بوعشرين وفلتان الحرية بعد غزواته الجنسية

فلتان الحرية لا حدود له، وما شرع يبدر عن بعض من شملهم العفو الملكي، في الذكرى الـ25 لعيد العرش المجيد، بعدما أجرموا في حق ضحايا كثر وتاجروا بهم ولم يعيروا لهم أهمية رغم كونهم بشر، يثير الاشمئزاز، بقدر ما هم يحاولون طمس الحقائق البادية أمام العيان والموثقة في محاضر المتابعة.
ورويدا رويدا بدأت ردود أفعال بعض ممن عانقوا الحرية، تخرج عن السياق في محاولة صارخة لتحويل الدفة، بعيدا عن التهم التي توبعوا بها، مثل "الصحفي" توفيق بوعشرين، الذي عنت له نفسه، من جديد، امتطاء صهوة البطولة الزائفة من جديد، وكأن به اعتقل لآرائه ولتغطياته الصحفية، وليس لاضطراباته الجنسية وتعريته أجساد نسوة كن تحت سطوته ولم يرحمهن في شيء.
أي نعم، تقول العرب إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا، وهو لؤم بادٍ للعيان، ما صار يظهره "توفيق بوعشرين"، الذي خرج عبر تدوينة يتفاخر وينفخ أوداجه من جديد مثل ثعبان حابل بالسم الزعاف، فكما أنه عانق الحرية، ظن أن صفحة الضحايا ستطوى إلى الأبد، ولم يكلف نفسه عناء الاعتذار لمن أجرم في حقهن وسامهن سوء العذاب، إلى أن ساءت عاقبته، وقضى ردحا من الزمن مسجونا ليؤدي ما بذمته للمجتمع الذي أساء له ككل.
فهل "توفيق بوعشرين" بحاجة لتذكيره بأن الجرائم التي توبع بها يندى لها الجبين، وتبعث على التقزز، بعدما حول مكتب مدير النشر لغرفة نوم، يمارس فيها ساديته ويرضي شبقيته، بعيدا عن الأعين، إلا ما رصدته كاميرات مراقبة مثبتة فيه؟ وهل هو في حاجة لتقريعه بأنه لا يحق له ادعاء البطولة، بعدما غادر أسوار السجن، وضحايا كثر نكَّل بهن وامتهن كرامتهن، لحد جعلهن في هامش المجتمع وأودى بواحدة منهن توا إلى القبر؟
ثم على من يفتري "توفيق بوعشرين"، وهو يحاول تغطية شمس الحقيقة بالغربال، حقيقة أن "أسماء الحلاوي"، الراحلة عن دنيانا، والتي كانت مستخدمة في صحيفة "أخبار اليوم المغربية"، قد ذهبت إلى حتفها وفي حلقها غصة مما طالها من جبروته، تاركة خلفها أبناء يتامى وزوجا مرَّغ مدير نشره أنفه في الوحل، بعدما خان ثقته وتلاعب به مثل أي أخرق ملؤه خوارم المروءة، دون أن يطرف له جفن.
أفلا تستحق ضحايا "توفيق بوعشرين" أن يقف إجلالا لهن، بعدما قضى وطره منهن، وتركهن مهيضات الأجنحة عرضة لصروف الدهر ولكلام الناس، بينما هو قابع في السجن، يسوِّغ له أصدقاؤه كل الأسباب ويبحثون له عن كل الذرائع، لمداراة سوءته وما اقترفه في حقهن؟
وعطفا على ذلك، فلا غرو، أن الفرحة استبدت بالجميع عندما شوهد "توفيق بوعشرين"، وهو يعانق حريته وأفراد أسرته، لكن ما يعيب هذه الفرحة ويحولها إلى كدر، هو تحول الحر المستجد من حمل وديع، إلى وحش كشر عن أنيابه من جديد، وبدأ يرغي ويزبد، متوعدا كل من واجهوه بسوء أعماله ولم يخافوا في حقه لومة لائم، كما انكفأ عن الاعتذار الذي هو من شيم العظماء، أما التبجح فهو الرمال المتحركة التي يغرق فيها الخرقى.