العيون.. تربية الإبل تنبعث من جديد

الكاتب : الجريدة24

08 نوفمبر 2019 - 07:00
الخط :

رغم توفر قطيع هام ومراتع على حد البصر وسمعة مشهودة، إلا أن تربية الإبل تظل تواجه مثبطات تحد من نموها وتتعلق أساسا بالتسويق، والجمع العسير، والنظافة والبون الجغرافي.. لكن بفضل وحدة تثمين ووسائل للري وفرها مخطط المغرب الأخضر، تمكن هذا القطاع خلال عشر سنين من تحقيق نمو مطرد يشرئب على استحياء للعالمية.

فحتى تستحيل فاعلا رئيسا في سوق تربية الإبل وتوطن نفسك مع الكبار، ذاك طموح جهة العيون-الساقية الحمراء، التي يعد الإبل أو الهجن، سواء في ما يتعلق بالحليب (حليب النوق في الأقاليم الجنوبية هو "الفريك") أو اللحوم، من صميم التراب، بل مكونا للتراث الثقافي الصحراوي، لكون قطاع تربية الإبل يسهم كثيرا في الدينامية السوسيو-اقتصادية ويؤهل الفلاحة بالجهة.

ومن خلال إنتاج الحليب واللحوم، فضلا عن الجلد والوبر، يعد هذا القطاع، مكونا متميزا في الفلاحة المغربية، كما يمضي، بفضل مخطط المغرب الأخضر، نحو تحقيق نتائج متميزة في منحاها القاضي بكسب أسواق عالمية.

كما أن قطاع تربية الإبل بجهة العيون-الساقية الحمراء يستمد قوته من وحيد السنام المتماهي مع المناخ الصحراوي، ومع الموارد المائية العميقة حتى تورّد الإبل المقدر عددها في مايزيد عن مائة ألف رأس. دونما إغفال للمراتع التي تبلغ 9 ملايين هكتار، مما يشكل 45 بالمئة من المساحة الإجمالية للجهة.

حليب الناقة (الفريك).. حياة قصيرة وتسويق عسير

يتعلق الأمر بـ"إمكانات تثمين الحليب وتنويع الإنتاج (الحليب المبستر، والفريك، والجبن الطازج، والياغورت ومسحوق الحليب)، بالإضافة إلى لحم الإبل، فضلا عن الرغبة السياسية الأكيدة لتنمية القطاع"، كما أوضح لمجلة (باب) المدير الجهوي للفلاحة، سعيد أقريال.

رغما عن ذلك تعتري القطاع منذ عقود إكراهات تتجلى في نفاذ الحليب المبستر بالسوق المحلي، على اعتبار عوامل سوسيو-ثقافية تتصل بالعادات الغذائية لساكنة التي تفضل الحليب المخمر على حساب المبستر المعلب في وحدات التثمين.

وأوضح السيد أقريال أن هذه الإشكالات تستتبعها أخرى تتصل بجمع الحليب نظرا لترحال وحركية القطيع، فضلا عن "الجودة المتردية للحليب الخام النيئ والذي يجري جمعه بالجهة على اعتبار كمية الجراثيم الكثيرة التي يتضمنها"، موردا أن من بين هذه الإشكالات غياب إسطبلات ولوازم الحلب والاستدرار.

وأضاف أن هذه الوضعية توجب حيزا زمنيا قصيرا وتحدّ من التسويق في السوق الوطني، ناهيك عن حاجز بون السوق عن شمال المملكة.

ولتلافي هذه العراقيل وضخ دينامية تطور متناسقة ومتوازنة ومتدرجة للقطاع، خصصت الوزارة الوصية غلافا ماليا في إطار مخطط المغرب الأخضر، لتنمية هذا الصنف من التربية لتحسين المردودية في أفق 2020.

وفعليا برمجت المديرية الجهوية للفلاحة في إطار المخطط الفلاحي الجهوي سبعة مشاريع ضمن برامج الدعامة الثانية تطلبت تعبئة استثمارات إجمالية تقدر ب 722.5 مليون درهم، بالإضافة إلى مشروعين متقاطعين يهمان ضبط ظاهرة الترحال وتحسين المراعي بغلاف مالي قدر في 318 مليون درهم.

ومن ضمن الأوراش الهامة الأخرى الإسهام بغلاف مالي في حدود 8 ملايين درهم لتأهيل مجزرة مدينة العيون وإحداث سوق للمواشي بالمدينة.

وشرعت هذه الأوراش في إثمار نتائج إيجابية يعكسها ارتفاع الإنتاج وتحسن الجودة، ولا أدل على ذلك، من ارتفاع إنتاج حليب النوق الذي يشكل المنتج الأساسي بالجهة، بنسبة 207 بالمئة في عشر سنين ليصل إلى 54 ألف و 647 طن سنة 2018، عوض 17 ألف و 770 طن سنة 2008، برقم معاملات ناهز 328 مليون درهم.

كما أن حليب النوق المنتج بقطيع من المواشي انتقل إلى 50 ألف و705 رأس، تم إسناده ببرنامج تنمية مكن من إرساء وحدة للتثمين بقدرة إنتاجية تقدر في 8 طن /اليوم بمدينة العيون، وإحداث 4 مراكز لجمع الحليب وتجهيز 85 هكتار يتم سقيها بتقنية التنقيط العصرية.

بالإضافة إلى ذلك لم يعدم قطاع لحوم الإبل، النشاط التقليدي لمربي المنطقة، من خلال إنتاج انتقل من 912 طن سنة 2008 إلى 1570 طن السنة الفارطة (بزيادة 72 بالمئة)، كما أن هذا القطاع ضاعف من رقم معاملاته ليصل إلى 94 مليون درهم، دونما اعتبار إسهامه في إحداث أيام عمل معتبرة.

وتنتج لحوم وحيد السنام التي تلقى قبولا محليا منقطع النظير، بفضل توفر أعلاف على امتداد مراعي المنطقة، والتي جرى تحسينها من خلال مشاريع متقاطعة منذ 2015.

وإجمالا، بلغ رقم معاملات تربية الإبل السنة الفارطة 422 مليون درهم، كقيمة مضافة في 234 مليون درهم وعددا إجماليا في مناصب الشغل قدرت في 5040 يوما بدوام كامل.

وتتسق هذه التطورات مع استراتيجيات التنمية المستدامة. كما تعد نتاج سياسات عمومية حصيفة تجعل من تربية الإبل قاطرة اقتصاد الجهة، والتي تطمح بفضل نموذج تنمية الأقاليم الجنوبية، إلى جعل تربية الإبل قطبا اقتصاديا محوريا على الصعيد الوطني والجهوي، وركيزة أساسية للمبادلات التجاربة بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء.

فوحيد السنام المنتج للحليب واللحوم والجلود والوبر والأسمدة، يعد من الفصائل الأليفة القادرة على تأهيل هاته المناطق. لكون تربية الإبل تشكل ثروة هائلة لهاته المناطق الصحراوية.

ويتعين اليوم التعجيل بحماية هذه الفصيلة أمام تحديات الجفاف والتصحر. ولبلوغ هذا المرام، يتعين على العلماء والفلاحين الاهتمام ببيولوجيتها وأداءاتها ومنتجاتها ومكانتها في المنظومة البيئية.

آخر الأخبار