حكاية "ضابط إيقاع" لبس جلباب الحقوقي

الكاتب : الجريدة24

12 سبتمبر 2020 - 09:30
الخط :

 نَذِير العَبْدي

سنتاول بكل الحياد الممكن وبكل الموضوعية الواجبة، حكاية  السيد "محمد زياد" أو المغربي/الهولندي، فهو الغائب الحاضر، والضحية والجلاد، والبطل والكومبارس. لا يحب الظهور في الواجهة وتَعًود على الاشتغال في الكواليس وفي جنح الظلام.

لذلك فقد تعمدنا عدم تسليط الكثير من الضوء عليه حتى تتضح الصورة اكثر، و نكشف مَن سيرمي بِهم السيد زياد كضحايا (مصليح أو بحر الدين أو فرحان أو بوشامة...) في ظل المحاكمة الشعبية التي يقيمها بعض افراد مغاربة العالم لكشف عورة من تخندق مع الأعداء ضد المصالح العليا للوطن والمؤسسات السيادية والأجهزة الأمنية.

لكن هل صحيح أن السيد زياد كان في سلك الشرطة الهولندية ؟ وما حكاية الحقوقي الدولي ؟ وكيف نسج دور"الاطفائي" ؟

عادة ما يتم تقديم السيد زياد بالضابط السابق في سلك الشرطة الهولندية وأنه قدم خدمات جليلة للوطن وأن لولاه لعرف المغرب حقيقة أخرى. وأنه قدم تضحيات كبيرة حتى ننعم نحن بالاستقرار.  غيرها من كرامات الرجل على المغرب. فهل هذا صحيح ؟ و هل الحديث على هذا الملف هو أحد اسرار الدولة ؟ و هل نكون اليوم اول المتحدثين عنه ؟

في الواقع لسنا أول من تحدث عن الموضوع. بل تحدث الإعلام المغربي قبلنا عن الملف منذ سنة 2010. أي منذ أكثر من 10 سنوات، لكن لا أحد تكلم عن السيد "زياد" كضابط  أو شرطي هولندي، في قضية تجسس لصالح المغرب و التي وقع تسييسها من طرف "جيرت فيلديرز"  زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف.

و ملخص الحكاية أنه في 5 مارس 2008 تلقت شرطة لاهاي و روتردام معلومات من أجهزة الاستعلامات الهولندية، أن هولندييْن من أصل مغربي لهما علاقة بالتمثيلية الديبلوماسية المغربية بلاهاي. وهو ما عجل بفتح تحقيق رسمي يوم 10 مارس 2008. و في يوم 14 أبريل 2009 سيتم الإستماع إلى كلا من رضوان لَمْهيُولي ومحمد زياد في إطار الحراسة النظرية. وسيتم إطلاق سراح محمد زياد في آخر شهر أبريل من نفس السنة والإحتفاظ برضوان لمهيولي.

و في يوم 13 ماي 2009 ستُقْفل محاضر الملف، حيث أنكر السيد "زياد" كل ما نُسِب إليه من إتهامات وإعترف بمشاركته في أنشطة تخص الصحراء المغربية. فيما ستنطق محكمة لاهاي يوم 8 شتنبر 2010 بإدانة السيد "رضوان لمهيولي" بما قضى أي حوالي سنة ونصف، في حين سيُخلى سبيل السيد "زياد" مع أدائه لمصاريف المحكمة وعقوبات إضافية صغيرة. وقد جاء في تعليل حكم محكمة "لاهاي" أن المعلومات المسربة للمغرب ليست لها طابع السرية. كما أنها لا تحمل تهديدا للأمن القومي الهولندي.

هذا مع الإشارة الى أن استدعاء السيد "رضوان لمهيولي" تم بصفته شرطيا بمطار روتردام، أما السيد "زياد" فقد كان بصفة مستخدم في مصلحة المساعدة الإجتماعية.

كل الأوراق لا تصنف السيد  "زياد" كشرطي، كما أن أوراق المحكمة تعاملت معه بصفته مستخدما في مصلحة المساعدة الإجتماعية بأحد أقسام الشرطة وليس بشرطي. كما أن المحكمة قد أخلت سبيله.

