كيف تسبب بنكيران في إفلاس الملياردير حسن الدرهم ؟

الكاتب : الجريدة24

17 أكتوبر 2019 - 10:20
الخط :

قررت المحكمة الزجرية بعين السبع بالدار البيضاء تأجيل ملف القضية التي رفعها الملياردير الصحراوي حسن الدرهم ضد احد شركائه  ليوم الأربعاء 23 أكتوبر الجاري لاستكمال المناقشة.

القضية تهم مجموعة اقتصادية من أكبر المجموعات وطنيا، بحكم رقم معاملاتها الذي يبلغ مئات الملايير، وعدد اليد المشغلة التي تصل لأكثر من 7 آلاف مستخدم يشتغلون في وحدات فلاحية ممتدة من الداخلة إلى أكادير..

وتمت برمجة الملف رقم 6458/2019 ضمن آخر الجلسة الصباحية ليوم امس الأربعاء 16 أكتوبر 2019، نوع الملف جنحي تأديبي، والتهمة هي خيانة الأمانة، والمتهم، السعيد الشوفاني، محاسب تم توكيله لتسوية نزاع في الشركة الفلاحية التي تجمع على سبيل المناصفة كلا من حسن الدرهم وشخص فرنسي من اصل جزائري.

بتاريخ 10 شتنبر تم تقديم المتهم للمحكمة في حالة سراح مؤقت، وجلسة امس الاربعاء هي رابع جلسة للمحاكمة، بعد ان تم تسجيل الدعوى القضائية في 24 يونيو 2019..

"السعيد الشوفاني أنت متهم بخيانة الأمانة"، يقول القاضي، مخاطبا إياه بحضرة محاميه الأندلسي، بعدها أعطيت الكلمة لعبد الكبير طبيح، عن هيئة دفاع رجل الاعمال الصحراوي والنائب البرلماني السابق، حسن الدرهم، إذ اوضح طبيح أن الملف له ارتباط بمجموعة اقتصادية تعد رائدة في مجال الفلاحة وتصدير منتجاتها للخارج، "وارقام معاملاتها تجعلني احرص على إعادة قراءتها لكثرة الأصفار على اليمين، أحيانا بالدرهم واحيانا اخرى بالأورو" يقول طبيح، مضيفا، "في الوقت الذي يقدم فيه موكلي في الإعلام على انه ملياردير، صدقوني إن قلت لكم أنه قدم عندي في المكتب منذ اسابيع وهو يقسم بأغلظ الأيمان، أنه لايملك 500 درهم في حساباته البنكية، وبأنه مهدد بالإفلاس نتيجة تراكم ديونه، مما يجعله معرضا للحبس في أي لحظة"..

فكيف تحولت قصة غنى إلى قصة إفلاس؟

يكشف طبيح، ان موكله حسن الدرهم انشأ منذ سنوات شركة يمتلك فيها النصف، ويترأس المجلس الإداري فيها، مقابل النصف الآخر في ملكية شخص فرنسي من أصول جزائرية، هو المدير العام للشركة، كانت الأمور تجري تجاريا بشكل عادي، مفتتحة في كل موسم أسواقا جديدة داخل المغرب وخارجه، إلى ان وقع نزاع بين الشريكين، بعد ان تبين لحسن الدرهم ان شريكه يحاول الاستئثار بشؤون الشركة ماليا، لم تنفع كل الوساطات بين الشريكين، وتراكمت الديون على الشركة، سواء الديون البنكية او المتعلقة بمكتب الصرف لانشطة الشركة التصديرية.

ولما بلغ الأمر للحكومة، في عهد بنكيران، تطوع وزيران من اجل حل المشكل وتدخلا لتعيين شخص يشتغل محاسبا، وسبق له ان كان مديرا ماليا لشركة "اطلس الصحراء"، التي كان يملك فيها حسن الدرهم بعض الأسهم، وقع اتفاق بروتوكولي بين الشريكين والسعيد الشوفاني الذي كلف بثلاث امور، هي: تسيير وتدبير شؤون الشركة في فترة لا تتعدى 3 اشهر، وأداء مستحقات الخزينة العامة والمستخدمين والممونين، وكذا إيجاد صيغة لتقسيم الشركة بين الطرفين بشكل عادل، وقد تم توقيع هذا البروتوكول تحت رعاية بعض اعضاء الحكومة وممثلي السفارة الفرنسية، وتم تحديد العنوان الكبير لهذا الاتفاق من خلال عدم الإضرار بأي طرف في الشركة.

