علي بن صالح الغربي
قبل أيام خلون زار المملكة الشريفة المغربية وزير الحج والعمرة في بلاد الحرمين الشريفين توفيق بن فوزان الربيعة ، زيارة محبة وإخاء ضمنها زيارة عمل كعادة البلدين منذ سنين مضت .
و زيارة وزير الحج والعمرة السعودي توفيق بن فوزان الربيعة للملكة المغربية الشريفة جاءت بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بارك الله في عمره ، وأعان عزوجل ووفق للخير سمو الامير ولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود .
وهي وإن كانت زيارة عمل في شأن توقيع اتفاقيات وتحسين مستويات اخرى في مناسك الحج والعمرة بين البلدين الأخوين ، لا تبعد عن إطار الثقة المتبادلة بين البلدين الشقيقين منذ مئات السنين التي لم تبلغها اي دولة أخرى مع المملكة الشريفة المغربية رغم بعد المسافات بين البلدين ، حيث تستظل علاقات المملكتين الشقيقتين تحت مظلتين :
مظلة إمارة المؤمنين بالمغرب ، التي ظل الله فيها الأشراف العلويين ، واليوم تحت إمارة سلطان الوقت أمير المؤمنين الشريف محمد بن الحسن ادام الله عزه وسؤدده في المغرب .
و مظلة بلاد الحرمين تحت ظل آل سعود أبناء الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود قدس الله سره . و هي في وقتنا في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بن عبد الرحمن حفظه الله وبارك في عمره.
وهذا هو مربط الفرس والكبريت الأحمر الذي لم يشم رائحته المرجفون على المملكتين حسدا من عند انفسهم ، لأن الحقد جعل غشاوة على بصيرتهم وأبصارهم .
زيادة على جهلهم بالعلاقات الوطيدة والمتداخلة بين إمارة المؤمنين في الملكة الشريفة المغربية وخدمة الحرمين في المملكة العربية السعودية .
وهما : شرف نسب عالي ،
وشرف خدمة مباركة .
- شرف نسب عالي لآل بيت النبي الأطهار الذين ينتسب إليهم سلاطين المغرب العلويين وهم فرع من أصل ، أبناء الشريف محد النفس الزكية ..إلى الحسن السبط إلى أمير المؤمنين علي بن ابي طالب وفاطمة الزهراء ريحانة نبينا صلى الله عليه وسلم .
- وخدمة شريفة مباركة للحرمين الشريفين مكة والمدينة ، التي وفق الله إليها ولاة الأمور في المملكة العربية السعودية من سقاية الحجيج ، وأمنهم ، وتوفير الأمان والراحة لهم ورعايتهم .وعمارة البيت الحرام . وهذا شرف تزكية . وللسلاطين العلويين شرف نسب .
هذا هو سبب رابط الأخوة وحبلها المتين بين البلدين إمارة المؤمنين بالمغرب ، وخدمة الحجاج بالمشرق ، روابط امتدادها من سنين عديدة وأعوام مديدة ، كلما تقدمت الأعوم زادت الأخوة والروابط بين المملكتين توطيدا ووئاما ومحبة واحتراما .
فكيف لا تتوثق الأخوة بين بلدين جمعتهما روابط شرعية ؟!! .
رابط الشرف ورابط خدمة الحجيج . وهذا ما لم يحصل في بلدان أخرى ولم تدركه باقي الدول .
فمملكة إمارة المؤمنين يجري عليها حديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : " " الخلافة في قريش ..." أي في آل بيته صلى الله عليه وسلم ، ومع أن بعض العلماء ردوا شرط النسب القرشي في الخلافة ، فإن قولهم مرجوح مردود ، مقارنة مع ما أورده العلماء الذين جعلوا النسب القرشي شرطا فيها ، لظاهر النص منطوقا ومفهوما من الدليل الشرعي ، أي الحديث النبوي الشريف .
اما خدمة الحجيج فأول شرطها هو الأمان لهم وسلامتهم وفيهما يقول تعالى : " ومن دخله كان آمنا " . ( آل عمران 97) . وهو الذي تسعى إليه بلاد الحرمين بكل ما أوتيت لتوفره لحجاج بيت الله الحرام وللمعتمرين .
