الوشاح الأحمر يسقط الثور الإسباني

الكاتب : الجريدة24

22 يونيو 2021 - 11:20
الخط :

يوسف غريب

" أنا أصر مرة أخرى، على أن أي حل يقترحه المغرب على طاولة المفاوضات نحن على استعداد للنظر فيه"

هي الأنا نفسها التي قالت وباستعلاء كبير.. ( ليس لدينا ما نضيف) ردّاً على طلب توضيحات بيان وزارة الخارجية المغربية ذات الصلة باستقبال بن بطوش..

بالرّغم من الفرق الجوهري بين الموقفين كما يمكن أن يفهم من ذلك.. فالأمر غير ذلك بالنسبة لشعب دأب على مشاهدة مصارعة الثيران وبمفارقة محيّرة وساطعة  إذ  يمثّل الثور رمزاً وطنياً جامعاً، فيكاد يكون حيواناً مقدّساً وعنوان هوية، وفي الوقت نفسه يُترَك لموت بطيء وقاس في سبيل فرجة تدوم بعض الدقائق؟

هم الإسبان الذين تحوّلوا إلى ثيران منذ بداية الأزمة مع بلدنا.. ولم يتركوا أيّة وسيلة أوجهة إقليمية أو دولية كي يسقطوا الوشاح الأحمر بعرض هذا الوطن من طنجة إلى الكويرة..

وسقط الثور الهائج بهذه الجملة البليغة في  الموقف الجديد لإسبانيا الذي يعتبر أن التعامل المستقبلي مع المغرب سيتم على قاعدة شفافة وواضحة  مع أقصى درجات الاحترام لهذا البلد العريق..

تغيّرت اللهجة بشكل جدريّ وعميق.. بعدما أن قاموا بتحيين معلوماتهم كما جاء في بيان الخارجية المغربية واكتشفوا أن مغرب اليوم ليس مغرب الأمس..

هو الموقف الإسباني الجديد الذي كشف فشل مدريد في تحقيق استراتيجيتها في الدينامية الهادفة إلى حصار المغرب في أفق إضعافه، وأيضا انتصار الدبلوماسية المغربية

الذكية والمتنوعة التي أرغمت إسبانيا على الرجوع إلى  البحث عن مساحة ثقة وطلب العودة إلى مربع مربع التفاوض وفق الشروط الجديدة بحثاً عن إرضاء الرباط عبر مناقشة أيّ حلّ يقترحه كما جاء في التصريح..

وهو الإقتراح المطروح منذ سنوات وتدوال فيه مجلس الأمن باعتباره حل واقعيّ لقضية الصحراء المغربية..

تلك المبادرة التي جاءت للفصل بين الصحراء كجغرافية وتاريخ وهوية مغربية وبين الصحراويين المغاربة الذين جاءت المبادرة لتوسيع هامش المشاركة في تدبير الشأن المحلي انسجاما مع خصوصيتهم الثقافية واللسنية كلبنة أولى ضمن مشروع وطني كبير بعنوان الجهوية الموسّعة..

هو الإقتراح المغربي الذي لم يصل إلى إسبانيا الا بعد الأزمة.. كي تبدي الآن  استعدادها لمناقشته…

ليس لسواد عيوننا بل للفاتورة الباهضة التي خلّفتها هذه الأزمة وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والاخلاقية جعلها تنعت بالدولة الفاشلة داخل الاتحاد الأوروبي والعالم..

ليس لسواد عيوننا بل لأننا فرضنا عليها احترام بلدنا.. وصور جزيرة ليلى العنتري ولّت.. و الابتزاز بلمف  الصحراء أغلق بشكل نهائي بعد إماطة الطريق بمعبر الكركرات..

ليس لسواد عيوننا تغيّر هذا الموقف وابدت إسبانيا استعدادها لمناقشة اي اقتراح من المغرب..

بل لأننا قوّة نافذة ومؤثرة في محيطها الإقليمي والدولي.. ومحترمة بين الدول الكبرى كما بين الفرقاء في أكثر من بؤرة توثر في العالم.. فبعد بصمة المغرب في ليبيا.. نعود إلى فلسطين بوضع اعتباري  جد محترم بين الفصائل الفلسطينية من جهة والصراع مع إسرائيل من جهة ثانية..

هذا هو المغرب يا إسبانيا..وأنت دون غيرك من يعرف حقيقة المنطقة وتاريخها وجالسة على أرشيف دامغ وحاسم عن مغربية الصحراء.. وبيننا اتفاقية مدريد مسجلة بالأمم المتحدة.. بعد أن أفشل المغرب نواياك الاستعمارية بتنظيم استفتاء بالصحراء آوائل سبعينيات القرن الماضي..

فالعودة إلى المفاوضات هو في الحقيقة يهمّ بالدرجة الأولى قضية سبتة ومليلية التي إعتبرها الاتحاد الأوروبي وبدون خجل حدوداً أوربية..

هذا موضوع اهتماماتنا اليوم.. أنا مسألة الصحراء فقد جئت متأخرة.. وليس عن قناعة حقيقية وانصافية للتاريخ. بل عن ضغط وضعف وفشل..

جئت متأخرة..

بعد أن حيّنت معلوماتك واكتشفت مغرباً آخر… عبّرت عنه بجملة مفصلية..قائلة بأن أمريكا نظرت إلى مكان آخر..

طبعا وهي تتابع الوشاح الأحمر يروّض الثور الهائج الإسباني حتّى سقط

فقط بثلاث بيانات للخارجية المغربية.. و بتصريح واحد لسفيرتنا..

وأروعها.. تعطيل جغرافية إسبانيا بالكامل..

فمرحبا بمغاربة العالم..  … وبكل العالم

رأي