين مطولا، كون الرئاسة تريد أن تظهر بوتفليقة بمظهر من لا يزال حاضرا وممسكا بالقرار، في وقت أصبح يتركه حتى أقرب مقربيه ويتنازل عنه حلفاؤه الأقوياء ومنهم الفريق ڤايد صالح. أما الأمر الآخر، فهو اختيار أن يمثل بوتفليقة في القمة العربية رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، الذي هو أكثر المعنيين بالمادة 102، كونها تنقل الرئاسة بالنيابة إليه لفترة تصل إلى 4 أشهر ونصف الشهر، وهو ما قد يفهم منه بأن بن صالح ليس معنيا تماما بدعوة الفريق ڤايد صالح، أي أن الرئاسة تريد القول إن بن صالح الذي تراهنون عليه لا يزال مواليا للرئيس بوتفليقة.

وبإرسال بن صالح إلى تونس، سيكون من المستبعد إلى غاية الاثنين المقبل، أن يتخذ أي قرار يخص إثبات شغور منصب الرئيس، من ناحية أن المجلس الدستوري في حال أثبت المانع الصحي، سيقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع. والبرلمان المنعقد بغرفتيه يترأسه كما هو معلوم رئيس مجلس الأمة. وهذا سبب كاف للاعتقاد بأن إعلان شغور المنصب سيستمر أياما أخرى، أو قد لا يحدث أصلا. وفي الواقع، فإن ما صرح به رئيس أركان الجيش يبقى، شكليا، دعوة فقط، لكنه ليس أمرا واجب التنفيذ رسميا. وكل ما دفع إلى الاعتقاد بأن تدخل قائد الجيش سيحسم الأمور، هو قوة المؤسسة العسكرية واعتبارها من كثير من الجزائريين السلطة الفعلية للبلاد، ما يعني، حسبهم، أن تدخلها جاء في شكل "دعوة" فقط من باب اللياقة، ولكنه في الواقع أمر وضوء أخضر لتطبيق المادة 102. فهل الرئاسة تمتلك أوراقا بإمكانها مقاومة دعوة الفريق؟

عند النظر في نص المادة 102، يلاحظ أن تفصيلها وضع على مقاس أوضاع الرئيس الصحية، بحيث يكون تطبيقها شبه مستحيل، إذ لا توجد أي جهة رسمية بإمكانها أن تخطر بشغور منصب الرئيس حتى يتحرك بناء على ذلك المجلس الدستوري. أما المجلس الدستوري في حد ذاته، فقد حصنه بوتفليقة ومحيطه منذ مدة، بتعيين أكثر رجالاتهم ولاء عليه، فالطيب بلعيز هو من أقرب مقربي الرئيس، وقال بوضوح خلال قسم تعيينه إنه سيظل وفيا له، فكيف يمكنه أن يتحرك تلقائيا ليثبت عجز الرئيس؟ اللهم إلا إذا كانت قوة قاهرة تجبره على ذلك.

لكن السؤال اليوم، هو ماذا يريد الرئيس ومحيطه فعلا، إذا لم يستجيبوا لدعوة تطبيق المادة 102. هل يريدون أن يصلوا بالبلاد إلى تاريخ 28 أفريل ويرحلوا تاركين فراغا في السلطة لمحاولة توريط المؤسسة العسكرية؟ أم أنهم سيعدلون خارطة الطريق المعروضة حاليا لترتيب مرحلة انتقالية لاستمالة المعارضة ونشطاء الحراك، تتضمن خطة عكس ما تطرحه المؤسسة العسكرية، بعد ظهور ردود الفعل الشعبية الرافضة لتطبيق المادة 102 حصريا، كما يقول ڤايد صالح، وبذلك تكون الرئاسة قد ردت بطريقتها على رئاسة أركان الجيش، بعد حدوث الطلاق بينهما.

دولية