فهاتان نعمتان ربانيتان جاد الله عزوجل بهما على المملكتين فزادتهما محبة وإخاء بينهما .
فليفهم هذا العديد من الحاقدين و الناقمبن على أخوة المملكتين الشقيقتين . وهذا التبيان المختصر في سطور هو مني بتوفيق من الله تعالى ، لا أعلم على حد علمي من أصل فيهما بهذا التفصيل الشرعي الذي قضت به قدرة الله تعالى على المملكتين ، مملكة الأشراف العلويين ومملكة خدمة الحرمين الشريفين . وهو باختصار شديد غير ممل .
أما تفاصيل زيارة وزير الحج والعمرة في بلاد الحرمين الشريفين للملكة الشريفة المغربية فيما يخص زيادة توثيق العلاقات في شأن مناسك الحج ، ورفع مستوى الزيارة لبلاد الحرمين للمعتمرين المغاربة ، ومدة صلاحية تاشيرات الزيارة للمعتمرين من رعايا أمير المؤمنين وفقه الله للخير وأعانه عليه ، فمن أراد الوقوف على هذا اللقاء بين المسؤولين على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إمارة المؤمنين ووزير الحج والعمرة في بلاد الحرمين الشريفين فليعد إليه من شاء التفصيل على موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية ، و بما خرج به الاجتماع من توصيات جديدة تزيد توثيقا للعلاقات الأخوية بين البلدين . حفظهما الله وبلاد المسلمين من كل مكروه .
وإني اريد هنا ان القي الضوء باختصار شديد وبتواضع باحث في شأن إمارة المؤمنين بالمغرب وكذلك بحكم تتبعي للنشاطات والاعمال الجليلة والجبارة التي تقوم بها خدمة إمارة المؤمنين واقصد وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المملكة الشريفة المغربية منذ قرون مضت ومنها منذ تولي أمير المؤمنين سلطان الوقت على عرش اسلافه الأشراف قبل أربعة وعشرين عاما . وتوجيهاته السامية للشأن الديني التي وجدت رجالا مخلصين أكفاء للقيام بواجبهم الشرعي في هذا الباب ، وفي مقدمتهم الأستاذ السميدع الأريب أحمد التوفيق اعانه الله وسدد سعيه ، فهو واحد من خدام إمارة الأشراف العلويين في بلاد المغرب .
فالذي يجب أن يعلمه الكثير إن لم نقل جل من يريدون الزيادة في المعرفة للعلاقات الوطيدة بين إمارة المؤمنين بالمملكة الشريفة المغربية وبلاد الحرمين المملكة العربية السعودية أن ولاة الأمور في بلاد الحرمين الشريفين منذ قرون خلت يبجلون ويوقرون إمارة المؤمنين في بلاد المغرب الأقصى لانتساب السلاطين العلويين الفرع من الأصل لآل البيت النبي صلى الله عليه وسلم .والذين عرفوا بملوك سجلماسة كما أثبتت المصادر التاريخية المغربية ذلك لنزوح جدهم الحسن بن القاسم بن محمد من ينبوع النخيل من مدشر يعرف بأبي إبراهيم موضع له عيون كثيرة ونخيل يبعد عن المدينة النبوية ب( 30 كلم ) إلى سجلماسة .
قال صاحب " الأنوار الحسنية في نسبة من بسجلماسة من الأشراف المحمدية " ( ص: 26) في نزوح الشريف الحسن بن القاسم جد الأشراف العلويين للمغرب نقلا عن العالم ابراهيم أبي هلال في " مناسكه " ، والإمام الحافظ العلامة أبي محمد عبد الله بن علي بن طاهر بن الحسن . وهذه الكتب الثلاثة تعد هي العمدة في نزوح الشريف الحسن بن القاسم إلى المغرب :
" وذلك سنة أربع وستين وستمائة ( 664 هجرية 1265 م ) وسبب قدومه ان ركاب الحج المغربية كانت تتوارد بالحج على الأشراف هنالك ، وكان أميرهم إذ ذاك واحدا من اهل سجلماسة وهو السيد أبو إبراهيم ، فلما حج بعض السنين اجتمع هنالك على سبب سيدنا مولانا الحسن المذكور ، وكانت سجلماسة يومئذ خالية من سكنى الأشراف به افما زال به يحسن له موطنها والإقامة بالمغرب حتى استماله فاجمع السيد معهم وقدموا به مع ركبهم إلى المغرب فرغب في سكناه بلاد أهل سجلماسة " . ( الأنوار الحسنية / ص 26 - 27 / أحمد بن عبد العزيز الهلالي ) .
