المستفيدون من أزمة كورونا بالمغرب في 2021

الكاتب : الجريدة24

14 يناير 2021 - 11:20
الخط :

تقدم الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2021 مراجعة لآفاق الميزانية الاقتصادية الاستشرافية الصادرة خلال شهر يوليوز من سنة 2020. ويتعلق الأمر بتقديرات جديدة للنمو الاقتصادي الوطني لسنة 2020 وبمراجعة توقعات تطوره خلال سنة 2021 وتأثيراتها على التوازنات الماكرو اقتصادية الداخلية والخارجية.

ويرتكز إعداد هذه الميزانية على الآفاق الاقتصادية العالمية الصادرة عن مختلف المؤسسات الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية واللجنة الأوروبية والبنك الدولي.

كما تعتمد هذه الميزانية على معطيات المحاسبة الوطنية التي تم تحيينها على أساس المراجعة المتأخرة لمعطيات القطاع الفلاحي وعلى نتائج البحوث الفصلية وأشغال تتبع وتحليل الظرفية التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط.

كما ترتكز على المعطيات النقدية ومعطيات المالية العمومية وإحصائيات المبادلات الخارجية، الصادرة على التوالي عن بنك المغرب وعن مديرية الميزانية ومديرية الخزينة والمالية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وعن مكتب الصرف.

وترتكز الآفاق الاقتصادية الوطنية لسنة 2021، بالإضافة إلى تطور الاقتصاد الوطني والدولي، على عدة فرضيات ترتبط أساسا بتطور الموسم الفلاحي 2020 2021-وبالتدابير والمقتضيات المعلنة في القانون المالي لسنة 2021.

المؤشرات الماكرو اقتصادية

ستؤدي تداعيات وباء كوفيد-19 وسرعة انتشاره عبر العالم بأسره إلى انكماش عميق للاقتصاد العالمي وإلى اختلالات في سلاسل الإنتاج، وارتفاع شامل للبطالة، نتيجة القيود والتدابير الاحترازية والمتعددة خلال فترة الحجر الصحي  الوباء.

على المستوى الوطني، يرتقب أن تؤدي هذه الأزمة مصحوبة بتأثيرات سنتين متتاليين من الجفاف إلى صدمة شديدة وغير مسبوقة على النشاط الاقتصادي خلال سنة 2020، إلى ركود اقتصادي، هو الأول من نوعه منذ أكثر من عشرين سنة.

ويتعلق الأمر بصدمة مزدوجة للعرض والطلب، نتيجة العواقب الوخيمة الناجمة عن التوقف الكلي أو الجزئي للأنشطة الاقتصادية الوطنية، خاصة الاختلالات في سلاسل الانتاج والقيود على حركة اليد العاملة وعلى السفر وإغلاق الحدود.

غير أن سنة 2021 ستبدو ملائمة، وستستفيد من الانتعاش المتوقع في الطلب الخارجي ارتباطا بتحسن الاقتصاد الدولي نتيجة التطورات التي يعرفها التلقيح ضد كوفيد-19 والآمال المعقودة على فعاليته، الشيء الذي سيحفز على إعادة فتح الحدود الدولية وعودة الثقة إلى الأسر والمستثمرين.

ويعتمد تطور الاقتصاد الوطني سنة 2021 على سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب يناهز 75 مليون قنطار خلال الموسم الفلاحي 2020-2021، ويبقى رهينا أيضا بالدينامية المرتقبة للأنشطة غير الفلاحية التي يمكن أن تشهد اهتمامًا أكبر للسياسات العمومية عبر النهوض بالمقاولات.

انتعاش تدريجي في سياق صعب ومتغير 

سيعرف الاقتصاد العالمي خلال سنة 2020 ركودا اقتصاديا تاريخيا، نتيجة انتشار وباء كوفيد-19 الذي أدى إلى أزمة صحية عالمية خلفت حصيلة ثقيلة من الضحايا.

وخلافا للأزمة العالمية لسنتي 2008-2009، لن يقتصر تراجع الناتج الداخلي الإجمالي فقط على اقتصاديات الدول المتقدمة ولكن أيضا أغلب الدول الصاعدة، باستثناء الصين التي استطاعت تفادي تراجع كبير لنموها الاقتصادي.

وهكذا، سيسجل الناتج الداخلي الإجمالي العالمي سنة2020 انخفاضا قدر ب  %3,7 بعد نمو اقتصادي ب %2,8 سنة 2019.

ويعزى هذا الركود الذي ستتراجع حدته مقارنة بالآفاق غير الجيدة المرتقبة، أساسا، إلى الانكماش الطفيف للاقتصاديات المتقدمة والانتعاش القوي للاقتصاد الصيني.

وتبدو الآفاق الاقتصادية لسنة 2021 مشجعة، نتيجة حملات التلقيح الجارية حاليا وكذا مواصلة مجهودات دعم الأسر والمقاولات. وإجمالا، سيسجل الناتج الداخلي الإجمالي العالمي انتعاشا بحوالي %4,3. غير أن هذه الآفاق تبقى غير مستقرة ورهينة بمجموعة من العوامل التي يصعب التنبؤ بها. ويتعلق الأمر بمدى فعالية اللقاحات أمام الطفرات التي يعرفها الفيروس والتكاليف اللازمة لإصلاح الاختلالات التي خلفها الوباء.

كما ستتفاقم هذه الصعوبات بمظاهر القلق المصاحبة لتطور العلاقات بين بريطانيا والأوروبيين بعد دخول اتفاق خروجها من الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في يناير 2021.

كما سيؤثر الوباء على وضعية المديونية، خاصة نتيجة تفاقم المخاطر المرتبطة بموجة لتراكم المديونية العالمية حيث سترتفع معدلاتها لتصل إلى مستويات تاريخية، الشيء الذي سيجعل الاقتصاد العالمي عرضة بشكل خاص للضغوطات التي ستعرفها الأسواق المالية.

بخصوص اقتصاديات مجموعة الدول المتقدمة، تأثر الانتعاش الاقتصادي خلال النصف الثاني من سنة 2020، بظهور طفرات جديدة من وباء كوفيد-19.

وهكذا، يعزى تدهور النشاط الاقتصادي سنة 2020 بوتيرة%-5,4  أساسا إلى الانخفاضات القوية للطلب والعرض من الخدمات. ويبقى الانتعاش المرتقب خلال سنة 2021 ب %3,3 رهينا بشكل كبير بتطور الوباء.

واستطاع الاقتصاد الأمريكي، مواجهة تداعيات الوباء أكثر من نظيره الأوروبي، حيث سيعرف خلال سنة 2021، انتعاشا ب%3,5 ، بعد انكماشه ب%3,6  سنة 2020.

غير أن هذا التحسن يبقى رهينا بتمديد السياسات العمومية لدعم النمو في سياق التوترات السياسية والاختلالات الاقتصادية.

وهكذا، سينخفض معدل البطالة، غير أنه سيبقى في مستويات عالية مقارنة بفترة ما قبل الجائحة، نتيجة الوزن الاقتصادي للقطاعات التي تأثرت بالوباء والعراقيل التي تعيق إعادة توزيع اليد لعاملة بها.

وبخصوص منطقة اليورو، التي تأثرت بشكل كبير بالموجة الثانية من الوباء، فإنها ستسجل انتعاشا بوتيرة لن تتجاوز%3,6  سنة 2021 بعدما عرفت خلال سنة 2020 ركودا عميقا قدر بحوالي%7,5 .

وسيعاني الاستثمار في منطقة اليورو من عراقيل تدابير الحجر الصحي وتراجع ثقة الأسر الناتجة عنها.

كما أن آفاق ارتفاع مديونية المقاولات لن يؤدي إلى عميلة تكيف سريعة. ومن جهته، سيسجل الاستهلاك الخاص انتعاشا غير أنه سيكون بطيئا، نتيجة المستويات العالية للبطالة والنمو المتواضع للأجور.

ويرتقب أن تتأثر الصادرات، رغم الانتعاش الطفيف لديناميتها، بالتحسن المعتدل للتجارة العالمية.

