حوار افتراضي بين قيادة البيجيدي بعد النكبة الكبرى

الكاتب : الجريدة24

27 سبتمبر 2021 - 02:30
الخط :

عبدالرحيم توراني

"فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون" (قرآن)

في مساء الليلة الثالثة التي تلت الإعلان النهائي عن نتائج انتخابات 8 سبتمبر 2021، دعا عبد الإله بنكيران إلى اجتماع سري بعد صلاة العشاء في بيت نبيلة بنكيران، ابنة عمه وزوجته، بحي الليمون في العاصمة.

حضر الاجتماع ثلة من القيادات الأساسية لحزب "البيجيدي" وحركة التوحيد والإصلاح. وحرصا على سرية اللقاء وصل الجميع بلباس نسائي إسلامي أسود لا يكشف عن الوجوه.

كان المتحدث الأول هو صاحب الدعوة، الذي توجه للمجتمعين بسؤال:

- هل علمتم لماذا استدعيتكم هذه الليلة على وجه السرعة والسرية؟

أراد سعد الدين العثماني أن يجيب فنهره بنكيران، قائلا:

- خليك أنت هو الأخير..

فاستجاب العثماني، وسكت صاغرا.

ثم تقدم إدريس اليزمي وقال:

- واضح أننا هنا من أجل التداول في المصيبة العظمى التي وقعت على رؤوسنا..

رد عليه بنكيران وهو ينظر إلى الجالسين أمامه كتلاميذ مدرسة ابتدائية:

- ومن تعتقدونه السبب في هذه النكبة؟

أجاب إدريس الأزمي ومحمد يتيم ولحبيب الشوباني في الوقت ذاته:

- أنت... أنت السبب المباشر في تراجع الحزب... لا تلق باللوم كله علينا...

هنا صدرت عن بنكيران قهقته المعلومة:

- هاها..هاها.. هاها.. جبتوها لاصقة يا أولاد الذين.. ما عليكومش.. هاها..هاها...

ومسح براحة يده دمعة نزلت من عينه وقال:

- أنا هو اللي مشيت للبرلمان وبدأت الكلام على الديبخشي والبخوش والبيليكي ونوضت علينا النحل؟

أو أنا اللي سافرت لباريس ويدي في يد برهوشة أصغر من أولادي.. قال لك المدلكة.. هاها.. هاها.. والله فكرتيني في رابح درياسة: يقولولها المدلكة... يالال يا لالال، منها العشّاق مريضة... يالال يا لالال...

وبلا ما تضطروني نتكلم على قصص وحكايات الحب والغرام في الحكومة بين وزير ووزيرة، أو للا ماء العينين اللي مشات كتعزرى بسروال دجين مكروز على مصاصطها وقميجة محلولة قدام ماخور ديال السكايرية معروف في فرانسا، أو على بطلي ملحمة "القمقوم" السي عمر حماد وللا فاطمة النجار والمساعدة الكريمة على القذف السريع... وزد وزد.. رديتو الحزب بورديل الله يلعن اللي ما يحشم...

أراد لحسن الداودي أخذ الكلمة فقمعه بنكيران:

- أنت غير اجلس، حريرتك وحدها مع البرهوشة ديال بنتك ضرابة البيرة والكوارو، كل ليلة منوضة الحايحة في البارات والزناقي... اجلس.. اجلس..

أصابت الجميع رهبة من الصمت. ثم التفت بنكيران إلى العثماني، وسأله، وأنت الأخ الأمين العام ماذا تقول فيما حصل، لقد سلمتكم الحزب صحيح فصيح ب125 مقعد برلماني، كيف تمسخ واصبح 13... شكون فيكم يهودا اللي خان سيدنا عيسى من هاد الـ13؟

رد العثماني وهو يتمتم:

- أنت عارف كل شي، التزوير هو اللي أسقطنا. ثم لا تنسى أنك ساهمت بدورك في ما حصل، لديك جزء وافر مما جرى حيث لا يدعوك للتمادي في النكران...

تحرك بنكيران من فوق أريكته وجمع السبحة داخل كفه، وقاطع العثماني:

- أشنو.. يا مول ورّك على النكاصة وحل الروبيني... ورّك على ما عندك وحل داك الدلقوش نسمع ونشوف...

مسح العثماني نظارته، وهو ينظر إلى السقف الذي تتدلى منه ثريا إيطالية.. وتابع:

- لقد أوقعنا بنكيران في ما يشبه ما رواه المحجوبي أحرضان في مذكراته..

قاطعه بنكيران من جديد:

- يا للعجب، لقد انتقلنا من الاستشهاد بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال الأئمة والفقهاء، إلى الاستشهاد بالسيك أحرضان، طز.. هل أحرضان هذا لديك هو ابن تيمية.. حاشى ولا يتمثل..هاها.. هاها..

لكن الحاضرين شجعوا العثماني وطالبوه بإكمال تدخله. وهو ما فعله العثماني:

- حكى أحرضان، أن جنديا أنقذ أحد السلاطين لما كبا جواده وسقط في نهر كان يعبره. وبات الجندي يستعجل طلوع النهار لتلقي المكافأة والترقية، ولما وقف أمام السلطان أمر الأخير بقطع رأس الجندي. فالسلاطين لا يمكن لهم العيش مع من يذكرهم بجميل أو بمعروف في استمرار وجودهم. إن الأخ بنكيران وضع نفسه موضع ذلك الجندي، كل مرة يذكر النظام بجميل البيجيدي في تجاوز ثورات الربيع العربي والالتفاف على حركة 20 فبراير، وهو ما أصر على القيام به ليلة الانتخابات الأخيرة. والمعلومات المتوفرة لدي أننا كنا سنفوز بما يرتبنا في المرتبة الرابعة، لكن زلات لسان السي عبد الإله رمت بنا إلى الحضيض، ومن دون الحصول حتى على فريق برلماني.

هنا ثارت ثائرة بنكيران وطرد الجميع، الذين اكتشفوا أنهم ما يزالون بلباس النساء وهم في الشارع، ما أثار شكوك دوريات أمن صادفت خروجهم، فألقي عليهم القبض.

في الغد نشر بلاغ عن تفكيك خلية إرهابية، من رجال يتخفون في لباس إسلامي نسائي، قيل إنهم كانوا يحاولون القيام بتفجيرات إرهابية في العاصمة.

لم يطلق سراح الموقوفين إلا بعد أن تراجعوا عن الاستقالة من الأمانة العامة للحزب، وصرح العثماني إنها كانت "استقالة سياسية وليست تنظيمية".

(من كتاب "ألف ليلة وليلة"، الجزء الأخير، طبعة مزيدة ومنقحة)

رأي