قلت : ومن المؤرخين ولا اريد التطويل من ذكر ان أمير ركب الحجاج المغاربة التقى بوالد الشريف الحسن وهو القاسم بن محمد سقى الله تربته وطلب منه أن يبعث معهم أحد أبنائه إلى سجلماسة بالمغرب لخلوها من الأشراف آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
انظر : كتب اليفريني ( المتوفي بعد الخمسين ومائة وألف ) (1150 - 1734) ، و ( نشر المثاني ) : لابن الطيب القادري : ( 1287 - 1871) و( الشجرة الشماء ) : لمحمد الزكي العلوي (ت : 1270- 1854 و( الأشراف..) لمحمد الطالب بن الحاج ( ت 1274 - 1858) . و ( الحادي المطرب : للزياني : ( ت 1249 - 1833 ) طبعة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية .و (مختصر الشرفاء ) عبد السلام القادري ( ت 1153-:1228) . و ( الجيش العرمرم ) لأكنسوس
(ت 1294 - 1877). و( الاستقصاء ..) للناصري ( ت : ...) . و ( الحلل البهية ) للمشرقي ( ت : 1839 - 1916 ) . طبعة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية . ومراجع توثيق مغربية اخرى يطول عدها .
قلت : إن العلاقات الوطيدة الشرعية بين دولة الأشراف العلوية بالمغرب وبلاد الحرمين لها جذور قوية منذ سنين ، فقد كان سلاطين المملكة الشريفة المغربية الأشراف العلويين يجهزون ركب الحجاج المغاربة بالهدايا والأموال والمصاحف والمخطوطات في موسم حج كل سنة لحكام الحرمين الشريفين مكة والمدينة ، وكان ركب الحجيج المغاربة من بين أرفع و وأعظم وفود الدول المسلمة لتمثيلهم الأشراف بالمغرب ، وهم الأدارسة والزيدنيين ( السعديين ) ثم السلاطين العلويين أبناء آل بيت النبي الأطهار صلى الله عليه وسلم في مواسم الحج . وبالخصوص الأشراف السلاطين العلويين أشراف سجلماسة كما كان يطلق عليهم ، وهو الموثق في المراجع .
فقد كان المولى إسماعيل قدس الله سره يكثر من الهدايا النفيسة للحرمين ومنها الذهب إلى الكعبة ويكرم أهل سقاية الحجيج . وكان وفود ركب الحجاج في عهده من كبار الأشراف والقضاة العلماء ، وكانت الدول التي يمر بها ركب السلاطين الأشراف المغاربة رضي الله عنهم تنتظر وفد حجاج السلاطين بالمغرب لتنظم إليه وهم فرحون مسرورون لأنهم التحقوا بركب آل بيت النبي الأطهار لحج بيت الله الحرام مع إكرام السلاطين المغاربة الأشراف لهم .
وقد زوج أمير المؤمنين السلطان العالم المولى محمد بن عبد الله قدس الله سره ابنته سكينة إلى أمير مكة والحجاز الملك سرور . مع إرساله قافلة من الصدقات والهبات لأهل مكة والمدينة .
وأرسل السلطان كذلك مصحفا مطروزا بالذهب والجوهر هدية للحرمين الشريفين منه .
وأوقفت أم الملوك العالمة الفقيهة السيدة الفاضلة للاخناتة بنت بكار المغافرية رضي الله عنها زوج السلطان امير المؤمنين المولى إسماعيل وسع الله عليينه في عهد حفيدها المولى محمد بن عبد الله قدس الله سره بساتين وحدائق وحقول للتمور في المدينة المنورة وقد ذكر العديد من المؤرخين المغاربة هذا بتفصيل ومنهم الدكتور عبد الهادي التازي في رسالته : " رحلة امير مغربي إلى ليبيا ) . وانظر ( اتحاف اعلام الناس ) لابن زيدان .