وبخصوص اقتصاديات الدول الصاعدة والنامية، تختلف تداعيات الأزمة الصحية من منطقة لأخرى، حيث تمكنت الصين من تفادي موجة ثانية من الوباء واستطاع اقتصادها استعادة عافيته مبكرا، مستفيدا من الدعم القوي للسياسات العمومية ومن زيادة الاستثمار، خاصة في البنية التحتية ومن الارتفاع القوي للصادرات.

وهكذا، سيعرف الاقتصاد الصيني، الذي يستحوذ على أكثر من ثلث النمو الاقتصادي العالمي، نموا بوتيرة%7,9  سنة 2021 عوض 2% سنة 2020.

غير أن آفاق اقتصاديات الدول الصاعدة والنامية الأخرى، ستبقى غير مستقرة وهشة، نتيجة تعدد القطاعات المتضررة بشدة بالوباء والاعتماد الكبير على مصادر التمويل الخارجية.

وهكذا، ستتراجع العديد من اقتصاديات دول آسيا بشكل كبير، خاصة الهند ومن دول أمريكا اللاتينية كالاقتصاد البرازيلي.

وبالمثل، ستتأثر اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط كثيرا بضعف أسعار النفط، لتسجل انخفاضات قوية في ناتجها الداخلي الإجمالي. وإجمالا، سيصل معدل نمو اقتصاديات الدول الصاعدة والنامية %5 سنة 2021 بعد انخفاض ب %2,6 سنة 2020.

في سياق الركود الاقتصادي العالمي، سيسجل حجم المبادلات التجارية تراجعا كبيرا ب %10,3 سنة 2020، نتيجة ضعف الطلب النهائي للمستهلكين وللمقاولات.

وبناء على الانتعاش المرتقب للنشاط الاقتصادي، ستسجل التجارة العالمية ارتفاعا بحوالي %3,9 سنة 2021.

غير أن الآفاق التجارية تبدو مقلقة وغير مشجعة بالنسبة للاقتصاديات التي تعتمد أنشطتها على قطاع السياحة وتلك المصدرة للنفط، نتيجة انخفاض أسعار النفط.

على مستوى أسواق المواد الأولية، سيؤدي تأثير الوباء على الطلب العالمي من النفط إلى تراجع أسعار النفط سنة 2020 بحوالي %34 مقارنة بسنة 2019.

وهكذا قررت منظمة الدول المصدرة للنفط في نهاية سنة 2020 الرفع من إنتاج النفط ب0,5  مليون برميل يوميا فقط ابتداء من شهر يناير 2021، كما تتوقع ارتفاعا تدريجيا وبطيئا للإنتاج خلال نهاية سنة 2021.

في ظل هذه الظروف، يتوقع البنك الدولي ارتفاعا طفيفا لأسعار النفط، لتصل إلى حوالي 44 دولارًا للبرميل سنة 2021 عوض 41 دولارا للبرميل سنة 2020. وبالمثل، ستسجل أسعار المواد الأولية الأخرى، انتعاشا متواضعا ب %2,4 سنة 2021 بعد %2,2 سنة 2020.

بناء على آفاق النشاط الاقتصادي العالمي، سيبقى التضخم ضعيفا ودون المستويات المسجلة قبل الوباء.

ويعزى ذلك أساسا إلى تجاوز مفعول تداعيات ضعف الطلب العالمي نظيره الناتج عن اختلالات العرض، الشيء الذي سيؤدي إلى انخفاض معدله الإجمالي إلى مستوى %1,5 سنة 2020 ثم إلى %1,4 سنة 2021 عوض%1,9  سنة 2019.

على مستوى سوق الصرف، سيواصل اليورو تحسنه خلال سنة 2021، لترتفع قيمته مقابل الدولار ب %4، بعد أن سجل سنة 2020 زيادة سنوية متوسطة قدرت %1,5 .

وتبقى الفجوة بين وتيرة نمو الاقتصاد الأمريكي ونظيره بمنطقة اليورو، هي المحدد الرئيسي لسعر الصرف. وهكذا، ساهم تدهور الوضعية الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية والتخلي عن استهداف التضخم من طرف الاحتياطي الفيدرالي خلال سنة 2020 في تقوية اليورو. كما أن إصدار دين أوروبي مشترك، نتيجة المصادقة على مخطط الإقلاع بالمليارات من اليورو، سيمكن من تقوية دور اليورو كعملة صعبة.

في ظل هذه الآفاق الاقتصادية العالمية، سيستفيد الاقتصاد الوطني من تأثير الانتعاش المرتقب للنمو الاقتصادي لدى شركائه التجاريين الرئيسيين، خاصة الأوروبيين.

وهكذا، سيعرف الطلب العالمي الموجه نحو المغرب، تحسنا ب %9,6 سنة 2021 عوض انخفاض ب 13% سنة 2020.

الوضعية الاقتصادية الوطنية سنة 2020

ركود عميق للاقتصاد الوطني سنة 2020 نتيجة تأثيرات فيروس كورونا وتوالي سنتين فلاحيتين جافتين سيتأثر المغرب كباقي دول العالم خلال سنة 2020 بوباء فيروس كورونا الذي خلف نتائج سوسيو اقتصادية قاسية.

وستفرز هذه الأزمة مصحوبة بتداعيات سنتين متتاليتين من الجفاف، إلى ركود عميق هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقدين من الزمن.

على مستوى القطاع غير الفلاحي، تعد الأنشطة المرتبطة بالطلب الخارجي، خاصة الطلب الوارد من الدول الأوروبية، هي الأكثر تضررا بتأثيرات الوباء.

ويتعلق الأمر أساسا بقطاع السياحة وأنشطته الملحقة والصناعات الميكانيكية والكهربائية بالإضافة إلى أنشطة صناعة النسيج والجلد والتجارة والنقل.

وبالمقابل، ستتمكن أنشطة أخرى من تجاوز تداعيات الأزمة وتسجيل نتائج جيدة، خاصة أنشطة المعادن والصناعات الغذائية والصناعات الكيميائية وشبه الكيميائية وخدمات أنشطة الصحة والتعليم والخدمات الإدارية.

وهكذا، ستتأثر أنشطة الصناعات التحويلية بالتداعيات السلبية للأزمة الصحية وبالتوقف المؤقت للعديد من الصناعات وتراجع دينامية السوق الداخلي والأسواق العالمية.

وبالتالي، ستعرف القيمة المضافة لهذه الأنشطة سنة 2020 تراجعا كبيرا، لتسجل معدل نمو سالب في حدود%7  عوض ارتفاع ب %2,8 سنة 2019.

وتعزى هذه النتائج غير الملائمة أساسا إلى انخفاض القيمة المضافة للصناعات الميكانيكية والكهربائية ب %22,4 عوض ارتفاع ب%4,7  خلال السنة الماضية.

وهكذا، ستتأثر أنشطة قطاع صناعة السيارات، المرتبطة كثيرا بالطلب الخارجي والتي تمثل %27 من الصادرات الوطنية خلال الفترة 2010-2019، بشكل كبير بهذه الأزمة، نتيجة التوقف الجزئي لأنشطة العديد من الوحدات الصناعية.

بالإضافة إلى ذلك، سيتأثر قطاع صناعة الطائرات، الذي ينشط في منظومة سلسلة عالمية، بشكل مباشر نتيجة الصعوبات التي تواجهها مختلف أنشطة مصانع الطائرات، وبالتالي تراجع كبير للطلب على الطائرات الجديدة، الشيء الذي سيقلص كثيرا من وتيرة الإنتاج من طرف شركات الطيران الجوي الكبرى.

وبخصوص أنشطة النسيج والجلد، فإنها ستسجل انخفاضا ب 14,1% سنة 2020 عوض ارتفاع ب%3,1  سنة 2019، متأثر بتداعيات الأزمة الصحية والمشاكل البنيوية التي يعرفها القطاع، خاصة منافسة الأسواق التركية والصينية، والوزن الكبير لأنشطة القطاع غير المنظم.

وستتفاقم هذه الوضعية الهشة بالاختلالات التي تعرفها المخزونات لدى الوحدات الصناعية من المدخلات الواردة من أسيا وخاصة الصين وبالانخفاض الكبير للطلب الخارجي الموجه نحو منتجات النسيج والجلد، خاصة الواردة من إسبانيا وفرنسا.

