هل تسعى الإمارات لتكرار نظام السيسي بالجزائر؟

الكاتب : وكالات

23 مارس 2019 - 03:30
الخط :

قالت صحيفة “لومند أفريكا” إن الهدف الوحيد الذي تسعى الإمارات إلى تحقيقه في الجزائر هو إيقاف الحراك الشعبي، والعمل على إرساء نظام “ذي عضلات”، تماماً كما فعلت في مصر عبر نظام عبد الفتاح السيسي.

جاء ذلك في مقال للصحفي المعروف نيكولا بو، حول العلاقات المالية المتشابكة بين أصحاب النفوذ في الجزائر والإمارات، والذي نشرته الصحيفة في إطار سلسلة مقالات عن “الدبلوماسية العنيفة التي تتبعها الإمارات”.

وأكد الكاتب أن العلاقات المتينة بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأسرة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، تعود بداياتها إلى ثمانينيات القرن الماضي؛ عندما استقبله الإماراتيون وساعدوه على تخطي المصاعب المالية التي مر بها في تلك الفترة.

وأضاف: “بوتفليقة لم ينسَ ذلك (مساعدة الإمارات له)، وما كاد يصل إلى الحكم سنة 1999 حتى ترجم عرفانه بالجميل لحكام الإمارات إلى أفعال”، لكنه حافظ على استقلالية واضحة مع كل دول الخليج رغم قربه من أبوظبي، بحسب الكاتب. وأشار إلى أن العلاقات الثنائية مع قطر في عهد بوتفليقة ظلت مميزة، كما أيدت الجزائر تفاهمات مع “جماعة الإخوان المسلمين” في كل من ليبيا وتونس، على عكس العداء الواضح للإمارات لكل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية.

لكن نيكولا بو، شدد على أن هذا الحذر الدبلوماسي لم يرافقه أي حذر في التعامل المالي والصناعي مع الإمارات، حيث يدين الوجود الاقتصادي الإماراتي الكبير في الجزائر بالفضل لوصول بوتفليقة لسدة الحكم. ولفت إلى أن “الإماراتيين المعروفين باستراتيجية تسعى للسيطرة على الموانئ في العالم، مُنحوا حقوق التصرف في إدارة ميناء الجزائر العاصمة في وقت قياسي، رغم أن قطاع الموانئ استراتيجي دأبت الاستخبارات الجزائرية على التحكم به”

وأشار نيكولا بو إلى أنه في مرحلة لاحقة أسند النظام الجزائري الجزء الأهم من سوق التبغ في الجزائر إلى رجل الأعمال الإماراتي المقرب من بن زايد، محمد الشيباني، الذي عرف باستقراره في جناح بفندق الشيراتون في الجزائر العاصمة. وبحسب مصادر خاصة بالصحيفة، فإن عملاق الغاز الجزائري سوناطراك أسس في 2008 بنكاً في الإمارات ضخ فيه رأس مال يقدر بملياري دولار، سرعان ما ابتلعتها رمال الصحراء، كما وصفا الكاتب. وأكد أن “المبلغ بلا شك كان مساعدة قدّمها النظام الجزائري لدولة الإمارات لمواجهة الأزمة العقارية التي عرفتها الدولة الخليجية خلال تلك الفترة”.

وأشار نيكولا بو إلى أن قائد الجيش الجزائري، الجنرال أحمد قايد صالح، المتحكم في ميزانية سنوية ضخمة مخصصة للتسلح تقدر بـ11 مليار دولار، هو أيضاً مرحب به في الإمارات. الإمارات حشرت نفسها -حسب الكاتب- ضمن مشروع تعاون بين الجيش الوطني الجزائري من جهة، ومجموعة مرسيدس بينز الألمانية من جهة أخرى، لإنتاج عربات مصفحة “نمر”.

ووقعت مجموعة “توازن” الإماراتية اتفاقاً ضمن المشروع الجزائري الألماني لدعم الصناعات الميكانيكية في صلب وزارة الدفاع الجزائرية، لكنه لم يكن يستجيب للخيارات الاستراتيجية التي وضعها الجيش الجزائري في تعاونه مع الصناعة العسكرية الألمانية. مع هذا، والقول للكاتب، لم يجرؤ أي ضابط سامٍ في الجيش الجزائري على الاحتجاج ضد الأوامر الرئاسية التي تعرض المصالح الاستراتيجية الدفاعية للبلاد للخطر.

ولفت نيكولا بو إلى أن أثرياء الجزائر أودعوا ثروات بمئات الملايين من الدولارات في بنوك الإمارات، فعلى سبيل المثال علي حداد، أغنى رجل في الجزائر، والذي يوصف بأنه “حصالة عائلة بوتفليقة”، ويعرف بتردده كثيراً على الإمارات.

الأمر ذاته ينطبق على الإخوة كونيناف، شركاء شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة، والمخلصين لعائلة قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح والمقربين منه أيضاً، إذ أوجدوا لأنفسهم جذوراً في هذه “الجنة الضريبية الإماراتية”. وانتهى كاتب المقال إلى أن “ما نُسج من روابط مالية مشبوهة في كل من دبي وأبوظبي يفسر الحلف الصلب الذي نشأ بين عائلة بوتفليقة وأحمد قايد صالح في مواجهة التحركات الشعبية منذ اندلاعها، في فبراير الماضي”.

الجدير ذكره أن الإمارات كان لها دور بارز في تنصيب السيسي رئيساً لمصر، بعد انقلابه على الرئيس المعزول محمد مرسي، صيف عام 2013، حيث وفرت له الدعم المالي والعسكري، وفق تقارير أجنبية. وليس الأمر في مصر فحسب، بل إن بصماتها باتت واضحة في كل من ليبيا واليمن، اللتين تشهدان حرباً بين أطراف مختلفة أدت إلى تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلدين، ومقتل وإصابة مئات الآلاف.

دولية