في حين أن السيد  "رضوان لمهيولي" كان ضابط شرطة بروتردام، و له دور كبير في الحياة الجمعوية من خلال إنخراطه في برامج إجتماعية لإدماج الشباب المهاجر. وهو ما جعل المحكمة تدينه بالأفعال المنسوبة إليه، بل ستبقيه في الحبس الإحتياطي حتى النطق بالحكم، أنا السيد زياد فقد بقي في الحبس الاحتياطي من يوم 14 أبريل إلى آخر الشهر أي فقط 16 يوم !

و لهذا فإن كل أوراق هذه القضية بما فيها الإعلام الهولندي لا تتحدث عن السيد "زياد" كثيرا، بل تتحدث فقط عن رضوان لمهيولي، باعتباره رجل شرطة (هو اللي كال لعصى).

أما السيد "زياد" فبعد قضائه لساعات العقوبات الإضافية في الأعمال الإجتماعية في مدينة لاهاي، لأن المحكمة لم تعتبر معلوماته بالسرية أو التي تحمل تهديدا للأمن القومي الهولندي. فقد عاد للمغرب للاستراحة أولا، و للمطالبة بتعويض أو امتياز ثانيا.

وبالموازاة مع ذلك فقد شرع في التسويق الإعلامي لقضيته مع الشرطي الحقيقي رضوان لمهيولي الذي إختفى عن الأنظار. وهو ما حاول إستغلاله السيد زياد "بإنتحاله" وظيفة ينظمها القانون الهولندي أي صفة شرطي.

ولحد كتابة هذه السطور أي منذ 10 سنوات، لازال السيد "زياد" يُقدم نفسه كضابط سابق في الشرطة الهولندية، و أن "خِيرُو كْبِيرْ عْلَى المغرب". في حين أن الواقع له رأي آخر. بدليل الحكم القضائي الصادر عن محكمة لاهاي يوم 8 شتنبر 2010 وأقوال الصحف الهولندية نفسها.

لقد كنا ننتظر صور السيد "زياد" بالبذلة الرسمية للشرطة مثلا أو شواهده الجامعية وأكاديمية الشرطة بلاهاي أو صورة جماعية مع زملائه في الشرطة الهولندية. لتفنيد كل أكاذيب حول حقيقة وظيفته كشرطي هولندي. لكن لا هذا ولا ذاك.

ومع ذلك لازال بعض الطَبًالين من أصدقائه يُهللون بمعجزات وبمُغامرات "زياد" في عالم المخابرات. أكثر من هذا فقد إستغل جميل بعض الأجهزة الأمنية بتقديمهم إياه لمساعدة مالية وأيضا لشراء مسكن. واعتبره هو مكافأة على خدماته التي لم تعتبرها محكمة لاهاي بالسرية. مما يعني أنها كانت في متناول الجميع وأن السيد "زياد" ليس بالعبقري ولهم يحزنون.

بل الواقع هو أن السيد "زياد" قام ببيع منزله بالدار البيضاء من أجل تغطية مصاريف المحاكمة. وهو ما جعل من أمر مساعدته على إستعادة منزله يدخل في إطار المعروف والتضامن الوطني. أكثر منه شيء آخر.

السيد "زياد" يعيش على أعصابه هذه الأيام، فهو المحترف للعب شخصية الظل بامتياز، لكنه ليس أذكى من الآخرين. وخانه جشعه و رغبته في التحكم في خيوط متشابكة داخل بيت العنكبوت. مما جعله يرتكب أخطاء متعددة منها إعطائه تعليمات لبعض "خيوطه" للكتابة عن هذا أو ذاك. ليُتْرك له أمر التحرك والتفاوض وأيضا إبتزاز ذلك أو أولئك. وأخطاء أخرى نسردها في وقت لاحق.

ولنفترض جدلا أن السيد "زياد"  قد قدم خدمات للمغرب. وأن المغرب رد الجميل وعوضه بمنزل في شارع إيميل زولا بالبيضاء وساعده على الحصول على فرص عمل هنا وهناك. فلا يصح للسيد "زياد" أن يعض اليد التي ساعدته، وذلك بالسعي وسط العباد والقول أنه شرطي هولندي سابق وأنه يتوفر على معلومات سرية لا يملكها غيره. وأن معارفه في الرباط  العاصمة لهم مفاتيح السماء والأرض.

أعرف أن المستوى المعرفي والتحصيل العلمي للسيد "زياد" لن يسمح له بفهم مضمون الجزء الأول. لكني لا أنصحه بإستشارة السيد مصليح أو تكليفه أو تكليف الطَبًالين من أمثاله بالرد. بل إنتظر الأجزاء القادمة.

رأي