غير أن تغيير بعض وحدات إنتاج مواد النسيج لأنشطتها نحو إنتاج مستلزمات طبية، مستفيدة من الارتفاع القوي للطلب العالمي والوطني على هذه المنتجات.

من جهتها، ستعرف الصناعات الغذائية تحسنا في قيمتها المضافة لتسجل نموا متواضعا بوتيرة %0,6 سنة 2020 عوض ارتفاع ب %1,1 خلال السنة الماضية.

وسيستفيد هذا القطاع من النتائج الجيدة للطلب الداخلي على منتجاته، المدعم بالمجهودات المبذولة لتعزيز القدرة الشرائية، ليتمكن بذلك من تغطية حدة التراجعات التي ستعرفها منتجاته التصديرية.

وبخصوص أنشطة الصناعات الكيميائية وشبه الكيميائية، فإنها ستسجل تحسنًا في قيمتها المضافة ب%7,6  سنة 2020 عوض%5,6  المسجلة سنة 2019.

ويعزى ذلك إلى النتائج الجيدة للطلب الداخلي على منتجات الصيدلة والذي سيغطي انخفاض الطلب الخارجي الموجه نحوها.

كما سيتحسن إنتاج الأسمدة الكيميائية الموجهة نحو التصدير، مستفيدا من انتعاش الواردات من البرازيل والهند وأوروبا وتراجع صادرات المنافسين في الأسواق العالمية، خاصة الصين والولايات المتحدة الأمريكية.

وبالمثل، ستعرف أنشطة قطاع المعادن زيادة في قيمته المضافة بوتيرة%4,4  سنة 2020 عوض  %2,4المسجلة سنة 2019.

وسيسجل إنتاج الفوسفاط الخام تحسنا، نتيجة دينامية الطلب الوارد من الصناعات المحلية، مستفيدا من حجم تدفقات الفوسفاط ومشتقاته، رغم الاختلالات التي تعرفها الأسعار العالمية.

غير أن إنتاج المعادن الأخرى، خاصة الزنك والكوبالت والرصاص ستعرف انخفاضا خلال سنة 2020، متأثرة بتدابير إغلاق أغلبية المواقع المعدنية وتراجع أسعارها في الأسواق العالمية.

ومن جهته، سيسجل قطاع البناء والأشغال العمومية انخفاضا في قيمته المضافة ب %9,8.

سنة 2020 بعد ارتفاع طفيف ب%1,7  خلال السنة الماضية. وستتأثر أنشطة البناء أكثر من غيرها بالصدمة المزدوجة للعرض والطلب الناتجة عن الأزمة الصحية.

وهكذا، سيؤدي تقليص الأجور وفقدان مناصب الشغل إلى تدهور القدرة الشرائية للمستهلكين.

كما أن توقف أوراش البناء وانخفاض مبيعات الوحدات السكنية، سيعيق بشكل كبير استثمارات المنعشين العقاريين.

وفي ظل هذه الوضعية، تم اتخاذ العديد من التدابير من أجل النهوض بالقطاع وتخفيف حدة تأثيرات الأزمة.

ويتعلق الأمر بتقليص %50 من حقوق التسجيل المتعلقة باقتناء الوحدات السكنية أو البقع الأرضية المخصصة للبناء والتي لا تتجاوز قيمتها 2,5  مليون درهم وإلغاء هذه الحقوق بالنسبة للسكن الاقتصادي وكذا تأجيل سداد القروض وحذف تطبيق السعر المرجعي.

ومن جهته، سيتأثر قطاع الطاقة بالنتائج غير الجيدة للعديد من الأنشطة الصناعية، حيث سيسجل تراجعا بحوالي%4,1  سنة 2020 بعد ارتفاع ملحوظ ب%13,2  المسجل خلال السنة الماضية.

وستتفاقم هذه النتائج المتواضعة لإنتاج الطاقة الكهربائية، كذلك بانكماش الطلب الخارجي على الكهرباء، خاصة الوارد من إسبانيا.

في ظل هذه الظروف، سيفرز القطاع الثانوي تراجعا في قيمته المضافة ب  %6,3، لتسجل أنشطته بذلك مساهمة سالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي في حدود-1,6  نقط.

على مستوى القطاع الثالثي، ستتضرر دينامية أنشطة السياحة بشكل سلبي، نتيجة إغلاق الحدود ومنع التنقل بين المدن.

كما سيتأثر هذا القطاع بإلغاء عملية "مرحبا 2020"، بالنظر لأهمية وزن المغاربة المقيمين بالخارج من مجموع عدد السياح الوافدين.

وهكذا، فقد سلطت الأزمة الضوء على الاختلالات الهيكلية للقطاع واعتماده الكبير على الأسواق الخارجية، حيث لا تتجاوز حصة السياحة الداخلية %31.

وبالتالي، ستعرف القيمة المضافة للقطاع السياحي تدهورا كبيرا قدر بحوالي %55,8 سنة 2020 عوض ارتفاع ب %3,7 سنة 2019.

وبالمثل، ستعرف القيمة المضافة لقطاع النقل انخفاضًا ب %25,8 سنة 2020 عوض زيادة ب%6,6  سنة 2019، نتيجة  التوقف المؤقت لأنشطته.

وستتأثر أنشطة النقل الجوي، التي تمثل %27 من القيمة المضافة لقطاع النقل، بتداعيات الأزمة والتوقف الكلي لأنشطته خلال فترة الحجر الصحي.

كما سيعاني النقل السككي بشكل طفيف من آثار الأزمة ليسجل تراجعا في عدد المسافرين نتيجة إلغاء التنقل بين المدن.

وبالمقابل، ستواصل أنشطة النقل البحري منحاها التصاعدي نتيجة انتعاش المبادلات التجارية العالمية خلال النصف الثاني من سنة 2020.

وفيما يتعلق بأنشطة قطاع التجارة، فإنها ستسجل معدل نمو سالب ب%11,4  سنة 2020 عوض ارتفاع ب %2,4 سنة 2019. غير أن الأنشطة التجارية المرتبطة بالمنتجات الغذائية ومنتجات النظافة ستستفيد من الأزمة وتعزز ديناميتها.

بالمقابل، ستعرف التجارة المرتبطة بالسلع الأخرى كتجارة الأجهزة المنزلية، والترفيه، والأثاث، ركودا حادا، باستثناء الأنشطة التي قامت بتطوير التجارة الإلكترونية.

بالإضافة إلى ذلك سيعرف قطاع البريد والاتصالات تراجعا طفيفا بحوالي %1,3 سنة 2020 بعد الزيادة الضعيفة ب %0,3 المسجلة سنة 2019، خاصة نتيجة تأثيرات الأزمة على أنشطة خدمات البريد.

غير أن هذه النتائج غير الجيدة ستتم تغطيتها بالقفزة النوعية التي سيعرفها عدد الوحدات المستهلكة بواسطة الهاتف المحمول والإنترنت واستعمال الخدمات ذات التقنيات العالية، نتيجة مزاولة جزء كبير من المأجورين لأعمالهم ومواصلة التعليم عن بعد.

وبالمقابل، ستتمكن الخدمات غير التسويقية، جزئيا، من تغطية الانخفاض الذي ستعرفه الخدمات التسويقية، حيث ستسجل قيمتها المضافة زيادة ب %5 سنة 2020، نتيجة المنحى التصاعدي لنفقات الأجور والمساهمات الاجتماعية.

وبالمثل، ستعرف الخدمات المتعلقة بالصحة والتعليم، دينامية لتسجل زيادة في قيمتها المضافة ب%4,6  سنة 2020 عوض 2,4% المسجلة سنة 2019.

وهكذا، أدت الضغوطات التي أفرزها وباء كوفيد-19 إلى القيام بالعديد من المجهودات المهمة سنة 2020 لتعزيز وتقوية القدرات الاستشفائية وتحسين الخدمات الصحية.

وبناء على هذه التطورات، سيعرف القطاع الثالثي تراجعا في قيمته المضافة بحوالي%6,8 سنة 2020 عوض ارتفاع ب  %3,8المسجلة سنة 2019، حيث سيسجل مساهمة سالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي ب-3,5  نقط.

