ابن كيران والراهبات وأساتذة التعاقد

الكاتب : الجريدة24

25 مارس 2019 - 12:30
الخط :

عبد المنعم الكزان/ باحث في علم الاجتماع

هكذا هم أعضاء  حزب البيجيدي  يأكلون "غلة الوطن "  ويسبون الملة ، ويخرجون علينا بأطلال البكائيات وأسطوانات المظلومية المشروخة، ففي حين يوزع رئيس الحكومة التعيينات على المقربين من الحكومة وعلى أقرباء الأغلبية، خرج علينا أمينه العام السابق في تبادل للأدوار مع العثماني ومع أعضاء حزبه المسيرين للحكومة،  بخطابات "الجهمية" المعطلة لاختيارات الإنسان التي تنهل من قاموس الجهم بن أبي صفوان، بأن لقاءه  مع أستاذ تارودانت جاء صدفة وقضاء وقدرا، لممارسة استسقاء السياسي بالمرضي كما كان يمارس  هذا الاستسقاء السياسي قبل أن يصبح برلمانيا ثم  رئيس حكومة بالجنائز.

خرج علينا رئيس الحكومة السابق من منطقة نائية بتارودانت للتذكير بأهوال القبور وعذاب يوم القيامة، وهو من استفاد من ريع "تقاعد سحت اليتامى الأرامل"، مستغلا وضعية أستاذ داهمه مرض عضوي، هذا الأستاذ الذي كان يدرس في منطقة نائية أيام كان بنكيران لا يتجاوز  حي الليمون والبرلمان هو وابنة عمه نبيلة، في مرحلة كان آلاف الأساتذة يقدمون واجبهم المهني، في فيافي الصحاري وجبال الأطلس التي لا تستطيع حتى البغال والحمير الوصول إليها، وكانت صدور آلاف المغاربة موجهة لفوهات البوليزاريو مدعومة بالحركات الشيوعية والمد القومي اليساري، وولد خلالها آلاف المغاربة في منتصف الطريق لصعوبة لقاء الأزواج بزوجاتهم، نتيجة بعد مكان العمل والإقامة أحيانا بآلاف الكيلومترات، بينما كان بنكيران يدرس أبنائه في المدارس الخاصة، ويدير أخرى في نواحي العاصمة، و"عاطيها  للضحك والنشاط وتقرقيب الكيسان" ويتمتع بنسيم البحر ويراكم إنجازاته الاقتصادية والدينية والسياسية.

لقد خرج ابن كيران بخطاب الوعظ و الإرشاد أقل ما يقال عنه أنه خطاب بئيس لينشره  عبر الفيديو، بؤس صاحبه الذي يعتقد أنه سيغير مجرى التاريخ، وذلك بساعات قليلة قبل بداية اعتصام مسيرة أول أمس السبت والاعتصام الليلي الذي دعت له التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، والذي جوبه  بالتدخل الأمني  بواسطة خراطيم المياه والهراوات، بعد ليلة بيضاء ومسيرة حضارية لآلاف الأساتذة دفاعا عن المدرسة العمومية وإلغاء التعاقد.

قبل أن يعطى المثال رئيس الحكومة السابق ''بالراهبات الشّابات الجميلات في إيطاليا اللواتي يُسافرن إلى "فيافي" إفريقيا ليقمْن بأعمالهنَّ، على الرغم من الظروف الصعبة، حيثُ إنَّ منهنَّ من تفضّل البقاء حتى يأتيها الأجل، وبينَ الأساتذة و الذين يرفضون الاشتغالَ في مناطق نائية في المغرب بمبرّر "الابتعاد عن الأسرة أو البيت"، '''وهنا بالمناسبة نغتنم هذه الفرصة للترحيب بزيارة بابا الفاتكان فرانسيس للمغرب ونتمنى أن تكون فرصة لتكريس المغرب باعتباره بلد التسامح والتعايش الديني'' .

لقد كان  حريا بابن كيران أن يرسل ابنه رضوان إلى العسكر والحدود بدل إتمام دراسته بفرنسا، ويرسل فلذة كبده إلى جبال أزلال كمدرسة بالتعاقد حتى تكون قدوة، بدل أن يتم تكييف المناصب المالية للأمانة العامة للحكومة وفق حاجيات ابنته الكريمة، حتى تتمكن من الاستفادة من وظيفة متصرفة بجانب مكتب والدها، في حين آلاف العاطلين من الذين قضى آباؤهم، واستشهدوا دفاعا عن الوطن المهني في القفار، لازال أبنائهم يرزحون تحت طائلة شبح البطالة،  أو أن يقوم  سي ابن كيران ببناء مدرسة بجبال الأطلس كما قامت بذلك المغربيات الحرائر بسطات بدل التخويف بعذاب القبر.

فيا لها من غرابة  في حكومة أوجدت معاشات استثنائية للخبراء وريعا للوزراء وأبنائهم، لكنها لم تجد  للمعلم أجرته الثابتة التي تضمن له الاستقرار والعيش الكريم، حتى يتمكن من أداء واجبه المهني بهمة عالية !!!! في حين هناك صفقات بالملايير تنهب وتوزع بشكل سمين على اليمين وعلى الوسط وعلى اليسار، بينما توزع الهروات وخراطيم المياه على أساتذة فرض عليه التعاقد فرضا، أما خطابات الجهم بن أبي صفوان، وعذاب القبر وأهوال القبور فلم تعد تنطلي حتى على الأغبياء. فكَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ.

رأي