مرت 3 اشهر ومرت سنة ومرت 4 سنوات، وعوض التزام الموكل بتنفيذ ما جاء في الاتفاق، اكد طبيح انه حل محل موكله حسن الدرهم، وقام بإنجاز محاضر مزورة لمجالس الإدارة، بل سجل اسمه ضمن السجل التجاري للشركة محل حسن الدرهم، ووضع هذا السجل وكل وثائق الشركة في جميع البنوك التي تتعامل معها الشركة، وكذا لدى المؤسسات العمومية، واصبح هو المخاطب الرسمي للشركة، بل منع حسن الدرهم من ولوج الشركة، وفكك مجلس الإدارة، وانشأ لجنة إدارية مكلفة بتدبير الوحدات التابعة للشركة وخول لنفسه سلطة الإدارة العامة، وبهذا أخرج حسن الدرهم ماديا وقانونيا، وعند سؤاله في كل هذه الأربع سنوات عن مآل الاتفاق، كان يتهرب ويقوي سلطته، مستغلا ثقة حسن الدرهم في بعض اعضاء الحكومة السابقة الذين رعوا الاتفاق، وعوض تقديم حل لقسمة عادلة، كانت النتيجة تضخم الديون، إذ بلغت 522 مليون درهم، حرم المستخدمين من حقهم في التغطية الاجتماعية التي بلغت 320 مليون درهم، إلى جانب ديون المستحقة للابناك والممونين والتامين والنقل..

وعوض ان يكون هناك عدل في استحقاق الديون البنكية على الطرفين، تحمل حسن الدرهم نسبة كبيرة منها، لانه كان يضع ضمانات عقارية لأخذ الديون لصالح الشركة، في حين تبين ان الشريك الفرنسي الذي انتقل إلى رحمة الله منذ أشهر، استثمر في المغرب بصفر درهم، بفضل الديون التي كان حسن الدرهم يتحملها لوحده.

والخطير ان شركة فرعية من المجموعة العامة، هي التي كانت مختصة في تصدير المنتجات الفلاحية نحو بلدان الاتحاد الأوربي، احصى مكتب الصرف، ان عليها اداء 11 مليون اورو لصالح الدولة، نظير عملياتها التصديرية، والحال ان الشركة لم تكن تؤدي للمكتب درهما واحدا!

ورغم إنكار المتهم خلال الاستماع إليه امام المحكمة، مسؤوليته عن هذا التهرب من اداء مستحقات التصدير، فإن دفاع حسن الدرهم أدلى للمحكمة بوثائق تثبت تورطه في هذا المجال، وهو ما جعل المحامي طبيح يلتمس إدانته وفق تهمة خيانة الأمانة والحكم لموكله بتعويض عن الأضرار التي لحقت به، مبرزا أن المتهم له حسابات بنكية في سويسرا وامريكا وابريطانيا وإسبانيا.

من جهته أدلى الأستاذ يوسف ابو الحقوق المحامي بهيئة اكادير خلال مرافعته مدافعا عن حسن الدرهم بوثائق تثبت أن المتهم السعيد الشوفاني بمشاركة محاسب الشريك الفرنسي قاما في شهر مارس 2018 بتحويل مبلغ 20 مليون أورو بما يعادل 21 مليار سنتيم في حسابات الشريك الفرنسي في حين تم تحويل 3 ملايين و900 ألف أورو بما يعادل مبلغ 39 مليون الدرهم في حسابات موكله حسن الدرهم والذي لم يستفد منها بعد أداء الديون المترتبة بذمة شركاته حسب المتفق عليه في برتكول الاتفاق المحرر والموقع سنة 2014 بمكتب وزير الداخلية السابق حصاد، حيث قام المسير المتهم بتخصيص هذا المبلغ لأداء ديون الشريك الفرنسي واكد المحامي ابو الحقوق أن ما قام به المتهم الشوفاني يمس بالنظام الاقتصادي للمملكة ويمس بحق موكله الذي كان من المفروض أن يستفيد مناصفة من تلك المبالغ العالقة بالشركة الفرنسية "ايديل" بفرنسا حسب تقرير مكتب الصرف، كما أن دفاع المطالب بالحق المدني أدلى بوثائق تثبت أن المتهم لم يكون أمينا في تحديد و تقسيم الديون البنكية حسب المتفق عليه في برتكول الاتفاق حيث حمل الشريك المغربي أزيد من 13 مليار سنتيم لفائدة الشريك الفرنسي الذي كان مدينا بها للمجموعة البنكية المغربية المكونة من ستة بنوك، موضحا أن المتهم لم يكون أمينا وعادلا في المهام المسندة إليه كوكيل خاص للشريكين بناء على برتكول الاتفاق المبرم بين الأطراف والذي كان هاجسه الحفاظ على هذه المجموعة ومناصب الشغل المحددة في 7 آلاف منصب شغل قار.

آخر الأخبار