"الجنرال توفيق" وارث سر الدولة العميقة بالجزائر الذي يرفض تسليمه

الكاتب : وكالات

02 أبريل 2019 - 06:30
الخط :

عسكري جزائري، تربع على عرش المخابرات لعقدين ونصف، بعيد عن الإعلام لا يعرف الجزائريون عنه الكثير، إذ ليست له أي صورة رسمية ما عدا صورتين تم تسريبهما في مواقع التواصل الاجتماعي.

يعرف بومدين بـ"الجنرال توفيق" ويوصف بألقاب عديدة، منها الرجل الغامض والرجل القوي وصانع الرؤساء.عايش ستة رؤساء و12 رئيس حكومة، إلى أنهى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مساره وأحاله على التقاعد في 13 سبتمبر 2015.

وُلد الجنرال محمد مدين عام 1939 بمنطقة قنزات الواقعة بين ولايتي سطيف وبجاية (300 كيلومتر جنوب شرق الجزائر)، انتقل بعدها مع عائلته وهو طفل إلى الجزائر العاصمة حيث ترعرع في حي القصبة العتيق.

لم يكمل محمد مدين دراسته كأغلبية أبناء الشعب الجزائري إبان الاستعمار الفرنسي. وذكر الكاتب الصحفي محمد سيفاوي (المقيم في فرنسا) أن الجنرال توفيق تلقى أول تدريب عسكري أثناء حرب التحرير في تونس على يد مسؤوله المستقبلي وزير الدفاع السابق خالد نزار.

كما استفاد وهو برتبة ملازم من دورة متخصصة لدى المخابرات السوفياتية (كي جي بي) في موسكو بعد الاستقلال.

المهام والمسؤوليات

بعد اندلاع الثورة التحريرية عام 1954 اشتغل محمد مدين ميكانيكياً في إحدى البواخر التجارية، ثم جندته الثورة -وهو في تونس- عام 1958 وأُلحق خلال الثورة بمصلحة التنصت في وزارة التسليح والعلاقات العامة التي صارت نواة المخابرات الجزائرية بعد الاستقلال، ولقب حينها بـ"توفيق". كما عمل في جهاز الأمن العسكري بعدما تلقى دورة في روسيا.

شغل بعد الاستقلال منصب ضابط مخابرات في الناحية العسكرية الثانية بوهران (غرب) تحت قيادة من سيصبح حاكم الجزائر لاحقا العقيد الشاذلي بن جديد (تولى الرئاسة خلال 1980-1992)، واللواء الراحل العربي بلخير الذي أصبح مدير ديوان الرئيس الراحل الشاذلي.

وبعد عمله أقل من سنة كملحق عسكري في سفارة الجزائر بطرابلس عاد إلى الجزائر للعمل مع اللواء بلخير في عدة مناصب، أبرزها مدير مركزي لأمن الجيش عام 1988 غداة الانتفاضة الشعبية في أكتوبر/تشرين الأول التي أفرزت دستورا جديدا أقر التعددية السياسية.

وفي عام 1990 عين وهو برتبة عقيد على رأس دائرة الاستعلام والأمن (التسمية الرسمية للمخابرات الجزائرية) خلفا للجنرال محمد بتشين المستقيل من منصبه.

التجربة السياسية

واجه محمد مدين -وهو بدرجة فريق- أزمة أمنية كبيرة عقب إلغاء الانتخابات البرلمانية عام 1992 بعدما فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية المقاعد، حيث عاشت الجزائر وضعا أقرب ما يكون إلى حرب أهلية راح ضحيتها أكثر من مئتي ألف جزائري.

وفي هذه الفترة تحول جهاز المخابرات إلى أداء مهام مكافحة "الإرهاب" بعد سنوات من العمل كشرطة سياسية تلاحق المعارضين. لكنه (الجهاز) وبعد تجاوز هذه المرحلة الدموية، دخل على خط التحقيقات في قضايا الفساد التي شهدتها شركة النفط العمومية، ولاحقت وزير النفط شكيب خليل الذي يعتبر أحد المقربين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

تمكن الجنرال توفيق من السيطرة على كل أجهزة المخابرات التي اخترقت كل المؤسسات المدنية والعسكرية، وكذلك مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية، وكل ذلك بمبرر حماية البلاد من الإرهاب والفساد. وأصبح له اليد الطولى في كل شيء، فبإشارة منه يولي هذا المسؤول ويعزل ذلك، حتى رفعه البعض إلى مقام الأسطورة، ووصفه آخرون بصانع الرؤساء.

بدأ دور الجنرال مدين يتراجع وتأثيره يتقلص باسترجاع الرئيس بوتفليقة لوزارة الدفاع وقيادة الأركان خاصة بعد عام 2010، وتراجع أكثر بعد حادثة الهجوم على منشأة تيقنتورين للغاز في عين أميناس جنوبي البلاد بداية عام 2013.

مشاهير