على مستولى القطاع الأولي، سيتأثر الموسم الفلاحي 2019-2020، للسنة الثانية على التوالي بالظروف المناخية غير الملائمة، التي تميزت بعجز كبير في التساقطات المطرية وسوء توزيعها المجالي والزمني.

وهكذا سيستقر إنتاج الحبوب في حدود 32 مليون قنطار (17,7 مليون قنطار من القمح الطري و7,9  مليون قنطار من القمح الصلب و6,4  مليون قنطار من الشعير)، أي بانخفاض ب 39% مقارنة بالموسم الفلاحي الماضي و%57 مقارنة بسنة فلاحية متوسطة.

غير أن النتائج الجيدة لأنشطة الزراعات السقوية، خاصة زراعة الفواكه، سيخفف من حدة تراجع محصول زراعة الحبوب.

ومن جهتها، ستتراجع أنشطة الإنتاج الحيواني، نتيجة العجز في موارد الأعلاف بالمراعي التي تأثرت بالجفاف.

كما تاُرت أنشطة الدواجن سلبا بانخفاض الطلب الداخلي، نتيجة أزمة كوفيد-19.

وهكذا، ستسجل القيمة المضافة للقطاع الفلاحي سنة 2020 تراجعا جديدا ب%8,1  عوض انخفاض ب  %5,8خلال السنة الماضية.

وبخصوص قطاع الصيد البحري، ستتراجع الأنشطة التسويقية لمنتجات الصيد الساحلي والتقليدي مصحوبة بانخفاض الأسعار.

وهكذا، ستستقر وتيرة نمو قيمته المضافة في حدود %4,4  عوض%8,3  خلال السنة الماضية.

بناء على هذه التطورات، سيفرز القطاع الأولي انخفاضا في قيمته المضافة ب%7,1  سنة 2020، بعد تراجع ب%4,6  سنة 2019. وبالتالي سيسجل من جديد مساهمة سالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي ب -0,9 نقطة.

في ظل هذه الظروف، سيعرف النمو الاقتصادي الوطني، بناء على تراجع الضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الإعانات ب%9,1 ، ركودا ب %-7 سنة 2020 عوض زيادة ب%2,5  المسجلة سنة 2019.

وفيما يتعلق بتطور الأسعار الداخلية، سيؤدي انخفاض الأسعار العالمية للمنتجات الطاقية وللمواد الأولية الأخرى، مصحوبا بتباطؤ الطلب، إلى تراجع المستوى العام للأسعار ليستقر في حدود %-0,1 عوض ارتفاع ب %1,3 المسجلة سنة 2019.

في هذا السياق، الذي يشهد تدهورا للنمو الاقتصادي الوطني، سيعرف سوق الشغل خلال سنة 2020 فقدان العديد من المناصب ستصل إلى 712 ألف منصب شغل.

في ظل هذه الظروف وبناء على فرضية استمرار المنحى التنازلي لمعدل النشاط، سيسجل معدل البطالة على المستوى الوطني ارتفاعا ليصل إلى حوالي %14,8، أي بزيادة5,6  نقطة مقارنة بمستواه المسجل سنة 2019.

مساهمة سالبة للطلب الداخلي في النمو الاقتصادي

سيتأثر الطلب الداخلي كثيرا بالتداعيات السلبية للأزمة الصحية الناتجة عن كوفيد-19، نتيجة القيود الاحترازية وإجراءات منع التنقل للحد من انتشاره وآثاره على أنشطة المقاولات ومستوى معيشة الأسر.

وهكذا، سيؤدي فقدان العديد من مناصب الشغل نتيجة الوباء إلى تدهور مداخيل الأسر وبالتالي، تراجع مستوى استهلاكها.

وسيتأثر هذا الأخير الذي يمثل نصف الطلب الداخلي، بتراجع مداخيل العالم القروي، نتيجة تداعيات تعاقب موسمين من الجفاف.

وهكذا ستلجأ الأسر أمام انخفاض مداخيلهم إلى تقليص نفقات استهلاكهم عوض اللجوء إلى الاقتراض.

وبالتالي، سيعرف لجوؤها للقروض على الاستهلاك انخفاضا هو الأول من نوعه بحوالي %2,5 عوض زيادة سنوية متوسطة ب %11,7 خلال الفترة 2002-2019.

وبالتالي، سيسجل استهلاك الأسر نموا سالبا غير مسبوق، هو الأول من نوعه منذ سنة 1997 قدر بحوالي%-9,4 سنة 2020.

وهكذا، سيسجل مساهمة سالبة في النمو الاقتصادي ب-5,3  نقط عوض مساهمة موجبة بنقطة واحدة سنة 2019.

وبالمقابل، سيعرف استهلاك الإدارات العمومية ارتفاعا بحوالي %6,2  سنة 2020.

ويعزى ذلك إلى الزيادة المهمة لنفقات الدولة، بالنظر إلى التدابير المتخذة لمواجهة الأزمة الصحية.

ويتعلق الأمر بالنفقات الاستثنائية لدعم قطاع الصحة والقدرة الشرائية. و هكذا، ستبلغ مساهمة استهلاك الإدارات العمومية في النمو حوالي1,2  نقطة عوض0,6  نقطة سنة 2019.

وإجمالا، سيعرف الاستهلاك النهائي الوطني انخفاضا ب%5,4  عوض زيادة سنوية متوسطة بلغت%3,9  خلال الفترة 2008-2019.

وهكذا سيسجل مساهمة سالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي ب-4,1  نقطة عوض مساهمة موجبة ب 1,6 نقطة سنة 2019.

ومن جهته، سيتأثر الاستثمار بتداعيات الأزمة الصحية التي ستؤدي إلى تقليص نفقات الميزانية للاستثمار خلال سنة 2020 بحوالي %4,7، وانخفاض الواردات من سلع التجهيز. في هذا السياق غير المستقر والذي يتميز بالعديد من المخاطر المالية، ستقوم المقاولات بتأجيل استثماراتها وتأخير مشترياتها خاصة تلك التي لم تستفد من فترة اللحاق بركب الاستهلاك.

وبناء على التداعيات السلبية للأزمة الصحية والجفاف، سينخفض مستوى التغير في المخزون بحوالي %18,1. وبالتالي، سيعرف الاستثمار الإجمالي تراجعا ب %9,8، ليسجل مساهمة سالبة في النمو الاقتصادي ب -3,2 نقط عوض مساهمة موجبة ب 0,3 نقطة سنة 2019.

وإجمالا، سيعرف حجم الطلب الداخلي انخفاضا ب%6,7  عوض ارتفاع ب%1,7  سنة 2019، ليسجل مساهمة سالبة في النمو للمرة الأولى منذ سنة 1997 قدرت ب-7,3   نقط عوض مساهمة موجبة ب 1,9 نقطة سنة 2019.

تحسن العجز الجاري نتيجة انخفاض الواردات بوتيرة تفوق معدل تراجع الصادرات وتعزيز تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج

سيعرف النشاط الاقتصادي العالمي خلال سنة 2020، انخفاضا ملحوظا للمبادلات الخارجية، نتيجة الاختلالات في سلاسل الانتاج العالمي وتدابير الحجر الصحي وإجراءات إعادة تطبيقه وكذا التباطؤ المتزامن للنمو الاقتصادي في العالم بأسره.

في هذا السياق، سيتراجع الطلب العالمي الموجه نحو المغرب نتيجة تباطؤ الأنشطة الاقتصادية للشركاء التجاريين الرئيسيين.

وستؤدي التداعيات التي خلفتها الأزمة الصحية على مستوى سوق الشغل والمداخيل إلى تراجع الصادرات الوطنية للقطاعات المنتجة، خاصة صادرات أنشطة المهن العالمية.

وهكذا، رغم استدراك التراجعات المسجلة بعد رفع الحجر الصحي، فإن صادرات قطاعات صناعة السيارات وصناعة الطائرات ستسجل انخفاضات برقمين نتيجة التراجع الغير المسبوق للأنشطة العالمية لصناعة الطائرات وتأجيل الإنفاق على السلع المستدامة.

