النص الذي...يسعى لإحياء" كل ما من شأنه"

الكاتب : الجريدة24

29 أبريل 2020 - 12:00
الخط :

مصطفى العراقي

سقطت الحكومة مرة أخرى في امتحان احترام الدستور والقانون .وسقطت كذلك في امتحان التواصل مع الرأي العام .

في امتحان الدستور أنها لم تحترم الفصل ال 27 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات الذي ينص في فقرته الأولى أن " للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات..."...وفي القانون إنها لم تفعل التشريع  المنبثق من هذا الفصل والذي يحمل رقم 31.13وخاصة مادته ال 10 التي تلزم المؤسسات والهيآت بما فيها الحكومة بأن تنشر ....مشاريع القوانين.

وفي التواصل صمت آذانها على مطلب كل النداءات في أن توضح  حقيقة نص متداول هل هو مسودة أم مشروع أم ما قبل المشروع ...وتركت  أبواب ونوافذ الاحتمالات والتأويلات مشرعة طيلة أسبوع إلا من توضيحات زادت الغموض غموضا واللبس التباسا..

لقد أدرجت الحكومة هذا النص في جدول أعمال مجلس ينظر في التدابير الواجب اتخاذها لمواجهة الجائحة التي نطلب من الله أن يرفعها عنا وعن البشرية جمعاء. لم تضعه على البوابات التي اعتادت أن تنشر فيها مشاريعها ومراسيمها . وكأن لها نية تمريره في جنح هذه الجائحة وترمي به إلى البرلمان وكفى أعضاءها شر المواجهة مع الرأي العام مجتمعا مدنيا وهيآت سياسية  وصحافيين ومنظمات وفاعلين حقوقيين ...

والنص من حيث المضمون  يتميز بثلاث خصائص : أولها أنه  فضفاض في تعابيره ومقتضياته .ومهو ما يعطي لسلطات الاتهام امكانيات لا حدود لها في تكييف الحالات . وثانيا إنه يستهدف حرية الرأي والتعبير كما هي منصوص عليها في الدستور وفي المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب . وثالثا يتناقض في أحكامه مع قوانين  توجد ضمن التشريع المغربي...

وهذا النص من حيث الزمان جاء على يسار حالة الإستثناء التي ينص عليها الفصل  59 من الدستور . بلادنا لا تعيش هذه الحالة لكن إن تم فرضها فهناك ضمانة دستورية بأن " تبقى الحريات والحقوق الأساسية مضمونة".(الفصل 59). فكيف للحكومة أن تنتهك حقا أصيلا  ألا وهو حرية الراي والتعبير في زمن عادي لا استثناء ولا حصار ولا  هم يحزنون؟؟

وهو نص يجعل قانونا خاصا مثل قانون الصحافة والنشر "قزما" ويدفع به إلى دكة الاحتياط في المتابعات في الوقت الذي يصبح هو لاعبا رسميا في المجال مثل ما عرفته العديد من القضايا في الآونة الأخيرة والتي وقف  فيها صحافيون بقفص الاتهام بمقتضى القانون الجنائي...

وهذا النص ، المختبئ وراء ظهر الجائحة أخضعه البعض لمزايدات سياسوية انتخابوية وجعله عصا يضرب بها تحت أحزمة أشخاص وهيآت ...لتصفية حسابات أو لتبييض مواقف سابقة و...لاحقة.

والمثير أن وزيرا بالحكومة بعث بجملة تعديلات نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد هذا النص  من خلال مرجعيات حقوق الانسان والدستور و... وأنا أحترم فيما عبر عنه وذهب إليه . لكن هل يكفي أن نضع أمام اللجنة التقنية التي أحدثت  لتنقيح النص  هذه المرجعيات؟؟ وحتى إن بعثنا للجنة بالاعلان العالمي لحقوق الإنسان وبكل الأدبيات الأممية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير . هل هذا بالفعل يعد معيارا حقوقيا حقيقيا سيجد صداه في النص ؟؟ إن الموقف الحقيقي أعتقد هو طبيعة التعديلات  المطالب بها في لجنة التشريع  من هذا الفريق أو ذاك والصيغة النهائية لمشروع القانون والتصويت عليه في الجلسة العامة ...

أيها النص الذي... ما ذا لو كانت لدى الحكومة الجرأة لتسحبك ..وسنصفق جميعا لذلك . لأنك وكأنك في زمن السبعينيات وتحمل حتى بصمات قانون "كل ما من شأنه" الذي نجحت القوى الوطنية الديمقراطية والحقوقية في إلغائه  في بداية التسعينيات بعد أن حوكم به  المئات من المغاربة منذ وضعه سنة 1935... ماذا لو كنت ابنا شرعيا لعهد جديد لتعرف بأن هناك دستور يضم بابا للحقوق والحريات . ومؤسسات تم إحداثها وتشريعات تم سنها لحماية حقوق الانسان ؟؟ أم أن هناك عقليات تسجن نفسها في حقبة من حقب قرن مضى تتحين الفرصة للتراجع عن المكتسبات التي حققها المغرب ؟؟

آخر الأخبار