أعلام فاس وعلماؤها…ابن حماد الصقلي طلب العلم وتفوق رغم فقدانه بصره صغيرا

الكاتب : الجريدة24

10 أبريل 2024 - 04:00
الخط :

فاس: رضا حمد الله

لم يكن طريق طلب العلم مفروشا بالورود بالنسبة للشيخ العلامة محمد بن حماد الصقلي وهو أحد علماء جامع القرويين، ومن أبناء مدينة فاس الذين بذلوا كل ما في وسعهم لتوعية العامة والخاصة بشؤون دينهم بعدما خبر الكثير فيه منذ ولادته في 1930 بدرب القبور بأعلى حومة القطانين.

كانت السنوات الأولى من عمر محمد عادية داخل منزل أسرته الذي نشأ فيه ووسط أحضانها ولما بلغ الرابعة ربيعا لما أدخل للكتاب )المسيد( حيث دأب أهل فاس على تعليم أبنائهم شؤون دينهم وتحفيظهم القرآن انطلاقا منها. وكانت انطلاقته من "مسيد" بسيدي موسى بحومة كرنيز.

هناك حفظ محمد القرآن برواية الإمام ورش على يد الإمام محمد التدلاوي واحد من أشهر فقهاء فاس في تلك الحقبة التاريخية، وعلى يديه أيضا حفظ ما يحفظه باقي الطلاب من تراجم ومتن وألفية ولامية وبيقونية، لكن طارئا سيغير حياته رأسا على عقب بعد 3 سنوات من الحفظ والدراسة.

في السابعة ربيعا من عمر محمد، سيفقد بصره في حادث ليجد نفسه في وضع غير متوقع لا منه ولا من عائلته التي لم يحد فقدانه بصره، رغبتها في الحفاظ على بصيرته ولتحقيق أملها وإياه، حيث حرصت على استمرار حفظه للقرآن وعلومه، رغم فقدانه بصره الذي لم يمنعه من متابعة دراسته.

قضى محمد بن حماد الصقلي، 7 سنوات في حفظ القرآن الكريم إلى أن أتمه في الحادية عشر ربيعا من عمره، ما فسح له المجال لدخول المدرسة لإغناء دراسته بمواد أخرى، فكانت الانطلاقة من مدرسة ابن غازي الحرة التي قضى بها 3 سنوات ليلتحق بالمرحلة الابتدائية بجامع القرويين.

وشكل دخوله أبواب هذا الجامع فرصة كبيرة لتعليم العلوم الشرعية التي وجد ضالته فيها، وشكلت فترة الدراسة في القرويين "أزهر فترات عمره وأغناها" بتعبير من لامسوا مساره بالدراسة، حيث أنه أقبل على العلم بنهم رغم فقدانه بصره الذي لم يثنيه عن طلبه والجد والاجتهاد في دراسته.

كان محمد حينئذ من أبرز التلاميذ النجباء في دراستهم، سيما من كان يرافقهم يوميا في طريقهم إلى الجامع حيث اعتمد في الحفظ على السماع للقراءات والمذاكرات والمناقشات العلمية، في وقت لم تكن هناك طرق أخرى للتعلم على غرار ما عليه الأمر بعد التطور العلمي في زماننا.

وكان كف بصر الرجل، سببا مباشرا في سعيه المباشر لإيجاد بدائل تحضنه وزملاؤه وهو الذي أنشأ لاحقا مؤسسة محمد الخامس لإنقاذ الضرير، وسيلة لتخفيف عبئه وفاقدي البصر الراغبين في طلب العلم، فكانت المؤسسة فضاء يحضن المحرومين من نور البصر ومنهم حرفيون وصناع تقليديون.

ولم يكتفي ومؤسسة المؤسسة، بذلك، بل حرصوا على تزويدها بكل الوسائل العصرية للقراءة ومنها طريقة برايل التي اضطر للسفر إلى باريس لتعلمها وتمكين المكفوفين منها وسيلة ناجعة لتعلم الكتابة بها. وهو السفر الذي أتاح له فرصة الدراسة بكلية الحقوق بجامعة السوربون الفرنسية.

وطالما أن ارتباطه بفاس وطيد، فقد عاد محمد إليها للإشراف على المؤسسة وإتمام مساره العلمي الذي أثراه بمجموعة من الكتابات ألفها في مختلف الميادين العلمية بما فيها تلك في السيرة النبوية والنسب الشريف والاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف، وكل ما يتعلق بحياة الرسول.

واهتم الرجل بمجالات التبيين عند خاتم المرسلين، ومن أشهر مؤلفاته "الدين والنبوة وحاجة البشر إليهما" واحد من كتب كثيرة ألفها كما مشاركته بمحاضرات في تظاهرات مختلفة، خاصة في أصول الفقه وفي شرح ألفية السيوطي وتفسير بعض من سورة آل عمران وتفسير سورة المجادلة.

آخر الأخبار