وأرسل السلطان العالم العبد التقي المولى سليمان سقى الله قبره وفدا سلطانيا رفيع القدر والمستوى يتقدمه ابنه الشريف المولى إبراهيم بن سليمان رحمة الله عليهما وضمن الوفد السلطاني أعلام من علماء المملكة الشريفة منهم : الفقيه العلامة الأمين بن جعفر الرتبي ، الفقيه العلامة الموقت الصادق بن عبد الخالق الوديي، الفقيه العلامة محمد بن إبراهيم الزداغي ، الفقيه العلامة القاضي العباس بن كيران ،وكما سبق ذكره كان يترأس ركب الحجاج الشريف بن الشريف إبراهيم بن المولى سليمان رحمة الله عليهم .
وقد التقوا بالملك محمد بن سعود رحمة الله عليه وقدم لهم احترامه وتبجليه لسلاطين المغرب الأشراف العلويين . وقد دار بين الوفدين في المجلس نقاشا وحوارا وكان الذي تولى الكلام في المجلس هو الفقيه العلامة القاضي الزداغي المراكشي . هذا بعد تقديم ركب الحجاج المغاربة هدية الشريف المولى سليمان العبد الصالح سلطان وقته إلى الكعبة المشرفة كعادة ملوك المغرب كل سنة .
انظر في هذا : ( الترجمانة الكبرى . والبستان الظريف للزياني و ( الجيش العرمرم ) لاكنسوس .و ( الاستقصاء ) للناصري . و( اتحاف اعلام الناس) لابن زيدان وغيرها من المراجع الموثقة المغربية .
وهكذا على مر التاريخ كانت علاقة دولة الاشراف العلوية وبلاد الحرمين من جهة وفود الحج كل سنة موثقة وقوية جدا ما لم يتحقق لأي دولة أخرى .
وزيارة وزير الحج والعمرة في بلاد الحرمين قبل أيام هي شهادة وإقرار واعتراف من بلاد الحرمين للعلاقات الوثيقة بين إمارة المؤمنين في المملكة الشريفة المغربية وبلاد الحرمين المملكة العربية السعودية من جهة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إمارة المؤمنين ، التي يسهر عليها رجال أكفاء خدام لإمارة المؤمنين وهم يبذلون جهدا كبيرا في كل موسم من مواسم الحج لاتباع توجيهات امير المؤمنين في هذا الشأن .والتي منها اتباع كل التدابير التي تأمر بها وتتبعها بلاد الحرمين في موسم الحج .
ومما ورد في رسالته اعزه الله بطاعته ووفقه الله للخير من نصائح لرعيته في موسم حج هذا العام 1444- 2023)التي تلاها خادم الاعتاب الشريفة ووصيه على الأوقاف والشؤون الإسلامية الاستاذ احمد التوفيف قوله أعزه الله ووطد لواءه : " لا يخفى عليكم ما يتطلبه القيام بفريضة الحج في تلك البقاع المقدسة من تقيد والتزام بالتدابير التنظيمية التي اتخذتها السلطات المختصة في المملكة العربية الشقيقة ، موفرة بضيوف الرحمن كل أسباب الاطمئنان ، لجعل موسم الحج على ما يتعين أن يكون عليه به من تجاوب وانضباط وأمن وأمان ، بتوجيهات سامية من أخينا الأعز الأكرم ، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية الشقيقة ، متعه الله بالصحة وطول العمر . وشد أزره بولي عهده اخينا الأعز الأبر صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان نائب رئيس مجلس الوزراء حفظه الله وأطال عمره وسدد خطاه . كما يطيب لنا في هذا المقام ان نعرب عن عميق اعتزازنا وبالغ إشادتنا بالعلاقات الأخوية التي تجمع بين مملكتينا وشعبينا الشقيقين " . انتهى .
بارك الله في عمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز .
وأعان الله ويسر امر المسؤولين على حجاج المملكة الشريفة لما يقدمونه من جهد لراحة الحجيج المغاربة واتباع نصائح امير المؤمنين في كل موسم للحج
وحفظ الله أمير المؤمنين محمد بن الحسن ورفع الله لواءه بعزته وكبريائه وبارك في عمره .