بالإضافة إلى ذلك ورغم تقلص الطلب الصيني على منتجات الفوسفاط والعرض الكافي في الأسواق، فإن النتائج الجيدة للإنتاج في هذا القطاع وتعزيز حصة الصادرات المغربية منه في الأسواق العالمية، سيساهم في تحسن الصادرات من الفوسفاط ومشتقاته بوتيرة معتدلة، خاصة من الأسمدة الكيميائية.

وبالمثل، ستسجل صادرات المنتجات الفلاحية ومنتجات الصناعات الغذائية ارتفاعا طفيفا، نتيجة تعزيز الطلب خاصة الوارد من أهم أسواق الشركاء الرئيسيين.

ستؤدي التأثيرات السلبية للأزمة الصحية إلى تفاقم الصعوبات البنيوية التي يعرفها قطاع صناعة النسيج.

وتعزى النتائج غير الجيدة لأنشطته خلال هذه السنة إلى انخفاض الطلب الأجنبي والمنافسة الكبيرة التي تعرفها منتجاته في الأسواق العالمية. وبالتالي، ستسجل صادراته انخفاضا ملحوظا خاصة نتيجة تراجع صادرات الملابس الجاهزة.

وفيما يتعلق بالواردات، سيساهم الانخفاض الذي ستعرفه الصادرات في تراجع الواردات من المدخلات المستعملة من طرف القطاعات المصدرة، خاصة تلك المرتبطة بأنشطة المهن العالمية.

وهكذا، ستسجل الواردات من أنصاف المنتجات وسلع التجهيز تراجعات مهمة. كما ستؤدي التدابير الاحترازية المتخذة والقيود على السفر والتنقل وكذا تراجع النمو الاقتصادي إلى تقليص الطلب الداخلي على منتجات الطاقة.

غير أن تداعيات التراجع الملحوظ لإنتاج الحبوب مقارنة بالموسم الفلاحي المنصرم وتأثيرات الجفاف، ستؤدي إلى ارتفاع الواردات من المنتجات الغذائية، خاصة من الحبوب.

بالإضافة إلى ذلك، ستساهم الحاجيات المتزايدة من المنتجات والمواد الطبية اللازمة لمواجهة الوباء إلى ارتفاع مهم لوارداتها.

بناء على التدهور القوي للمبادلات من الخدمات، خاصة نتيجة تراجع مداخيل الأسفار، وتراجع الرواج من السلع، سيعرف حجم الصادرات من السلع والخدمات انخفاضا ب%14,1  عوض ارتفاع ب %5,8 المسجلة سنة 2019.

وبالمثل سيسجل حجم الواردات تراجعا ب%12,2  عوض زيادة ب %3,4 المسجلة خلال السنة الماضية.

وهكذا سيفرز صافي الطلب الخارجي مساهمة موجبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي ب  0,3 نقطة عوض0,6 + نقطة المسجلة سنة 2019.

سيؤدي انخفاض الطلب العالمي مصحوبا بمستوى كافي من العرض في الأسواق، إلى انخفاضات متزامنة لأسعار المواد الأولية.

ويتوقع أن يساهم هذا التراجع في أسعار الأسواق العالمية في تقليص الفاتورة الطاقية، في حين أنه سيعيق جزئيا الصادرات الوطنية، خاصة من منتجات الفوسفاط ومشتقاته.

غير أن الفاتورة الغذائية ستتفاقم نتيجة ارتفاع أسعار الحبوب خلال سنة 2020.

وهكذا، ستسجل الواردات من السلع بالأسعار الجارية انخفاضا ب %15,1، في حين ستتراجع الصادرات من السلع بوتيرة قدرت ب %8,1.

وبالتالي، سيتحسن العجز التجاري ليستقر في حدود %14,6 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض  %18,2المسجلة سنة 2019.

وبناء على تطور المبادلات الصافية من الخدمات، سيتحسن عجز الموارد ليصل إلى حوالي%8,9  من الناتج الداخلي الإجمالي مقارنة ب%10,5  المسجلة سنة 2019.

وأخذا بعين الاعتبار للنتائج الجيدة لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ولتدفقات مداخيل الاستثمارات، سيتراجع عجز الحساب الجاري لميزان الآداءات ليستقر في حدود %2,2  من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %4,4 سنة 2019.

مجهودات مالية إضافية لدعم النشاط الاقتصادي مصحوبة بانخفاض المداخيل الجبائية ستفرز تفاقما لعجز الميزانية

سيعرف مسلسل استعادة التوازنات المالية الذي بدأ منذ سنة 2013 ومكن من التحكم في عجز الميزانية في حدود%3,6  من الناتج الداخلي الإجمالي، تراجعا خلال سنة 2020، نتيجة التداعيات السلبية للأزمة الصحية على مداخيل الدولة.

وستؤدي النتائج السلبية لهذه الأخيرة مصحوبة بتسارع الحاجيات الضرورية لمواجهة العواقب الوخيمة التي سيخلفها الوباء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، إلى تفاقم الحاجيات التمويلية للخزينة.

في ظل هذه الظروف، ورغم المصادقة على القانون المالي المعدل لسنة 2020، الذي يعد الأول من نوعه منذ 30 سنة، لم تتمكن المداخيل الجبائية من تفادي تدهور كبير نتيجة التراجع الملحوظ للنشاط الاقتصادي وذلك رغم إجراءات رفع القيود المفروضة والانتعاش التدريجي لبعض القطاعات الاقتصادية منذ النصف الثاني من سنة 2020.

وهكذا ستسجل المداخيل الجبائية الذي تمثل حوالي %86 من المداخيل الجارية، انخفاضا بحوالي%7 لتصل إلى %18,3 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض%19  كمتوسط سنوي للفترة 2012-2019.

وتعزى النتائج غير الجيدة للمداخيل الجبائية أساسا إلى التراجعات القوية المرتقبة لجميع مكوناتها من الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم والحقوق، باستثناء مداخيل الضريبة على الشركات التي  ستعرف تحسنا ، بناء على حصيلة السنة الماضية. غير أن المداخيل الواردة من الضريبة على الدخل ستتأثر بتوقف النشاط الاقتصادي وفقدان مناصب الشغل على مستوى العديد من القطاعات، لتسجل انخفاضا بحوالي%4,7  سنة 2020 عوض ارتفاع طفيف ب 0,3%  سنة 2019.

بالإضافة إلى ذلك، ستتأثر المداخيل الواردة من الضريبة على القيمة المضافة على الاستيراد ومن حقوق الجمارك بتراجع حجم الواردات والمنحى التنازلي لأسعار المنتجات النفطية المستوردة، حيث ستسجل تراجعات قوية سنة 2020.

ومن جهتها، ستتراجع الضريبة على القيمة المضافة الداخلية تباطؤا طفيفا نتيجة انخفاض الاستهلاك.

وبالمثل، ستنخفض المداخيل الواردة من الضريبة على الاستهلاك ب %9,5 سنة 2020، نتيجة تراجع مداخيلها من منتجات النفط، نتيجة القيود على التنقل وانخفاض النشاط الاقتصادي.

وبخصوص المداخيل غير الجبائية فإنها ستسجل تراجعا بحوالي 20% لتستقر في حدود %2,5  من الناتج الداخلي الإجمالي، أي بانخفاض ب0,5  نقطة مقارنة بمستواها المسجل سنة 2019.

وتعزى هذه النتائج إلى غياب عمليات الخوصصة وإلى تراجع التحويلات الواردة من المؤسسات والمقاولات العمومية. وبناء على هذه التطورات، ستصل المداخيل الجارية إلى حوالي%21,1  من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2020 أي بانخفاض ب0,6  نقطة مقارنة بسنة 2019 و نقطة واحدة مقارنة بالمعدل السنوي المتوسط للفترة 2012-2019.

بالإضافة إلى ذلك، ستؤدي الحاجيات الضرورية لاحتواء التأثيرات السوسيو اقتصادية التي خلفتها الأزمة، إلى زيادة النفقات العمومية. وتهم النفقات الإضافية، خاصة الإعانات المخصصة لدعم المأجورين والتحويلات النقدية للمشتغلين في القطاع غير المنظم ودعم تمويل المقاولات.

