رسالة "كورونا" إلى العالم !

الكاتب : عبد الإله سخير

17 مارس 2020 - 03:00
الخط :

من كان يصدق أن فيروسا متطورا من فصيلة الأنفلونزا، سيحدث هذا الشلل للعالم، بسبب معلومة واحدة تتعلق بعدم وجود لقاح مضاد للفيروس جعلت الجميع يستسلم للقدر المحتوم.

شيء واحد يجب الانتباه إليه، أن هذه الأزمة غير المسبوقة التي يمر منها العالم، الكل يتعامل معها بحسب أفكاره ومعتقداته السابقة - الكثير منها لم يعد صالحا-

لا احد حاول أن ينتبه إلى كون ما هو متطور ومحدث لا يمكن التحكم فيه بالمهارات والمعلومات السابقة فقط.

كورونا أثبت أنه متقدم وأفكارنا ومهاراتنا وطبيعة تكويننا هي المتخلفة وليس العكس.

لنلاحظ على سبيل الذكر أن رجال الدين عموما، تعاطوا مع الجائحة باعتبارها غضبا الاهيا، وانها نتيجة لما كسبت أيدي الناس، متناسين أنه ما من داء إلا وله دواء، وبالتالي ما صدر عن هؤلاء لا يقدم أجوبة للناس الخائفة من المجهول.

أما مدعو الفهم ومعرفة كل شيء، نتاج منصات التواصل الاجتماعي، فقد زادوا الطين بلة، بتشويشهم على عموم الناس وصناع القرار، فعوض أن يركنوا للصمت حتى يتسنى لذوي المعرفة الحقيقية مد الناس بما ينفعهم ولا يضرهم في مثل هذه الظروف الصعبة، نجدهم يواصلون نشر ضلالاتهم التي تزيد الأمور تعقيدا وتؤخر التوصل إلى الحل.

كورونا ليس مرضا فحسب، بل هو جائحة أصابت الاقتصاد العالمي في مقتل، انه يقول لنا باختصار، عليكم أن تنسوا كل ما تعلمتوه طيلة وجودكم في هذا الكوكب، وفكروا بطريقة أخرى إن أردتم التغلب علي.

انه يريد أن يفرض علينا عادات جديدة، وان نعيش في غرف مغلقة، ونحد من حركاتنا وطبيعة أنشطتنا المختلفة.

لقد فرض علينا عزلة طوعية أنسقنا إليها مرغمين دون حتى أن نفكر إن كان ذلك ناجعا أم لا.

كورونا لم يعد مجرد مرض بل تحول الى " برنامج" من نوع خاص لبني البشر يستهدف محو كل معارفنا السابقة ومهاراتنا في التغلب على الأزمات.. انه "فورماطاج بشري"..

يريد ان ينبهنا أن كل ما تعلمناه في السابق في كيفية التعامل مع الأشياء لم يعد صالحا... وعليكم أن تجتهدوا لكسب معارف ومهارات جديدة إن أردتم الاستمرار في العيش على ظهر هذا الكوكب.

كورونا يريد أن يتحكم في الدورة الاقتصادية وتنظيم العمل، لم يعد يريد المصانع والمعامل التي يتكدس داخلها المئات من العمال. إنه يفضل فقط العمل عن بعد، ويريد بذلك الإجهاز على منظومات العمل القائمة..

الأكيد أن العالم ما بعد كورونا لن يكون نفس العالم الذي عهدناه في السابق.

طيلة هذه الأزمة التي دخلت شهرها الثالث، لم يكف الثرثارون من أشباه المثقفين صنيعة منصات التواصل الاجتماعي، عن مواصلة الحديث عن الأزمة وتقديم الحل ونقيضه، غير منتبهين، أن العالم بات تحت رحمة قلة من العلماء المختصين في مكافحة الأوبئة الذين يواصلون الليل بالنهار للتوصل للقاح يزيل عنا هذا الغم.

كورونا يريد أن يقول  لنا باختصار أن أنظمة التعليم المتبعة، باتت بالية وغير صالحة لمواجهة الأزمات بالأحرى إن تكون وسيلة ناجعة للتنمية وإنتاج الثروة.

لقد كشفت الجائحة هشاشة الأنظمة الاقتصادية المتبعة، المبنية على الريع وليس الابتكار، التي استطابت وضعية أن تكون محمية غير قابلة للتكيف و تحصن نفسها من الانهيار.

أنظمة اقتصادية تستنزف الثروة، ولا تنتجها او تنميها، والنتيجة ما نراه حاليا من انهيار وإفلاس متسلسل لكبريات الشركات.

كورونا بحق أعاد البشرية سنوات ضوئية إلى الخلف، لكن بحق يمكن اعتباره نهاية لإنسان وولادة لآخر فهل وصلت الرسالة؟

آخر الأخبار