بوبكر الجامعي..شهادة زور في حق الصحافة المغربية

الكاتب : الجريدة24

28 مايو 2020 - 05:28
الخط :

"اعتقال الريسوني ليس مفاجئا، لأنه أحسن كاتب للافتتاحيات في المغرب حاليا"، هكذا لهَج لسان بوبكر الجامعي في حوار صحفي منشور في الموقع الإخباري "لكم".
وللمفاضلة بين الافتتاحيات وكتاب الأعمدة وصناع الرأي، كان حريا بسليل آل الجامعي أن يقدم للرأي العام المعايير الموضوعية والنقدية التي اعتمدت في هذه المفاضلة، ومن هم المخضرمون الذين عكفوا على القيام بهذه الدراسة المقارنة، وما هي الافتتاحيات التي خضعت للدراسة والتمحيص، وأخيرا من هم كتاب الافتتاحيات الذين شاركوا في هذا الاستحقاق التفاضلي.

ولأن بوبكر الجامعي صرّح بهذا الانطباع الشخصي، دون إردافه بما يعززه ويعضده من معايير التقييم والمفاضلة النقدية والعلمية، فإننا نكون أقرب إلى كلام "العوام" منه إلى "تقييمات" المهنيين، وكأننا أمام أطفال صغار يتحدثون عن مفاضلات مطلقة في "راس الدرب"، فمنهم من يزعم أن "ربابنة المغرب الأحسن في العالم"، وآخر يرد عليه "طاجين أمي الأشهى في الكون"، وثالث يقول "أنا أحسن كوايري في الحي"..الخ.
ولكن اللافت في كلام هذا الزميل المعار للخارج في الفترة الراهنة، أنه حصر نطاق المفاضلة على "الوقت الحالي"، لئلا يتوهم الناس بأن سليمان الريسوني هو أفضل من الصحفي أبوبكر الجامعي نفسه. لذلك فقد آثر استعمال لفظة (حاليا)، في محاولة متعمدة ومقصودة لإعطاء الانطباع للرأي العام بأنه غير معني بهذا الاستحقاق وهذه المفاضلة، بحكم أنه أحجم منذ مدة عن كتابة الافتتاحيات، وتفرغ حاليا لتقييم دهاقنة الصحافة وسدنة الإعلام بالمغرب.

ومن باب المهنية وأخلاقيات الصحافة، فإن مقارنة سليمان الريسوني مع عبد الحميد جماهري مثلا لا تستقيم، بالنظر إلى البوْن الشاسع بينهما في المرجعية السياسية والثقافية والمهنية والأخلاقية، كما أن مجرد المقارنة في الكتابة بين الريسوني و بعض رؤساء التحرير الحاليين وكتاب الافتتاحيات، هو إجحاف وانتقاص من الوضع الاعتباري لهؤلاء الزملاء، لسبب بسيط وهو أن الصحافة مدرسة وتكوين ومرجعية، والحال أن سليمان الريسوني لم يلتحق يوما بأي مدرسة للصحافة، ولا يتوفر على أي شهادة تؤهله للتحليل النقدي، كما أنه لم يمتهن يوما العمل السياسي الذي يؤهله ليكون من صناع الرأي بالمغرب.

ولسنا هنا مطالبين بأن نشرح للسيد بوبكر الجامعي بأن كتابة الافتتاحيات تختلف عن دبج التدوينات الفايسبوكية، كما أن صناعة الرأي العام تختلف عن كلام "الحلقيات" في الكلية التي لم تطأ قدما الريسوني يوما حرمها الجامعي. فالافتتاحية ليست مجرد لغة منصّعة، ولا استهدافها ممنهجا لكل ما هو رسمي في البلد، ولا هي تنمر على الفرقاء السياسيين، ولا هي أيضا إسفاف في الكلام وابتذال في اللغة بدعوى ملامسة نبض الواقع.

فالافتتاحية هي أسلوب ومدرسة في الكتابة، ينهلان من روافد اللغة ومشارب الثقافة وضروب الفن، وهما أيضا رجع صدى لمسار أكاديمي طويل، وترصيد لممارسة سياسية ومهنية متشعبة! وهي الأمور التي لم نلمسها في "أفضل كاتب افتتاحيات حسب بوبكر الجامعي". فالرجل نزح للصحافة مؤخرا من باب "العمل الجماعي"، مفتقرا لدبلوم في الإعلام ومجردا من شواهد في الدراسات الجامعية. ونزوحه هذا كان منذ سنوات قليلة عندما كان بعض كتاب الافتتاحيات الحاليين ينثرون الكلمة بمداد النقد البناء، ولا يتأبطون معولا يحفرون به أجداثهم، ولا يستبيحون مثلية أحد في منازل زوجاتهم، مثلما ينسبه القضاء اليوم للشخص الذي يقدمه بوبكر الجامعي على أنه " أفضل كاتب افتتاحيات".

آخر الأخبار