كما ستتم تغطية نفقات تطوير وإعادة هيكلة الجهاز الطبي ودعم الاقتصاد الوطني بشكل أساسي عن طريق الصندوق الخاص لتدبير جائحة كورونا.

في ظل هذه الظروف، ستعرف النفقات الجارية زيادة ب%5,4  بعد ارتفاع ب %5 سنة 2019 ونمو متوسط سنوي لم يتجاوز %0,6  خلال الفترة 2013-2019.

وهكذا، ستصل هذه النفقات إلى حوالي %21,8 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض%19,4  سنة 2019 و%20,3 خلال الفترة 2014-2018.

وتهم هذه الزيادة مختلف مكونات النفقات، باستثناء تلك المخصصة لدعم أسعار الاستهلاك والتي ستتراجع إلى حوالي %1,3 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %1,4 سنة 2019  و2,9% خلال الفترة 2014-2018.

ستفرز الضغوطات التي تواجهها النفقات مصحوبة بالنتائج غير الجيدة للمداخيل، رصيدا جاري سالبا هو الأول من نوعه منذ سنة 2014، ليصل إلى %-0,7 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %+1,6 كمتوسط سنوي للفترة 2014-2019.

بخصوص نفقات الاستثمار، وبناء على التقليص المرتقب لنفقات الميزانية المخصصة للقطاعات الوزارية لتكييف السياسة المالية مع متطلبات الحالة الوبائية، فإنها ستنخفض بحوالي%4,7  لتستقر في حدود %6,2 من الناتج الداخلي الإجمالي.

في ظل هذه الظروف، سيتفاقم عجز الميزانية خلال سنة 2020، ليصل إلى حوالي  %7,4من الناتج الداخلي الإجمالي عوض%3,6  سنة 2019. وستتجاوز هذه الحاجيات بشكل كبير المعدل السنوي للعجوزات المسجل خلال الفترة 2012-2019، أي%4,5  من الناتج الداخلي الإجمالي وتوقعات القانون المالي لسنة 2020.

لجوء مكثف للأسواق المالية العالمية لتغطية الحاجيات التمويلية للخزينة

سيؤدي تدهور الحاجيات التمويلية للخزينة نتيجة التأثيرات السلبية للأزمة الصحية، والضغوطات التي يعرفها الاحتياطي من العملة الصعبة، إلى تقليص هوامش تمويل الاقتصاد الوطني خلال سنة 2020.

وأمام هذه الوضعية، قام المغرب باللجوء بشكل مكثف إلى الأسواق المالية العالمية لتعبئة المزيد من الموارد من طرف المانحين الرئيسيين.

في هذا الإطار، سيمكن تجاوز سقف التمويلات الخارجية، بعد اللجوء إلى الخط الائتماني للسيولة، من تعبئة القروض والتمويلات الخارجية الإضافية لتتجاوز بذلك تلك المبرمجة قبل الأزمة، خاصة القروض المتعلقة بتغطية المخاطر من طرف البنك الدولي وأنواع الاقتراض الأخرى التي ستمكن من تعبئة الموارد الإضافية لتنفيذ التدابير الاستعجالية وتحسين مرونة الاقتصاد الوطني.

وهكذا، قام المغرب في شهر شتنبر من سنة 2020، بإصدار سندات في السوق المالي العالمي بقيمة مليار من اليورو، حيث لن يستفيد توازن المالية العمومية والاحتياطي من العملة الصعبة من هذا الإصدار، الذي جاء بعد الاقتراض الذي لجأ إليه المغرب خلال سنة 2019 وبعد غياب طويل منذ سنة 2014، لأنه سيخصص لتسديد اقتراض آخر بمبلغ مماثل خلال شهر أكتوبر من سنة 2020.

وستؤدي هذه الوضعية إلى فجوة في عجز الميزانية يتطلب تغطيتها لجوء الخزينة للاقتراض من جديد خلال شهر دجنبر من سنة 2020 بقيمة 3 مليارات من الدولارات.

وفي هذا الإطار، سترتفع حصة الدين الخارجي للخزينة إلى حوالي 24% من الدين الإجمالي للخزينة و%18,7 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض%22,4  و%14,2 من الناتج الداخلي الإجمالي كمعدلات سنوية للفترة 2012-2019.

غير أن الدين الداخلي للخزينة يبقى مستحوذا على بنية الدين الإجمالي للخزينة، بحوالي %58,4 من الناتج الداخلي الإجمالي. وهكذا، وبناء على معدل نمو اقتصادي سالب وتدهور عجز الميزانية سيتفاقم معدل الدين الإجمالي للخزينة إلى%77,7  من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2020، بارتفاع بحوالي 12,8 نقطة مقارنة ب %64,9 المسجلة سنة 2019

وبناء على مستوى الدين الخارجي المضمون، سيرتفع الدين العمومي الإجمالي إلى حوالي %94,6 من الناتج الداخلي الإجمالي، أي بارتفاع بحوالي14,2  نقط مقارنة ب%80,4  المسجلة خلال سنة 2019.

تعزيز الموجودات الخارجية باللجوء المكثف إلى الاقتراض الخارجي وتشجيع القروض البنكية عبر وسائل التمويل النقدي.

سيؤدي الركود الاقتصادي إلى ضغوطات كبيرة على مصادر التمويل النقدي، خاصة الاحتياطي من العملة الصعبة ومستوى السيولة المتاحة لدى القطاع البنكي.

ولمواجهة هذه الوضعية، سيتم اللجوء إلى السوق المالي العالمي ونهج سياسة نقدية مرنة سنة 2020.

وهكذا، ستستفيد الموجودات الخارجية من العملة الصعبة من انخفاض الواردات في سياق ضعف الأسعار العالمية ومواصلة تحسن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، لتتمكن بذلك من تغطية التأثيرات السلبية لتدهور مداخيل السياحة وتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كأهم مصادر العملة الصعبة.

كما تم اللجوء إلى الوسائل الأخرى للتمويل السريع. ويتعلق الأمر بالخط الائتماني للسيولة وتعبئة الموارد في الأسوق المالية العالمية.

وبناء على هذه العوامل، ستتعزز الاحتياطيات من العملة الصعبة لتناهز سقف 300 مليار درهم عوض 263,8 مليار درهم المسجلة سنة 2019، حيث ستتمكن من تغطية حوالي 7,4 أشهر من الواردات من السلع والخدمات عوض  5,4 أشهر المسجلة سنة 2019.

وبخصوص المقابلات الأخرى للكتلة النقدية، يعزى نمو القروض البنكية بحوالي %4,5 أساسا، إلى تسارع الحسابات المدينة وتسهيلات الخزينة وإلى المنحى التصاعدي للديون المعلقة الأداء، التي ستتفاقم خلال هذه السنة نتيجة ارتفاع حجم أقساط القروض المؤجلة.

غير أن وتيرة نمو قروض التجهيز والقروض العقارية ستتراجع مقارنة بالسنة الماضية، في حين أن القروض على الاستهلاك ستسجل انخفاضا غير مسبوق بحوالي %2,5 عوض زيادة متوسطة سنوية ب %11,7 خلال الفترة 2002-2019.

في ظل هذه الظروف وبناء على الارتفاع المرتقب للقروض الصافية لمؤسسات الإيداع على الإدارة المركزية، نتيجة لجوء الخزينة المكثف لسوق السندات لتغطية حاجياتها التمويلية المتزايدة، ستعرف الكتلة النقدية زيادة قوية بحوالي%7,7  سنة 2020 عوض %3,8 المسجلة سنة 2019 و %4,2 كمعدل سنوي للفترة 2012-2018.

آفاق الاقتصاد الوطني لسنة 2021

يتضح من خلال التوقعات الاقتصادية الوطنية لسنة 2021 أن الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب سيعرف انتعاشا نتيجة الأفاق التفاؤلية والملائمة المصاحبة لحملات التلقيح الشيء الذي سيحفز إعادة فتح الحدود وبالتالي عودة الثقة للأسر والمستثمرين.

