الوسيط يشرح وضعية حقوق الانسان في عهد حكومة العثماني

الكاتب : الجريدة24

11 يونيو 2020 - 12:52
الخط :

أعد "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" ، هذا التقرير للمساهمة في تجميع المعطيات، ودراستها ومعالجتها ومساءلتها، وتحيين المقاربات وتقديم بعض التوصيات بهدف لفت الانتباه لتدارك الاختلالات والتسريع بتحسين الأداء.

وقد تناول "الوسيط" في هذا التقرير عشر مواضيع ذات صلة بحريات وحقوق محددة، غير أن هذا الاختيار لا يعني بأن هذه القضايا هي ما تصدر المشهد الحقوقي خلال سنة 2019، فمن المؤكد أن قضايا أخرى تتسم بنفس الأهمية، كانت محط انشغال الحركة الحقوقية، وحظيت باهتمام إعلامي واسع.وهي المواضيع التي تتحدد أهم خلاصاتها وتوصياتها كما يلي:

أولا: بخصوص الحق في الحياة:

تحددت مقاربة الوسيط في التعاطي مع الحق في الحياة، انطلاقا من آخر ما أقرته منظومة الأمم المتحدة لحماية الحق في الحياة، بلفت الانتباه للاجتهادات والتوصيات الموجهة للدول الأطراف عبر مختلف آلياتها، وفي إحالة خاصة على التعليق العام رقم 36 كآخر ما اعتمدته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن كل ما يمكن أن يمس بالحق في الحياة، ويؤدي لحدوث وفيات مبكرة، بسبب التشريعات والسياسات غير المنصفة وضعف الخدمات العمومية غير الملائمة مع احتياجات المواطنات والمواطنين وتزايد الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، وما يترتب عن ذلك من مسؤوليات تقصيرية للحكومات بخصوص حماية هذا الحق. بما يتجاوز ويعزز المقاربة التي ظلت تختزل المس بالحق في الحياة فقط في الأحكام ذات الصلة بالإعدام، أو حالات الوفيات بالأماكن الخاصة بسلب الحرية، أو في علاقة بأحداث ذات صلة بالتجمع والتظاهر وعلى خلفيته، أو في علاقة بالوقف الإرادي للحمل.

ثانيا: بخصوص حرية الجمعيات

بخصوص حرية الجمعيات وقف الوسيط عند المقاربة الكمية للحكومة في التعاطي مع حريات الجمعيات،وعلى مستوى الممارسة خلال سنة 2019، فقد قدم الوسيط قراءته في الحكم القضائي بشأن حل جمعية "جذور"، وخلص إلى أن قرار حل "جذور" يعد الحدث الأبرز في سنة 2019، لأنه يشكل تحولا "نوعيا" في التعاطي مع حرية الجمعيات بالمغرب ومن شأنه أن يؤثر على عملية مراجعة الإطار التشريعي للجمعيات الذي وعدت به الحكومة منذ عدة سنوات، حيث أعتبر الوسيط أنه في "حالة جمعية جذور" فقد تم الزّجّ بالقضاء لاستصدار حكم بالحل يفتقد إلى الأسس القانونية والحقوقية المستوجبة للحل، خصوصا وأن الجمعية المعنية نفت أية صلة لها بالنشاط الذي كان حجة النيابة العامة لالتماس الحكم بالحل، وعدم قدرت النيابة العامة على تقديم دليل قاطع يثبت صلة الجمعية بالنشاط، وبأن الحكم القضائي يعتبر غير عادل وغير منصف، ويتنافى مع الضمانات الدستورية المكرسة في الفصلين 12 و29.

