البيجيدي ولعبة "الطوندونس" الحزبي !

الكاتب : عبد الإله سخير

06 مارس 2021 - 02:00
الخط :

التجييش غير المسبوق الذي قام به فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب أمس الجمعة، بهدف عرقلة عملية التصويت على القاسم الانتخابي يحمل بين طياته رسالة سلبية من هذا الحزب ذو التوجه الإسلامي الذي استطاب التربع على رأس "الطوندونس" الحزبي بالمغرب لولايتين تشريعيتين متتاليتين.

صحيح أنه من حق البيجيدي أن يقلق على مسقبله وأن يدافع على مصالحه، لكن ليس من صلاحياته أن يحدد الشكل السياسي للدولة، أو يرسم الخريطة السياسية التي تعبر صراحة عن التوجه العام للمغاربة.

غاب عن البيجدي المنتشي بصهوة التربع على "طوندونس" البرلمان المغربي، أن ريادته كانت نتيجة رياح ما سمي بالربيع العربي الذي أصبح الجميع يدرك انه من صنيعة قوى كبرى، لإحداث زلازل سياسية عميقة داخل الحكومات والأنظمة العربية.

يتغافل الحزب الأغلبي أن صعوده المفاجئ، قد أخل بتوازن المشهد الحزبي المغربي وأضر بتوافقات كبرى، أنجزت من طرف مكونات أحزاب الكتلة السياسية ومع  الملك الراحل الحسن الثاني مهدت لنقل سلسل لنظام الحكم لخلفه الملك الحالي محمد السادس.

البجيدي الذي فرض نفسه على المشهد المغربي، لايريد لعملية  اندماجه في المشهد السياسي أن تكون طبيعية، بل إن "الغرور" وصل به إلى درجة انه يريد ان يكون ندا للدولة وهذا هو الخطر بعينه، و ما الرسالة التي أراد التعبير عنها من خلال عملية التجييش المصاحبة للمصادقة على القاسم الانتخابي الا برهان على هذا الكلام.

كشفت  الـ 10 سنوات الضائعة من الزمن السياسي المغربي التي تربع خلالها المصباح على رأس "الطوندونس" الحزبي بالمغرب، عجزه عن استقطاب باقي النخب المغربية، التي فضلت الهامش على الدخول معه في مناكفات سياسية.

لكن هذا التقهقر للوراء من قبل هذه النخب الموزعة على عدد من الأحزاب السياسية، أضاع على المغرب الكثير من الفرص، وحرم البلد من تسجيل عدد من المكتساب.

المقصد العام للدولة بإعادة هيكلة الحقل الحزبي بالمغرب، من خلال إعادة ضبط العملية الانتخابية وتغيير قواعد اللعبة، يصب في اتجاه احترام جميع التوجهات التي تتشكل منها الجماعة المغربية.

الخصوصية المغربية تقوم على التعدد والتوازن، وتنبذ  منطق الاستئثار والهيمنة، وتشجع على الاندماج واحترام منطق " أمولة نوبة" وهو الأمر الذي لم يتوفر في البيجيدي ولكن رغم ذلك سمح له بتصدر الطوندونس دون انتظار الدور.

لقد كشف النقاش والجدل الذي صاحب عملية التصويت على القاسم الانتخابي، عن منطقين سياسيين، منطق الدولة الذي يقوم على التوازن والاشراك ومنطق بعض الأحزاب التي تريد الاستئثار والهيمنة، وهذا الشي مهدد لكيان الدولة ومفكك لها وينذر بتحولات عميقة تمس الجماعة المغربية.

اختار المغرب ادن أن يعيد التوازن لمشهده الحزبي، بإتاحة الفرصة لجميع المكونات أن تجد طريقها إلى البرلمان، بما يعبر عن حجمها الحقيقي، وليس بما تحمله أهواء الكتلة الناخبة التي تتحكم فيها اعتبارات مختلفة.

وعلى الحزب الأغلبي ان يتقبل حجمه الحقيقي داخل النسيج الحزبي المغربي، ولا يغترن بمؤثرات خارجية كانت سببا في صعوده المفاجئ.

 

آخر الأخبار