كما تعتمد هذه التوقعات الاقتصادية على المقتضيات المعلنة في القانون المالية لسنة 2021 وعلى سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب يناهز حوالي 75 مليون قنطار خلال الموسم الفلاحي 2020-2021

بناء على كل هذه الفرضيات وعلى تعزيز الزراعات الأخرى وأنشطة تربية الماشية والصيد البحري، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الأولي زيادة تقدر ب 11 %سنة 2021 عوض انخفاض ب%7,1  سنة 2020.

وستعرف أنشطة القطاع الثانوي، مدعما بتحسن الطلب الخارجي والداخلي، انتعاشا في ديناميتها لتفرز ارتفاعا في قيمتها المضافة ب%4,1  سنة 2021 عوض تراجع  ملحوظ ب%6,3  سنة 2020،.

وستستفيد أنشطة الصناعات التحويلية من انتعاش الصناعات الغذائية وأنشطة قطاع النسيج والملابس، نتيجة التحسن المرتقب للطلب الأوروبي. ومن جهتها، ستسجل أنشطة الصناعات الميكانيكية والكهربائية زيادة متواضعة، متأثرة بالنتائج غير الجيدة لقطاعات صناعة السيارات وصناعة الطائرات على المستوى العالمي.

من جهته، سيواصل قطاع المعادن نتائجه الجيدة، مستفيدا من انتعاش الطلب العالمي الموجه نحو المغرب وتعزيز إنتاج الفوسفاط ومشتقاته، حيث سيسجل نموا بمعدل %3,2 سنة 2021. كما سيتحسن إنتاج المعادن الأخرى، نتيجة الزيادة المرتقبة للأسعار في الأسواق العالمية.

وبخصوص أنشطة البناء والأشغال العمومية، فإنها ستعرف نموا بوتيرة %5,1 سنة 2021، بعد تراجع ب %9,8 سنة 2020.

وتعزى هذه النتيجة إلى دينامية أنشطة أشغال البنية التحتية، مستفيدة من ارتفاع الاستثمارات العمومية.

وفيما يتعلق بقطاع البناء، فإنه سيستفيد من انتعاش الطلب ومن تحفيزات السياسة العمومية المتخذة خلال سنة 2020 والسياسة الجديدة التي تتمحور حول الرقمنة والتدبير الذكي والشامل للفضاءات الحضرية لإيجاد الحلول من أجل تخطي التحديات التي أثارتها أزمة كوفيد -19.

بالإضافة إلى ذلك، سيسجل القطاع الثالثي تحسنا في وتيرة نموه ب %3,4 سنة 2021 عوض انخفاض ب %6,8 سنة 2020.

ويعزى ذلك إلى الانتعاش البطيء والتدريجي لأنشطة الخدمات التسويقية، خاصة أنشطة النقل والتجارة، نتيجة تحسن الطلب الداخلي المدعم بالتأثيرات الإيجابية المرتقبة للقاحات ضد كوفيد-19.

غير أن القطاع السياحي سيواصل تأثره بتداعيات الأزمة الصحية. ومن أجل تسريع انتعاشه والنهوض بديناميته، سيستفيد هذا القطاع من مخطط الإقلاع المعتمد في إطار البرنامج التعاقدي 2020-2022. ويستهدف هذا المخطط الدعم المالي والتأطير لصالح المقاولات السياحية.

في ظل هذه الظروف الاقتصادية غير المستقرة والمرتبطة بالوباء وبناء على تطور الضرائب والرسوم الصافية من الإعانات ب%4,7  يتوقع أن يسجل الناتج الداخلي الإجمالي نموا بمعدل%4,6  سنة 2021 بعد الركود ب%-7  سنة 2020.

وبناء على زيادة الناتج الداخلي الإجمالي بالأسعار الجارية، ب %5,8، سيسجل معدل التضخم المقاس بالسعر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي ارتفاعا ب%1,1  عوض-0,1%  سنة 2020.

انتعاش نسبي للطلب الداخلي

ستتميز سنة 2021 بانتعاش ثقة الأسر تدريجيا نتيجة التحسن المتوقع للنشاط الاقتصادي والتحكم المرتقب في الوباء. وهكذا، سيسجل حجم استهلاك الأسر المقيمة زيادة ب %3,9 بعد النتائج غير الجيدة المسجلة سنة 2020، ليفرز مساهمة موجبة في النمو الاقتصادي ب2,2  نقط.

وسيعرف استهلاك الإدارات العمومية تحسنا، ليسجل زيادة ب%5,7  بعد ارتفاع ب%6,2  سنة 2020، حيث سيساهم في نمو الناتج الداخلي الإجمالي ب 1,3 نقطة.

وإجمالا، سيعرف الاستهلاك النهائي الوطني زيادة ب %4,4 عوض انخفاض ب%-5,4  سنة 2020، حيث سيسجل مساهمة موجبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي، ستصل إلى حوالي3,4  نقط عوض مساهمة سالبة ب-4,1  نقط سنة 2020.

ومن جهته، يبقى تحسن الاستثمار رهينا بوجود سياسة للإقلاع المالي وانتعاش الثقة ووضوح الرؤيا بالنسبة للآفاق المستقبلية. وفي هذا الإطار، تم إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار بغلاف مالي بلغ 45 مليار درهم، منها 15 مليار درهم تقتطع من ميزانية الدولة و30 مليار درهم سيتم تعبئتها من طرف المانحين الدوليين والمؤسسات المحلية. وسيخصص هذا الصندوق لدعم القطاعات ذات الأولوية كإعادة الهيكلة الصناعية والابتكار والمقاولات الصغيرة والمتوسطة والبنية التحتية والسياحة. وسيرتفع الحجم الإجمالي للاستثمار العمومي سنة 2021 بحوالي 26% لينتقل من 182 مليار درهم سنة 2020 إلى 230 مليار درهم سنة 2021.

في ظل هذه الظروف، سيعرف حجم التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت ارتفاعا ب%6,5، ليسجل مساهمة موجبة في النمو الاقتصادي ب1,7  نقطة.

ومن جهته، سيسجل التغير في المخزون مساهمة موجبة في النمو بO,2  نقطة عوض مساهمة سالبة ب -0,8  نقطة سنة 2020. بناء على هذه التطورات سيرتفع حجم الاستثمار الإجمالي ب 7,6% ليسجل مساهمة معتدلة في النمو ب 2 نقط عوض مساهمة سالبة قدرت ب-3,2  نقط سنة 2020.

وإجمالا، سيسجل الطلب الداخلي زيادة ب%5  بعد انخفاضه ب%6,7  سنة 2020، حيث ستبلغ مساهمته في النمو الاقتصادي حوالي 5,4 نقط عوض مساهمة سالبة قدرت ب7,3  نقط سنة 2020.

وبناء على تحسن آفاق النمو الاقتصادي العالمي، ستستعيد وتيرة نمو المبادلات التجارية حيويتها خلال سنة 2021. وسيؤدي تحسن الطلب الأجنبي إلى تحفيز مستوى المبادلات الخارجية للاقتصاد الوطني.

وهكذا، ستسجل الصادرات من السلع والخدمات زيادة ملحوظة ب%7,6  عوض الانخفاض المسجل سنة 2020. ومن جهتها، ستسجل الواردات من السلع والخدمات ارتفاعا ب %8 عوض تراجعها الكبير ب %12,2 سنة 2020.

وبالتالي سيفرز صافي الطلب الخارجي مساهمة سالبة في النمو الاقتصادي الوطني ب 0,7 نقطة، أي بتراجع بنقطة واحدة مقارنة بمساهمته خلال سنة 2020.

وبناء على انتعاش الأسواق الخارجية التي ستؤدي إلى ارتفاع طفيف للأسعار، ستسجل الصادرات من السلع والخدمات بالأسعار الجارية زيادة ب %8,3، في حين سترتفع الواردات من السلع والخدمات بحوالي%9,8 . وهكذا، سيتفاقم عجز الموارد ليصل إلى  %9,4من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %8,9 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2020. وباحتساب المداخيل الصافية الخارجية، سيفرز الحساب الجاري لميزان الآداءات تدهورا في عجزه ب 1,1 نقطة مقارنة بمستواه المسجل سنة 2020، ليصل إلى%3,3  من الناتج الداخلي الإجمالي.