هذا إلى جانب رصد حالات المنع التي تعيق حرية الجمعيات، والتي اتخذت عدة أشكال وسمت تدخل ممثلي السلطات الإدارية لعدة سنوات، واستمرت خلال سنة 2019، والتي نذكر منها:رفض تسلم وثائق الجمعيات (أو فروعها) مما يتعارض مع أحكام الفصل 5 من ظهير 15 نونبر 1958؛ تسلم الوثائق ورفض تسليم الوصل المؤقت مما يتعارض مع أحكام الفصل السابق الذكر؛ اشتراط وثائق إضافية وخارج ما هو منصوص عليه في الفصل المشار إليه أعلاه؛ تسليم الوصل المؤقت، والامتناع عن تسليم الوصل النهائي في الأجل المحدد قانونيا في 60 يوما، أو بعد انصرام هذا الأجل وترك الجمعيات في وضعية "معلقة"، خاصة بعد أن أصدر بنك المغرب تعليمات للبنوك بعدم القيام بأي عمليات بنكية لفائدة الجمعيات ما لم تكن تتوفر على وصل الإيداع النهائي، مما يعطل أنشطة الجمعيات ويؤثر على التزاماتها؛ وضع العراقيل أمام ولوج بعض الجمعيات إلى الدعم المالي بدون مصوغات قانونية أو موضوعية.

ثالثا: بخصوص حرية التجمع والتظاهر السلمي

فيما يخص حرية التجمع والتظاهر وقف الوسيط عند بعض المظاهر والتحولات المقلقة والمفارقة، والتي حددها فيما يلي:

-       اللجوء من حين لآخر إلى استعمال القوة غير المتناسبة خلال فك بعض الأشكال الاحتجاجية وإلى التوقيف وتحريك المتابعة القضائية بتهم تتعلق "بالتظاهر غير المرخص"؛عدم تعميم استثمار المهارات المهنية المكتسبة خلال التدريب وبرامج التكوين على جميع عناصر القوات العمومية، وما يرافق ذلك من توفير التجهيزات والمعدات الملائمة للتعاطي مع مختلف أشكال الاحتجاج والتظاهر في الفضاء العام، حيث نسجل التفاوت مابين أشكال التدخل في تعاطي القوات العمومية مع الاحتجاجات؛استمرار الفراغ القانوني أمام انبثاق وتعدد أنماط الاحتجاج وأشكال التعبير، ومحدودية المقتضيات القانونية وعدم ملاءمتها مع مستجدات الواقع، ومع الضمانات الدستورية والالتزامات الدولية للمغرب.

رابعا: بخصوص حرية الرأي والتعبير

رغم تكريس الدستور لحرية الرأي وحرية التعبير وتسييجهما بالضمانات اللازمة، واستجابة مدونة الصحافة والنشر للعديد من مطالب الحركة الحقوقية والمهنيين في مجال الصحافة وتعبيراتهم النقابية والمهنية، ما تزال الممارسة تكشف عن محدودية حماية الحق في حرية الرأي والتعبير، وهو ما يتضح من خلال عينة الحالات التي تم رصدها ضمن التقرير والتي تهم محاكمة الصحفيين الأربعة، ومحاكمة عمر الراضي، وقضية البيوت المشمعة.وانطلاقا من الحالات موضوع الرصد ضمن التقرير، يسجل الوسيط بأن حماية الحق في حرية الرأي والتعبير ما يزال يعرف تحديات فعلية، فبالرغم من عدم تنصيص القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر على العقوبات السالبة للحرية، إلا أن الفقرة الأخيرة من المادة 17، تركت المجال مفتوحا لإمكانية اللجوء إلى قوانين أخرى، مما فتح الباب أمام استعمال القانون الجنائي وقانون مكافحة الإرهاب وقوانين أخرى في علاقةبقضاياالصحافة والنشر؛ أما فيما يخص قضية البيوت المشمعة فيوصي الوسيط بضرورة الحرص على احترام وإعمال المقتضيات الدستورية ذات الصلة بحماية حرمة المسكن وتقييد كل الأطراف بالتطبيق السليم للقانون.

خامسا: بخصوص حرية المعتقد

بالرغم من ضمان الفصل الثالث من الدستور للفرد"...حرية ممارسة شؤونه الدينية"، فإن الممارسة تبين أن المسيحيين الأجانب فقط هم المشمولون بهذه الحماية الدستورية في ممارسة تعبدهم وشؤونهم الدينية، كما أن القانون الجنائي (المادتين 200 و222) ومدونة الأسرة (المادتين 39 و332) ما تزال تتضمن ما يتناقض مع كل من الدستور الذي كرس حرية الفكر والرأي والتعبير، والمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.ومن جهة أخرى وبالنظر إلى كون حرية المعتقد تقوم على أساس نبذ جميع أشكال العنف والتعصب والتمييز على أساس الدين والمعتقد أو باسمهما، فقد ارتأى الوسيط في رصده ومناقشته لبعض مظاهر التحريض على العنف وإشاعة خطاب الكراهية، أن يتوقف عند ما تواتر من حالات سنة 2019، وكان مصدرها شخصيات اعتبارية تنطلق من الدين لتقييم وضع ما، واستهداف الأشخاص بسبب المعتقد والتحريض على الكراهية والعنف تجاههم.