تراجع طفيف لعجز الميزانية

ستعرف سنة 2021، انتعاشا تدريجيا للمداخيل الجبائية، نتيجة التحسن المرتقب للنشاط الاقتصادي ومختلف مكونات الطلب.

كما ستتميز بمواصلة تعبئة التمويلات الضرورية لتغطية النفقات الإضافية المرتبطة بالبرامج والمشاريع المعلنة في القانون المالي لسنة 2021 وبمجهودات استعادة التوازنات الماكرو اقتصادية.

وهكذا سيتعزز تحصيل الموارد الجبائية سنة 2021 بارتفاع مداخيل الضرائب غير المباشرة، خاصة الضريبة على القيمة المضافة الداخلية التي ستستفيد من انتعاش استهلاك الأسر، نتيجة تحسن مداخيل العالم القروي وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج.

ومن جهتها، ستتحسن مداخيل الضريبة على القيمة المضافة على الاستيراد ومداخيل حقوق الجمارك، نتيجة انتعاش الواردات المرتبطة بتحسن الطلب الداخلي.

غير أن مداخيل الضريبة على الشركات التي تحتسب على أساس نتائج سنة 2020، فإنها ستسجل انخفاضا خلال سنة 2021.

وبناء على الارتفاع المتوقع للمداخيل غير الجبائية سنة 2021، نتيجة الموارد المحصلة عبر الآليات الجديدة لتمويل الاستثمارات العمومية، ستتحسن المداخيل الجارية بحوالي %3 لتمثل %20,5 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021.

ومن جهتها، ستواصل النفقات الجارية منحاها التصاعدي، لتبلغ حوالي%21,5 ، خاصة نتيجة ارتفاع نفقات التسيير، سواء كتلة الأجور أو نفقات السلع والخدمات الأخرى. وبالمثل سترتفع نفقات المقاصة نتيجة الزيادة المرتقبة لأسعار غاز البوتان خلال سنة 2021.

وبناء على نفقات الاستثمار التي ستمثل %6 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2021، سيتحسن عجز الميزانية بنقطة واحدة ليستقر في حوالي%6,4  من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %7,4 المقدرة سنة 2020.

ستخصص الموارد المالية التي سيتم تعبئتها، عبر اللجوء إلى الاقتراض الداخلي والخارجي، لتغطية الحاجيات التمويلية لسنة 2021، لتسديد جزء من النفقات الجارية ولتمويل الاستثمارات وكذا لتغطية نفقات الدين العمومي.

في ظل هذه الظروف، سيرتفع معدل الدين الإجمالي للخزينة بحوالي 0,6 نقطة ليصل إلى%78,3  من الناتج الداخلي الإجمالي عوض%77,7  سنة 2020 و%64,9 سنة 2019. وبناء على حصة الدين الخارجي المضمون، سيصل الدين العمومي الإجمالي إلى حوالي%95,6  من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 94,6% سنة 2020.

العملة الصعبة وتفاقم حاجيات السيولة البنكية

سيستفيد السوق النقدي سنة 2021 من تراجع العجز الجاري لسنة 2020، رغم استمرار انخفاض مداخيل الأسفار من العملة الصعبة.

وهكذا، بناء على لجوء الخزينة المرتقب للسوق الدولية خلال سنة 2021 والتدفقات من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، سيسجل صافي الاحتياطي من العملة الصعبة تحسنا طفيفا، ليتمكن من تغطية 6,5 أشهر من الواردات من السلع والخدمات خلال سنة 2021.

غير أن السوق النقدي سيواصل، بناء على الدينامية المرتقبة لاستهلاك الأسر وللاستثمار، تأثره باستمرار الضغوطات على حاجيات السيولة البنكية  سنة 2021، التي ستتفاقم لتصل إلى حوالي85,2  مليار درهم عوض65,3  مليار درهم سنة 2020.

ومن جهتها، ستسجل القروض البنكية سنة 2021 زيادة بحوالي %4، نتيجة الانتعاش المرتقب للأنشطة الاقتصادية وتأثير برامج دعم الأسر وتدابير النهوض بأنشطة المقاولات.

بالإضافة إلى ذلك، ستواصل القروض الصافية على الإدارة المركزية منحاها التصاعدي، رغم تراجع وتيرة نموها مقارنة بسنة 2020، نتيجة استمرار لجوء الخزينة إلى الاقتراض عبر السوق الداخلي. في هذا السياق، وبناء على آفاق النمو الاقتصادي الوطني وتطور المستوى العام للأسعار سنة 2021، ستعرف الكتلة النقدية، تباطؤا في وتيرة نموها لتسجل تحسنا بحوالي%3,4  عوض%7,7  سنة 2020 و %3,8 سنة 2019.

خاتمة

تأثر الاقتصاد الوطني خلال سنة 2020 بالعواقب الوخيمة، الناتجة عن التداعيات السلبية الداخلية والخارجية للأزمة الصحية.

وساهمت تعبئة التمويلات اللازمة لدعم الطبقات الاجتماعية الهشة والنسيج المقاولاتي في التخفيف جزئيا من الآثار السوسيو اقتصادية للوباء.

غير أن التوازنات المالية ستعاني من عدة صعوبات رئيسية، وستتفاقم وضعيتها نتيجة المجهودات الإضافية الذي يتعين على الدولة أن تبذلها للنهوض بالنشاط الاقتصادي. وهكذا يتعين تقوية مداخيل الدولة من أجل استعادة توازن الميزانية وضمان استدامته. ويثير هذا الهدف تساؤلات حول مدى جودة النظام الجبائي المعمول به ودرجة فعاليته، خاصة خلال فترات الأزمات. لذلك يتعين الإسراع بتنفيذ الإصلاح الجبائي، بناء على توصيات المناظرة الوطنية حول الجبايات لشهر ماي 2019.

من جهة أخرى، ستؤدي الضغوطات القوية التي تتعرض لها المالية العمومية إلى زيادة مستوى الدين العمومي، نتيجة تعبئة التمويلات الخارجية والداخلية.

غير أن المغرب لا يزال يتوفر على هوامش يمكنه استخدامها، خاصة الحصة الضعيفة نسبيا للمديونية الخارجية والمنحى التنازلي الذي تعرفه التكاليف المتعلقة بها خلال عدة سنوات.

ومن أجل النهوض بإمكانيات النمو الاقتصادي الوطني، فإن الدولة ملزمة اليوم بالإنخراط في القطاعات ذات القدرات المهمة، بإدراج المقاولات الكبرى ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة مقابل تعزيز مواردها الخاصة والمساهمة فيها.

كما أن الاعتقاد بإيجاد حلول لإشكالية القطاع غير المنظم، يبقى غير واقعي، بالنظر إلى مساهمة أنشطته بشكل كبير في خلق القيمة المضافة ومناصب الشغل.

ويعزى ذلك لأهمية هذا القطاع، خاصة خلال فترات الصعوبات الاجتماعية التي يواجهها المواطنون، عبر الخدمات التي توفرها أنشطته، خاصة تلك المتعلقة بخدمات القرب.

ومن أجل تحقيق ذلك، يتعين نهج سياسة معاكسة للتقلبات الدورية، تعتمد على التنسيق بين السياسة المالية والنقدية، وذلك لتحفيز النشاط الاقتصادي وتخفيف آثار الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي خلفها وباء كوفيد.

وقد أتيحت لنا، خلال السنوات العشرة الماضية، إمكانية معالجة التحاليل التي قمنا بها حول التغيرات التي عرفتها الليبرالية المعولمة وأوجه عدم الاستقرار الذي يحد من فعالية السياسات العمومية لمواجهتها.

وستتاح لنا الفرصة لتطوير ذلك أكثر عندما يتمكن المغرب من التحكم في موجة الوباء بعد اللقاحات المنتظرة، وبالتالي تمهيد الطريق نحو تعبئة صحية لجميع موارده البشرية وتطوير جميع إمكانيات النمو والشغل، مصحوبا بالإصلاحات المرتقبة لنظام التربية والتعليم والتكوين والبنيات الإدارية وتنويع الأنشطة الإنتاجية.

آخر الأخبار