سادسا: بخصوص الحقوق الإنسانية للنساء والمساواة بين الجنسين

ما تزال المساواة بين الجنسين ومختلف الحقوق الإنسانية للنساء بالمغرب تعهدا حكوميا بدون إعمال، فبالرغم من تنصيص الدستور على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس وتكريسه لمبدأ المساواة بين الجنسين، والتزام المغرب بملاءمة القوانين مع الاتفاقية الدولية ذات الصلة، والتي يعد طرفا فيها، وكذا التزامه بإعمال أهداف خطة التنمية المستدامة 2030. فإن المؤشرات المتعلقة بمدى ضمان العدالة الجندرية على مستوى القوانين والمساواة بين الجنسين في الحياة السياسة والاقتصادية، ما تزال تحيل على استمرار التمييز المبني على النوع على مستوى القوانين والممارسة وهي المؤشرات التي تتحددكمايلي:

-       تعرض57%من النساء لنوع واحد من العنف على الأقل خلال سنة 2019؛استمرار تزويج الأطفال، حيث سجل حسب الأرقام المتاحة إلى حدود بداية سنة 2019، 26.240 حالة دون احتساب التزويج غير القانوني للأطفال؛حصر تمثيلية النساء بالحكومة الحالية في 17%، بما مجموعه 4 نساء من أصل 24 عضوا؛حصر تمثيلية النساء بمجلس النواب في 21%، بما مجموعه 81 امرأة من أصل 395 مقعدا؛حصر تمثيلية النساء بمجلس المستشارين في10%، بما مجموعه 12 امرأة من أصل 120 مقعدا؛حصرتمثيلية النساء على مستوى التعيينات في المناصب العليا برسم سنة 2019، في 11%، بما مجموعه 18 منصبا للنساء من أصل 143 منصبا؛ غياب كلي لتمثيلية النساء ضمن قائمة التعيينات الخاصة بالولاة والعمال برسم سنة 2019.

سابعا: بخصوص حقوق السجناء وأوضاع السجون

وقف الوسيط عند وضعية السجون مع تقديم آخر الإحصائيات ذات الصلة بالساكنة السجنية، كما رصد المشاكلة المتصلة بالاكتظاظ، وقدم أيضا عينة من الحالات بشأن ادعاءات وإفادات في علاقة بوضع السجون والسجناء بالمغرب برسم سنة 2019، والتي تمحورت حول ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة المتعلقة بسجن راس الما بفاس؛ تواتر حالات الانتحار داخل المؤسسات السجنية؛ ووفاة سجين بسبب الإضراب عن الطعا، والوقوف أيضا على مشكل الاكتظاظ بالسجون.

ثامنا: بخصوص حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة

بعد ست سنوات على صدور القانون الإطار في الجريدة الرسمية، ما تزال الحكومة تتباطأ في إخراج النصوص التنظيمية التي نص عليها القانون الإطار، مما أفرغه من حمولته وعطل مفعول كل مقتضياته، وضمنها إحداث اللجنة الوطنية التي يفترض أن "يعهد إليها بتتبع تنفيذ مختلف الاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة التي تعدها الحكومة، وإعداد تقرير سنوي". مما يستوجب إحداث التعديلات لملاءمة القانون الإطار مع الاتفاقية ذات الصلة، وهو الاتجاه الذي أكدتهمضامين مقترحات وتوصيات كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والجمعيات العاملة في المجال.وبناء عليه، يتوجب على الحكومة ما يلي:

     العمل على التسريع بإخراج النصوصالتنظيمية الخاصة بالقانون الإطار 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، وملاءمة التشريعات والقوانين بما يجعل الحرمان من الترتيبات التيسيرية المعقولة شكلا من أشكال التمييز؛العمل على توسيع مجال الولوجيات ليشمل المباني والطرق ووسائل النقل والمعلومات والاتصالات والخدمات الأخرى والحرص على إلزامية تفعيل الخدمات المتصلة بها، وترتيب الجزاء في حالات تعطيل تيسيرها؛العمل على إقرار الاعتراف بمساواة الأشخاص في وضعية إعاقة مع الجميع أمام القانون، عبر تمكينهم من الأهلية القانونية ودعم ممارستها، لضمان الحق في الملكية والإراثة واللجوء إلى القضاء، وضمان العيش المستقل؛

تاسعا: بخصوص حقوق المهاجرين واللاجئين

بالرغم من جهود المغرب على مستوى حماية حقوق المهاجرين واللاجئين والنهوض بها، فإن إعمال التزاماته الطوعية المتعلقة بالاتفاقية ذات الصلة، ما يزال يعرف الكثير من التحديات التي تنعكس سلبا على أوضاع المهاجرين واللاجئين بالمغرب.وبناء عليه، يتوجب على الحكومة ما يلي:

     العمل على تجاوز الالتباس المؤسساتي الذي يطبع تدبير سياسة الهجرة بعد إلغاء القطاع الذي كان مكلفا بذلك إلى حدود التعديل الحكومي بتاريخ 09 أكتوبر 2019، وذلك من أجل ضمان استكمال مسار الإصلاحات ذات الصلة بهذا المجال؛العمل على التسريع بتعديل القانون المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمغرب وكذا القانون المتعلق باللجوء؛ ومواصلة العمل من أجل تجاوز العوائق التدبيرية على مستوى الإدارات الترابية التي يترتب عليها حرمان المهاجرين من الحق في الصحة والتعليم وتجديد وثائق الإقامة؛ العمل على ملاءمة القانون 03.02 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمغرب مع المقتضيات الدستورية والالتزامات الدولية ذات الصلة؛ والتسريع بالمصادقة على مشروع القانون المتعلق باللجوء وإحداث منظومة قانونية ومؤسساتية وطنية لتدبير اللجوء؛

عاشرا: بخصوص الحق في حماية الحياة الخاصة والمعطيات ذات الطابع الشخصي

وبالنظر إلى أن المسعى العام لإقرار وتعزيز حماية المعطيات الشخصية والحق في الحياة الخاصة، ما تزال تعترضه الإكراهات والتحديات، فإن الممارسات التي تكشف عن التجاوزات والانتهاكات ذات الصلة والمرتكبة من طرف مؤسسات عمومية وخاصة ومن قبل الأفراد ومنابر الإعلام والاتصال تتنامى بشكل مقلق، يعكس أيضا الخصاص الذي يطال وعي المجتمع وكذا الفاعلين ومسؤوليتهم في علاقة بحماية المعطيات الشخصية للأفراد داخل المجتمع، واحترام الحياة الخاصة للأفراد.

وبناء عليه،يتوجب على الحكومة ما يلي:

ضرورة تجويد الإطار القانوني وملاءمته مع أحكام الدستور والاتفاقيات الدولية،فيما يتعلق بالأشخاص الذاتيين عند معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي؛

وتأهيل اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية والارتقاء بها إلى مصاف المؤسسات المستقلة المحدثة بقانون طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 159 من الدستور؛

وضع الضمانات القانونية والإجرائية اللازمة لضمان أن تكون معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي متلائمة مع مضامين الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادق عليها المغرب؛ واتخاذ جميع الإجراءات التي من شأنها الاستجابة لمقتضيات النظام العام الأوروبي لحماية المعطيات RGPD التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2018؛

تأهيل آليات حماية المعطيات الشخصية للمواطنات والمواطنين بما يضمن تناسبها مع مستجدات المنظومة الرقمية؛ وتعزيز وتقوية قدرات مختلف الفاعلين والمتدخلين رسميين وغير رسميين فيعلاقة بمنظومة حماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة؛

إدماج التحسيس بخطورة انتهاك الحياة الخاصة وأهمية التوعية بذلك ضمن مناهج وبرامج التعليم والإعلام؛ واتخاذ التدابير الكفيلة بتكريس وترسيخ الوعي بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي داخل المجتمع.

غير مصنف